يفتتح اليوم فى الأقصر مهرجان السينما الأفريقية الخامس الذى تنظمه مؤسسة شباب الفنانين المستقلين برئاسة سيد فؤاد وإدارة عزة الحسينى، والذى أصبح من أهم الأحداث الثقافية فى مصر على مختلف الأصعدة، يعرض فى الافتتاح الفيلم المصرى «نوارة» إخراج هالة خليل فى عرضه الأول فى مصر، بعد أن كان عرضه العالمى الأول فى مهرجان دبى فى ديسمبر الماضى.
ومن أهم برامج المهرجان هذا العام تلك التحية التى يوجهها إلى مهرجان قرطاج فى تونس بمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبى لأولى دوراته (1966-2016) بعرض عدد من الأفلام الأفريقية التى فازت بجوائزه الذهبية، إنها تحية من أحدث مهرجان للسينما الأفريقية إلى أعرق مهرجان لهذه السينما فى العالم كله، وليس فى العالم العربى فقط، وقد بدأ قرطاج السينما واسمه الرسمى «أيام قرطاج السينمائية» كمهرجان دولى يعقد كل عامين، ولكنه خصص المسابقة للأفلام العربية والأفريقية ابتداءً من دورته الثانية عام 1968.
كانت السينما الوحيدة فى العالم العربى وأفريقيا السوداء هى السينما المصرية التى شهدت عصرها الذهبى مع عرض فيلم «الوردة البيضاء» إخراج محمد كريم عام 1933، وحتى تأميم السينما عام 1963، وقدمت فى ذلك العصر ما يطلق عليه كاتب هذه السطور «مدرسة السينما المصرية» فى ألف فيلم ويزيد.
حرصت على قبول دعوة قرطاج من 1968 إلى 1978، ولم أحضر دورة 1980 لمنعى من السفر خارج مصر آنذاك لأسباب سياسية، ثم عاودت قبول الدعوة من 1982 إلى 1988، وفى عامى 1990 و1994 حالت ظروف خاصة دون سفرى، وحضرت دورة 1992، وكانت الدورة الثانية عشرة بالنسبة لى عام 1996، وأثناء حضورى هذه الدورة عدت ذات يوم إلى غرفتى فى الفندق فوجدتها قد فتشت فى غيابى وأخذت منها كل أوراقى، وتعمد المفتشون ترك كل شىء مبعثراً هنا وهناك، قلت لنفسى الرسالة وصلت، وغادرت تونس، ولم أذهب إليها حتى الآن.
قرطاج السينمائى هو المهرجان الوحيد فى العالم وفى تاريخ كل المهرجانات الذى واكب ولادة وتطور السينما فى أكثر من 70 دولة عربية وأفريقية، وأصبح تاريخه هو تاريخ السينما فى هذه الدول باستثناء السينما المصرية. من دون قرطاج كان من الصعب إن لم يكن من المستحيل بالنسبة لى وأغلبية نقاد العالم مشاهدة أهم الأفلام التى أنتجت فى تلك الدول، وخاصة فى أفريقيا السوداء. وكان لى شرف المساهمة فى تطوير المهرجان والتعريف به فى العالم العربى والعالم، وتشهد على ذلك الرسائل التى كان يرسلها لى الطاهر الشريعة، والتى تجاوزت 500 صفحة بخط يده، وسلمتها كاملة إلى جمعية نقاد السينما فى تونس عام 1996 لتُحفظ فى أرشيف الجمعية.
تحية إلى أيام قرطاج السينمائية فى اليوبيل الذهبى، بعد أن أصبحت مهرجاناً سنوياً بعد ثورة تونس العظيمة عام 2011، وأتمنى التمكن من إصدار كتاب شامل عن تاريخ المهرجان.