«علماء الغد» هم مجموعة من التلاميذ لم تتجاوز أعمارهم 10 سنوات، استطاعوا الحصول على الشهادة الدولية فى الحاسب الآلى من منظمة اليونسكو الدولية، التى فشل كثيرون من الكبار والبالغين فى الحصول عليها، أحبوا استخدام الكمبيوتر والتكنولوجيا الحديثة، فتقدموا للامتحانات الدولية، التى توضع بمعرفة كبار خبراء منظمة اليونسكو الدولية.
«عند التقدم للامتحان يلقون إعجاباً كبيراً من باقى الممتحنين الكبار بسبب صغر سنهم».. بهذه الكلمات بدأت المهندسة وفاء حسن على، المشرفة على تدريب الطلبة، كلامها قائلة: «إنها المرة الأولى التى يحصل فيها طفل على شهادة المنحة الدولية لقيادة الحاسب الآلى، حيث تصل أعمار الأطفال الحاصلين عليها إلى ما تحت العشرة أعوام».
وأضافت: «إنها المرة الأولى على مستوى الجمهورية، التى يحصل فيها طلاب فى هذه السن الصغيرة على شهادة(ICDL)، فلم يحصل عليها أى طفل على مستوى الجمهورية، وتقوم إحدى المدارس الخاصة بتدريب الطلبة، وإعطائهم الدورات اللازمة فى الـ7 أقسام التى يشملها الامتحان، بحيث يدخل التلميذ الامتحان وهو على علم بكل صغيرة وكبيرة فى الأقسام السبعة، وحينها يقوم بالتوجه إلى أحد مراكز التدريب الدولية المعتمدة التابعة لمنظمة اليونسكو، التى تتعاقد مع وزارة الاتصالات فى تقديم منحة للطلبة، ويقوم الأطفال بالتقدم للامتحانات».
7 أقسام أو«MODULS» يمتحن فيها طالب منحة الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلى، على أن تكون الامتحانات كلها باللغة الإنجليزية، ويقوم الطلاب بترجمة الامتحانات والإجابة عنها دون أى مساعدة من أحد.
ولا يقتصر الإنجاز على المدارس الخاصة فقط، بل يمتد إلى مدارس الحكومة التى قد يظن البعض أنها قد تلقى اهتماماً أقل من المدارس الخاصة.
وقالت ندا باهر، إحدى الطالبات: «من قال إن التعليم والتميز حكر على أحد، نحن نحصل على التدريب، ثم نتجه للامتحان فى أحد المراكز الدولية، حيث يستمر التدريب لمدة شهرين، وبعدها نمتحن ثم نحصل على الشهادة».
وأضافت وفاء: «أكثر ما يميز امتحانات منظمة اليونسكو أنها جميعها باللغة الإنجليزية، وجميع الامتحانات التى يدخلها الطلاب باللغة الإنجليزية، ولم تكن هناك إمكانية لترجمة امتحاناتهم أو جعلها أسهل من الامتحانات التى يدخلها البالغون، لذلك نقوم بإجراء امتحان قدرات لاختبار الطلبة فى اللغة والكمبيوتر قبل البدء فى عملية التدريب، ويكون أغلبهم من الطلبة النابغين».
وتابعت: «أكثر ما أذهلنى أثناء تدريب هؤلاء الطلبة أنهم يدرسون بدافع حب العلم، خاصة للغة الإنجليزية والكمبيوتر والتكنولوجيا، فلا يعتبرون المواد التى يدرسونها عبئاً عليهم».
واستطردت: «يدرس الطلاب ما بين الصفين السادس الابتدائى والثالث الإعدادى، وهى السنة الثالثة التى يتم تدريب الطلاب بها، حتى وصل عددهم إلى أكثر من 30 طالباً، أغلبهم تحت سن العاشرة»، وأضافت: «هذه المنحة تقدم لها العديد من البالغين ولكن الكثير منهم فشل فى الحصول عليها بسبب صعوبتها، ومعظم الدراسة بها باللغة الإنجليزية».
وقالت وفاء: «بدأت التجربة بإقدام إحدى المدارس الخاصة على تدريب الأطفال، ومن بعدها فتحت المجال لمدارس أخرى بباقى الأحياء فى الإسكندرية، ورغم ما يميز حى مينا البصل أنه ليس من الأحياء الفاخرة فى الثغر، لتقديم أولادهم للحصول على الشهادة، لا تشترط المدارس شروطاً معينة حتى يتقدم الطالب لامتحان الكمبيوتر، إلا أن يتعدى امتحان القدرات الذى تقوم بوضعه على أن يكون أعلى من مستويات الطلاب العاديين، حتى يكون هناك نوع من التميز بينه وبين باقى الطلاب».
صفاء محمود، إحدى الطالبات بمدرسة المروة الابتدائية، تقول: «حصلت على الشهادة العام الماضى، واختلف تعاملى مع الكمبيوتر، فأصبحت أستطيع التعامل مع البرامج المعقدة فيه مقارنة بمن هم فى مثل سنى، وأصبحت أستفيد منه فى دراستى، حيث أستخدم برنامج الـ(POWER POINT) فى عمل أبحاث مادتى العلوم والدراسات، وغيرهما من المواد الأخرى». واجهت «صفاء»، كما تقول، بعض الصعوبات فى امتحانات قسم الـ«IT» ولكنها نجحت فى التغلب على المشكلة بتكثيف دراستها، حتى تخطت الامتحان بجدارة.
