وقع خلال الأيام الأخيرة عدد من الجرائم البشعة داخل نطاق الأسرة، فى محيط مديرية أمن القاهرة.. المثير للدهشة أن المتهمين تفننوا فى ارتكاب جريمتهم، فمنهم من ذبح أطفاله، وآخر سكب عليهم الكيروسين وأشعل النار فيهم، وقتل ثالث ابنتيه وألقى بجثتيهما فى الصحراء، وتجرد شاب من مشاعره وتخلص من جدته، وأكد علماء النفس والاجتماع أن مرتكبى تلك الجرائم مرضى بفصام الشخصية ويحتاجون العلاج، نظرا لاعتقادهم أن المحيطين بهم يشكون فى سلوكيات أسرهم، ما يدفعهم إلى ارتكاب جريمتهم. رصدت «المصرى اليوم» أبشع 4 جرائم وقعت فى محيط مديرية أمن القاهرة، خلال أسبوع واحد، واستطلعت آراء خبراء النفس والاجتماع حول الظاهرة، ووصفوها بـ«الخطيرة».
فى مدينة السلام، جددت النيابة حبس جزار 15 يوما، أنهى حياة أسرته بشكل مأساوى، وتبين من التحقيقات استعانته بصديقه وسكبا الكيروسين أسفل باب شقة أسرته، ليشعلا النار فى طليقته وبناته الأربع، لتنتهى حياة الأسرة بالحرق.
وقال الأب، عبر محضر الشرطة، إنه توجه إلى مطلقته لإعادتها إلى عصمته حفاظا على بناته، بعد علمه بتدنى مستواهم الدراسى، بسبب الانفصال، وعندما رفضت العودة قرر الانتقام منها من خلال الاستعانة بصديقه وتنفيذهما الجريمة، وقال خلال التحقيقات: «يا ريت كانت إيدى اتشلت قبل الجريمة».
وتبين أن وراء الواقعة كلا من «مظلوم. إ»، جزار، طليق المجنى عليها الأولى، ووالد المجنى عليهن من الثانية إلى الخامسة، إضافة إلى المتهم «أحمد. س»، وبمواجهتهما اعترفا بارتكابهما الواقعة.
وفى البساتين، جدد قاضى المعارضات حبس سائق ذبح طفلتيه وتخلص من زوجته بطعنات، وعلل ارتكابه الجريمة بضيق الحال وكثرة طلبات زوجته، ما دفعه إلى قتلها وذبح طفلتيه خوفا على مستقبلهما.
الواقعة التى أقدم عليها «رمضان أحمد»، سائق، المقيم فى البساتين، بقتله زوجته «أسماء» وطفلتيه «فرحة» 4 سنوات، و«بسملة»، 3 سنوات، تمتد إلى عدة سنوات مضت، كانت مؤشرا واضحا على أن المذبحة قادمة، خاصة أن الزوج كان دائم التعدى على شريكة حياته وطفلتيه، رغم شهادة جيرانها بحسن أخلاقها، فقد كسر قدمها مرة وأنفها مرتين، وتحملت قسوته خشية تشريد طفلتيها، اللتين اعتاد تعذيبهما.
وأمرت نيابة حلوان بحبس «ياسر.أ» 35 سنة، بائع متجول، لقتله بناته التوأم، وضبط واعترف بالواقعة لشكه فى سلوكهما، وأضاف فى التحقيقات أنه تقابل مع المجنى عليهما بمحطة مترو «كوتسيكا» واصطحبهما إلى منزله وخنقهما، ونقل الجثتين بـ «تروسيكل» وتخلص منهما، فى منطقة عزبة سلام بالمعصرة، وفر هاربا، ولفت إلى إضرامه النار فى التروسيكل، وبداخله الجثتان خشية التعرف عليهما.
وفى حدائق القبة، جدد قاضى المعارضات حبس «محمد. ج.»، عاطل، بعد قتله جدته أثناء نومها، واعترف فى التحقيقات أنها أفنت عمرها فى تربيته منذ أن كان رضيعا حتى صار عمره ٢٦ سنة، وأنه لم يخجل من تجريدها من بنطالها لسرقة ٣٠٠ جنيه، كان يعلم أنها تخفيها عنه، واعترف باعتدائه عليها وهروبه عقب ارتكابه الجريمة، وسارع خالا المتهم بتقديم بلاغ ضده واتهماه بقتل والدتهما، وضبط المتهم واعترف تفصيليا بالواقعة.
وقال الدكتور عادل يونس، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، إن جرائم القتل داخل الأسرة بشعة، وإن مرتكبى هذه الجرائم مريض نفسيا، وإن المرض كان كامنا داخله وليس وليد لحظة ارتكابه الجريمة، ووصف هذه الشخصيات بأنها غير سوية فى تعاملها مع محيط الأسرة أو المجتمع، وفى حالات كثيرة تصاب بالتهيؤات، ما يجعلهم يتخيلون، على سبيل المثال، مشاهدة عفريت يخنق أحد أفراد أسرته، فيقتل أحدهم، وهو فى هذه الحالة يتخيل أنه يقتل العفريت.
وأشار يونس إلى أن هذه الشخصيات مصابة بفصام الشخصية والشك الدائم؛ فالذى يقتل زوجته أو أطفاله لشكه فى نسبهم أو سلوكهم مصاب بالفصام، وهو سلوك مرضى غير مألوف، ويجب عليه التوجه إلى طبيب نفسى لتقويم سلوكه، لأنه يحتاج لنوعين من العلاج؛ الأول نفسى، والثانى دوائى، ليتجنب تفاقم المرض أو التورط فى جرائم بشعة.
وقال أساتذة اجتماع، طالبوا عدم الكشف عن أسمائهم، استجابة لقرار وزيرة التضامن بمنعهم من الظهور عبر وسائل الإعلام، انهم أمام ظاهرة خطيرة.
وأوضح أحد أساتذة الاجتماع، أن جرائم القتل الأسرى لها أبعاد؛ أبرزها «الاقتصادى»، فمعظم الجرائم بسبب الفقر والعجز عن توفير نفقات الأسرة، وأن البعد الثانى يتعلق بالشرف، ولفت إلى انتشار جرائم تخلص فيها رب الأسرة من زوجته لشكه فى سلوكها؛ ثم التخلص من أولاده لشكه فى نسبهم.
وأشار إلى أن الذين يرتكبون هذه جرائم يشعرون بأنهم مراقبون من المجتمع، وأن الجميع يتحدث عنهم، وهو أمر غير حقيقى؛ فالمتهم يحاول تبرير جريمته قبل ارتكابها؛ فيُخيل له أن الناس يتحدثون عنه وزوجته وأطفاله؛ فيقرر الخلاص منهم انتقاما لشرفه.
وأكد أستاذ علم النفس، أن القضية خطيرة ويجب التنويه عنها عبر وسائل الإعلام، لتجنب ارتكاب مثل هذه الجرائم لأتفه الأسباب، دون التأكد من صحة ما يتخيله أو يرسخ فى ذاكرته دون يقين.