x

الدراما تنعش سوق الغناء

الإثنين 11-10-2010 19:43 | كتب: محسن محمود |
تصوير : اخبار

فى ظل حالة الانهيار التى سيطرت على سوق الكاسيت، والتى أجبرت عدداً كبيراً من صناع الموسيقى على الجلوس فى منازلهم والابتعاد عن تقديم أى أعمال جديدة، أنعشت دراما رمضان صناعة الموسيقى هذا العام، وتخطى عدد الأغنيات التى احتوتها المسلسلات أكثر من 300 أغنية شارك فيها عشرات الشعراء والملحنين والمطربين والموسيقيين، بعضها حقق نجاحا فاق كل التوقعات، بل تخطى نجاح أغنيات ألبومات الكاسيت، خاصة أن صناع الدراما استخدموا أغنيات التترات فى جذب انتباه الجمهور للمسلسلات قبل عرضها، كما استغلوها فى الكليبات الغنائية التى تسبق عرض المسلسل، ولم يقتصر غناء التترات على المطربين المصريين فقط بل ضمت مطربى الخليج ولبنان وسوريا، وأيضا المطربين الشعبيين الذين استحوذوا على نصيب الأسد هذا العام.


واستوعبت الدراما عددا آخر من المطربين الذين خاضوا المنافسة كممثلين من خلال مسلسلات قدموا خلالها تجارب غنائية جديدة، فقدم محمد فؤاد أكثر من 10 أغنيات فى مسلسل «أغلى من حياتى»، أما مصطفى قمر فاكتفى بـ6 أغنيات فى مسلسل «منتهى العشق»، وقدمت مى كساب 7 أغنيات فى «العتبة الحمرا»، ومن المتوقع أن تشهد السنوات المقبلة إقبال عشرات المطربين على العمل فى الدراما. «المصرى اليوم» طرحت سؤالا على صناع الغناء والموسيقى وهو: هل استوعبت الدراما سوق الغناء، وأنقذتها من الانهيار؟


اعترف على الحجار بأن مسلسل «السائرون نياما» لم يحقق نسبة مشاهدة عالية بسبب مواعيد عرضه، ومع ذلك طالبه الجمهور بطرح ألبوم يضم أغنيات المسلسل التى يصل عددها إلى 45 أغنية، بخلاف أغنيات مسلسل «شيخ العرب همام» التى حققت نجاحا كبيرا، وقال: هذا دليل على الحالة الغنائية التى ولدت من خلال دراما رمضان، والتى عوضت حالة الانهيار التى تمر بها سوق الكاسيت، فعدد شركات الإنتاج عام 1998 وصل إلى 380 شركة فى مصر و90 شركة فى باقى دول الوطن العربى، أما الآن فقد اقتصر الإنتاج فى مصر على شركتى «عالم الفن» و«فرى ميوزيك»، وفى الوطن العربى على «روتانا» بالإضافة إلى عدد محدود جدا من الشركات الإنتاجية يقتصر دورها على التوزيع فقط.


واعتبر الحجار أن تترات المسلسلات تسببت فى انتعاشة كبيرة، ليس للمطربين فقط بل للشعراء والملحنين والاستديوهات ومهندسى الصوت والموسيقيين بسبب الكم الهائل من الأغنيات، التى فاق عددها إنتاج المطربين على مدار العام، وقال: مستوى الأغنية ارتفع جدا خلال شهر رمضان، ولم نستمع إلى لحن مسروق أو تافه، حتى فى الأغانى الشعبية الجميلة التى يصلح أن يغنيها الحلو أو مدحت صالح أو هانى شاكر أو حتى أنا لأنها تناسب فقط المطربين الشعبيين الذين حققوا نجاحا كبيرا هذا العام، خاصة تتر مسلسل «الحارة»، كما استوعبت دراما رمضان عدداً من المطربين- مثل محمد فؤاد ومصطفى قمر- وتقديمهم عدداً من الأغنيات داخل المسلسلات.


