الأرز واحد من أهم مكونات الوجبات الرئيسية للمصريين، تكاد لا تخلو سفرة الطعام من وجوده، خاصة فى أوقات أزمات الخبز، لأسباب تتعلق بتوافره وثبات أسعاره نسبياً، قبل أن يصبح على أعتاب التحول إلى سبب أزمة جديدة، بعد تضاعف أسعاره واستحواذ تجار وشركات القطاع الخاص وحدهم على أطنان محصوله التى تقدر بخمسة ملايين طن شعير سنوياً. لأول مرة تمتنع الدولة عن تسعير الأرز وشراء مخزونها الاستراتيجى من المزارعين، تاركة السوق مفتوحة على مصراعيها أمام القطاع الخاص للتعامل مباشرة مع الفلاح، بأسعار حددها التجار أنفسهم، لم تتجاوز 1700 جنيه للطن، فى الوقت الذى طرحوه فيه للتداول فى الأسواق المحلية بنحو 4300 جنيه للطن و6 آلاف لما تم تهريبه خارج البلاد، ليرتفع سعر الكيلو إلى 7 جنيهات. وفى هذا التحقيق رصدت «المصرى اليوم» مراحل تداول الأرز والأسباب التى أدت إلى تضاعف سعره خلال شهرين فقط.
بارتفاع تجاوز الخمسة أمتار، نسج العنكبوت خيوطه حول هياكل ماكينات مضارب الأرز الحكومية، وكأنها تسعى، على ضعفها، لتطويقها والحفاظ عليها حتى تعود للعمل بعد توقف دام قرابة عام للمرة الأولى منذ تأسيسها فى ستينيات القرن الماضى.المزيد
بين الماكينات المتوقفة عن العمل والمخازن الخاوية على عروشها، افترش أحد عمال مضرب تبييض الأرز، بالمحلة الكبرى، جوالاً قديماً من أجولة الأرز ليجلس فوقه، متكئاً بظهره على أحد الجدران أمام ماكينات المضرب الضخمة، متحسراً على مشهد توقفها عن العمل، بعد أن كان يديرها بيديه على مدار 25 عاماً.المزيد
امتناع الدولة عن إصدار قرارها بتسعير الأرز ألقى بصداه داخل أسواق تجارة الجملة والقطاعى، التى فوجئ تجارها بارتفاع أسعار توريده من المضارب. ففى سوق الساحل لتجارة الجملة، والتى فرض عليها موقعها الرابط بين محافظات القاهرة الكبرى عبر كورنيش النيل لتكون واحدة من كبرى أسواق الجملة، فضلاً عن كونها حلقة الوصل الوسطى فى تداول كبرى تجارات الحبوب من منبع الحصاد ثم إلى تجار القطاعى ومنهم للمستهلك، نجد أن الزيادة قاربت الضعف، حيث بلغ سعر الطن 4000 للأرز الرفيع و4300 للعريض، كما نجد أن تجار القطاعى يوزعونه بـ4800 جنيه، وهى الأسعار التى حددها أصحاب المضارب هوائياً بعد شراء المحصول من الفلاح بسبب عدم تسعير الدولة له، رغم أن الفلاح يبيع الطن بـ1700 جنيه.المزيد
شهر واحد يفصل المزارعين عن غرس شتلات الأرز هذا العام، وهو القرار الذى بات محيراً لكثير منهم بعد توقف الدولة عن تسعيره، وترك الفلاح فريسة لمساومات التجار لشراء المحصول.المزيد
منذ قرابة العام ونصف العام، خاطب الخبير الزراعى الدكتور عبدالعظيم طنطاوى، رئيس اللجنة القومية للأرز، وزير الزراعة، محذراً إياه من عدم تسعير محصول الأرز وإهمال توفير مخزون استراتيجى من الإنتاج لا يقل عن نصف مليون طن، فضلاً عن أهميته فى تنشيط قطاع الأعمال بمضارب الدولة، والحفاظ على القوة العاملة فيها، وصرف مستحقاتهم، لكن أحداً لم ينصت لنصائح الخبير الزراعى، الرئيس الأسبق لمركز البحوث الزراعية، وتعاملت الدولة مع المذكرة بالتجاهل، الأمر الذى صب فى النهاية لصالح القطاع الخاص دون سواه.المزيد