وقال مصطفى محمد، أحد الطلاب: «يشترط فى الامتحانات أن يتخطى الممتحن درجة الـ75٪، وهو ما تعداه معظم الأطفال، ورغم اعتماد بعض المواد على اللغة الإنجليزية فى المقام الأول، إلا أن الأطفال لهم نفس الامتحانات التى يمتحنها البالغون». يقول خالد مراد، أحد الطلاب بمدرسة القبارى الابتدائية: «كان الكبار ينظرون إلينا باستغراب أثناء تأدية الامتحان، خاصة فى أقسام معينة صعبة مثل«IT» الذى يعتمد فى الأساس على اللغة الإنجليزية».
وأضاف: يحلم الأطفال الحاصلون على الشهادة بتكملة المنحة، والحصول على المرحلة المتقدمة منها عالمياً، فى الأقسام الأربعة الرئيسية وهى: «power point - word - excel - access»، وتحقيق شهادات دولية بها على مستوى العالم.
من جانبه، قال المهندس يوسف حرب، صاحب المدرسة التى قدمت المنحة المجانية للتلاميذ، للحصول على شهادة الـ«ICDL»: «قبل إنشاء المدرسة اخترت منطقة مينا البصل لكونها مسقط رأسى، ومنطقة تحتاج إلى كثير من الاهتمام، فقمنا بتقديم مزيد من الاهتمام بمادة الكمبيوتر، وجهزنا معامل ومناهج متطورة خاصة بهذه المادة».
وأضاف «حرب»: «إن الهدف من هذه المنحة هو إعداد جيل قادر على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، حتى فى هذه السن الصغيرة، فاخترنا أول مجموعة من تلاميذ المدرسة، وتم تدريبهم تدريباً مكثفاً أثناء الإجازة الصيفية، ثم تقدموا للامتحانات الـ7 المؤهلة للشهادة، ونجحوا فيها جميعاً وحصلوا عليها موثقة من اليونسكو».
أكثر ما كان مدهشاً فى هذه المنحة، حسبما يقول «حرب»، أن هناك أطفالاً فى سن العاشرة حصلوا على الشهادة، فكان إنجازاً بكل المقاييس، إذ إنهم بهروا العالم، خاصة أن الأطفال فى هذه السن الصغيرة كانوا يمتحنون نفس الامتحانات التى يدخلها الكبار والتى عجز بعض الكبار عن تجاوزها. وحول المنحة قال: «عبارة عن منحة مجانية قامت المدرسة بتقديمها لجميع تلاميذ المدارس الحكومية والخاصة فى إدارة غرب التعليمية، وتقدم إليها المئات من التلاميذ، وبعدها تم إجراء اختبارات لهم وانتقاء 13 طالباً من المرحلة الإعدادية، و7 تلاميذ من المرحلة الابتدائية، وخططنا برنامجاً مكثفاً لشرح هذا الكم الكبير من مناهج الكمبيوتر فى فترة وجيزة لا تتعدى الشهرين فى الإجازة الصيفية، وبعد ذلك تم تدريبهم على الاختبارات ثم تقدموا إليها».
وأكد أن المنحة مستمرة طوال العام، وبالأخص للطلاب فى إدارة غرب التعليمية، وأن الفرصة متاحة للتقدم فى أى وقت، على أن يتم التقدم باسم المدرسة، دون الأخذ فى الاعتبار إذا كانت خاصة أو حكومية، وطالب بأن يكون اهتمام التلاميذ وأولياء الأمور أكثر بمادة الحاسب الآلى حتى نستطيع أن نصنع أجيالاً مقبلة على المستقبل ومتسلحة بالتكنولوجيا الحديثة، ومنها الحاسب الآلى. وطلب مشاركون فى المنحة وأولياء أمور بأن تضاف هذه المهارات إلى الدرجات والعلامات الدراسية التى يحصلون عليها بباقى المواد، مثل درجات القدرات التى يحصل عليها الطلاب النابغون فى الجانب الرياضى والنواحى الفنية، كنوع من التشجيع الدراسى لهم، وهو الطلب الذى تقدمت به معظم المدارس التى حصل بها الأطفال على المنحة، بحيث يشجعهم فى المجال الدراسى.
وقال مصطفى على، أحد الطلاب: «هذه المرة حصلنا على الشهادة، ولكن فى المرة المقبلة سنقوم نحن بهذه الاختراعات بأنفسنا، ونحصل على شهادات على المستوى العالمى، فلن نكتفى بأن نتلقى نحن العلم من الغرب والخارج، بل علينا أن نقوم نحن بتصدير العلم لهم».
منهم من يحلم بأن يصير طبيباً أو مهندساً أو ضابطاً، ولكن ما أجمع عليه معظم التلاميذ هو رغبتهم فى أن يفيدوا البلد، وأن ينبغوا فى أحد المجالات الخاصة بالتعامل مع الكمبيوتر، بدافع حبهم للعلم، وأملهم فى الحصول على مراكز عالمية فى اختراعات الكمبيوتر.