ويرى الحجار أن شركات الإنتاج الحكومية مثل «صوت القاهرة» يجب أن يكون لها دور فى دعم الفن، والارتقاء بالذوق العام ولا يصح اقتصار دورها على البحث عن المكسب المادى، ويجب أن تستغل حالة النجاح التى حققتها تترات وأغنيات المسلسلات بطرحها فى الأسواق خاصة بعد نجاحها مقارنة بالألبومات، فتتر المسلسل يذاع أكثر من 200 مرة خلال العام بالإضافة إلى حرص عدد كبير من الجمهور على مشاهدة المسلسلات مما جعل هذه التترات محفوظة، فمثلا الجمهور حفظ تترات «العار» و«الحارة» قبل عرض المسلسلين من خلال الدعاية المكثفة، كما تسبت تترات المسلسلات فى إعادة اكتشاف مواهب جديدة مثل آدم بالإضافة إلى عودة مطربين ابتعدوا عن الساحة مثل لؤى، ولن أنسى عبقرية الموسيقى التصويرية لعمر خيرت فى مسلسل «الجماعة»، فما حققته دراما رمضان فشلت سوق الكاسيت فى تحقيقه.


وصف الشاعر جمال بخيت، الذى استحوذ على نصيب الأسد بـ45 أغنية أذيعت ضمن أحداث مسلسل «السائرون نياما»، دراما رمضان بأنها أصبحت «الملجأ للشعراء والملحنين» بسبب حالة الانهيار والكساد التى سيطرت على سوق الكاسيت. قال: بعد تضاعف عدد المسلسلات خلال شهر رمضان كان من الطبيعى الاستعانة بالشعراء والملحنين أصحاب المواهب فى مجال الأغنية، وأصبحت المنفعة متبادلة من الجانبين، فبالنسبة لى لن أجد فرصة لكتابة 50 أغنية فى الوقت الحالى إلا من خلال مسلسل، كما أصبحت أغانى المسلسلات هى الأهم لأنها تبقى فى الذاكرة ويتم تحميلها من الإنترنت ويتبادلها الناس من خلال الهواتف المحمولة، وفى الحفلات الغنائية يطالب الجمهور المطربين بتقديمها أكثر من أغانى الألبومات، كما أن الشاعر عندما يكتب للدراما يتحرر من فكرة السوق ولا يبحث عن أغنية «تضرب» لأنها تخضع لمسألة تجارية بحتة، فالغناء فى الدراما تنطبق عليه مواصفات الفن الجميل، لذا يكتب الشاعر أفضل ما لديه.


أكد جمال بخيت أن دراما رمضان أخرجت جيلا من الشعراء الجدد قدموا أعمالا متميزة، وقال: أتمنى أن تساهم أغنيات المسلسلات فى عودة الريادة للأغنية المصرية، كما أن التتر أصبح عاملاً مهماً لجذب الجمهور قبل عرض المسلسل لكن من الصعب أن يتسبب تتر فى نجاح مسلسل دون المستوى حتى لو كانت الأغنية جميلة، وأحب أن أشيد بمستوى تتر «الحارة» وبإسلام خليل الذى استخدم الكلمات بأسلوب جميل جدا.


حدد الملحن محمود طلعت عام 2003 واعتبره العام الذى بدأت تأخذ فيه تترات المسلسلات شكلا مختلفا، وقال: منذ إذاعة تتر مسلسل «إمام الدعاة» لمحمد فؤاد، ومع تطور الإنترنت، لم يعد الجمهور يستمع إلى تتر المسلسل فى التليفزيون فقط، بل يتم تحميله على الهواتف المحمولة ومن هنا بدء التنافس يشتد، واهتم صناع الدراما بالتترات، فأصبحت عنصرا أساسيا، لذلك استوعب موسم مسلسلات رمضان حالة الكساد التى سيطرت على صناع الموسيقى، وأصبح التتر نافذة للشعراء والملحنين والمطربين، لكنى بشكل شخصى بعيد تماما عن العمل فى مجال التلحين لمطربى الكاسيت، فقد تخصصت منذ 16 عاما فى تلحين التترات والموسيقى التصويرية للمسلسلات الدرامية لأنها سهلة الحفظ ومرتبطة بموضوع محدد، وفى رأيى أن نسبة أغنيات التترات التى نجحت لا تعتبر كبيرة.


«مولد أكل العيش»، بهذه الجملة وصف الشاعر الغنائى إسلام خليل حالة الانتعاش التى سيطرت على مجال الغناء خلال شهر رمضان، وقال: لن أنكر أن مسلسلات رمضان «فتحت بيوت كتيرة» وعوضت حالة التردى التى وصلت لها سوق الكاسيت، وبالرغم من الشللية التى سيطرت على تترات رمضان طوال السنوات الماضية فإن عدداً كبيراً من الشعراء والملحنين الجدد حصلوا على فرص هذا العام وحققوا نجاحا كبيرا وغير متوقع، واستحواذ عدد من الشعراء والملحنين على معظم التترات تسبب فى تشابهها فى المفردات والألحان، وقد فوجئت برد فعل رهيب بعد عرض تتر مسلسل «الحارة» والبعض تعجب لأنى كتبت بهذا الأسلوب بالرغم من أن هذه هى الطريقة التى أكتب بها منذ بداياتى فى قصور الثقافة والمسرح، لكن استخدامى مفردات بسيطة فى الأغنيات التى أكتبها لشعبان عبدالرحيم والمطربين الشعبيين هو الذى خلق هذا الانطباع، وقد أثبت أن لدىّ القدرة على الكتابة بهذا الأسلوب، وأغنية «الحارة» يتم تحميلها على الهواتف المحمولة، وسائقو «التوك توك» يعتبرونها الأغنية المفضلة لديهم، ويتم تشغيلها فى الأفراح حاليا لأنها تمس الإنسان البسيط رغم أننى لم أقرأ سيناريو المسلسل، واعتمدت على شرح بسيط لفكرته.


إسلام يرى أن سوق الكاسيت انتهت تماما، وأصبحت المسلسلات المتنفس الوحيد للشعراء والملحنين والمطربين، خاصة أن الأجور فى المسلسلات مختلفة عن الألبومات ويتم التعامل معها بمنطق المنتج المنفذ الذى يحصل على مبلغ محدد ويتولى مهمة تكوين فريق عمل الأغنية بالكامل، وفى النهاية يسلمها لجهة الإنتاج، وقال: فى تتر «الحارة» استعنت بالملحن والموزع ودفعت أجور الموسيقيين والاستديو، ولم تتخط تكلفته 60 ألف جنيه.


المطرب الشعبى طارق الشيخ لم يتوقع نجاح تتر «الحارة» بهذا الشكل، وقال: تلقيت عرضاً لغناء التتر منذ فترة طويلة، لكن لم يحدث نصيب واستعانوا بمطرب آخر، وبعد فترة أعادوا ترشيحى مرة أخرى، وبعدما سجلته عدلت فقط فى طبقات الصوت، وأصبحت الأغنية هى الأكثر طلبا فى الأفراح والحفلات الغنائية. «الشيخ» كان يعتبر تتر المسلسل مثل أى أغنية أخرى يقدمها فى ألبوم، خاصة أنه لم يكن يعرف حجم وقيمة النجوم المشاركين فى المسلسل، لكن الوضع اختلف بعد عرض «الحارة»، وقال: التتر الناجح أفضل من 100 ألبوم، فقد عوض غيابى عن الساحة الفنية لأكثر من أربع سنوات، فقد ساهمت الدراما فى حالة الانتعاش التى يعيشها حاليا صناع الموسيقى، وخلقت انتشاراً واسعا للمطربين، نظرا لوجود جمهور كبير للمسلسلات على مستوى الوطن العربى.


 أكد المنتج نصر محروس أن أغانى التترات لا تصلح إلا لشهر رمضان فقط، بل يرى أنها لا تستمر لفترة طويلة بخلاف ألبومات الكاسيت، وقال: التترات عوضت الجمهور بنسبة 60%، وهى أعمال متميزة لكنها أقل فى المستوى من السنوات الماضية بدليل أنه لا توجد أغنية حققت نجاحاً مماثلا لتتر «حمادة عزو» الذى قدمه هشام عباس، واستثمار التترات عن طريق طرحها فى الأسواق لن يحقق نجاحا لعدة أسباب، أهمها انهيار سوق الكاسيت بالكامل، كما أنها متوفرة على الإنترنت، ومعلومة ارتفاع أجور الشعراء والملحنين خلال شهر رمضان بسبب زيادة الطلب عليهم غير صحيحة، فالأجور ثابتة ولم تتغير منذ فترة طويلة بل يوجد انخفاض بسيط فيها، ومعظم المطربين يتعاملون معها بمنطق «النحتاية» أو لزيادة أسهمهم فى النجاح.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية