في زمن الدراما السريعة كوجبات «ماكدونالدز» و«كنتاكى» المفتقدة للغذاء الصحى، غابت نجوم وانطفأت شمعتها وقررت الاعتكاف بعيدا عن أضواء الفضائيات والبلاتوهات المستوردة من تركيا بأسلوب أقرب إلى الاستنساخ الأعمى منه إلى الاقتداء المحمود.. ومن وسط «الوجبات الدرامية المسلوقة»، وقعت العين على «أريد رجلا» كعمل فنى ينتمى على هذه الفصيلة من الدراما المعاصرة، على مستوى الديكور والملابس والموسيقى التصويرية بل والأداء التمثيلى أيضا، والبند الأخير تحديدا كانت لنا معه وقفة اليوم.. وقفة مصدرها جملة محددة على تتر بداية العمل تقول :«كل هؤلاء يلتقون مع النجمة القديرة سهير المرشدى»!!
ومن هنا تحمس المرء لمشاهدة العمل ومتابعة أحداثه مع خروج واحدة من «ساكنات» قصور «الفن الجميل» كلمة وإخراجا وأداء.. انضمت بتاريخها وسيرتها إلى كتيبة الشباب تتحدى نجومية بعضهم عن جدارة، و«حظوظ» بعضهم عن جدارة مماثلة.. فوجدنا «يَمنى» الصعيدية، بسطوتها مع ابنها الوحيد «بطل العمل» رغم كونه وكيل نيابة وأحد رجال العدالة الفاصلين في مصائر الناس «صغارا وكبارا».. أبرياء ومذنبين«.. رأيناها تنطق بالحنان والعطاء في نظرة عين، وتتحدث عن رغباتها وأفكارها البالية بالعين الأخرى في تناقض مدهش يتطلب موهبة في التعبير وقدرة على التجسيد وصدق في رسم الانفعالات من الداخل قبل الخارج.
عادت إلينا قوية وشامخة ومتجددة الدماء لتجلس بثقة في عربة الدرجة الأولى الفاخرة مع نجوم 2016 من مختلف الأعمار والجنسيات والثقافات.. متحصنة بتاريخ فنى صنعته «صاجات» سماسم العدلى في «ليالى الحلمية» الدافئة.. و«إبر» عدولة الخياطة في رائعة التسعينات «أرابيسك».. وغرور «ساكنة بيه» في الخالدة «بوابة الحلوانى» ... وكأنها براويز ذهبية أخرجتها سهير المرشدى العظيمة من خرانتها الخاصة لتضع «الكبيرة يمنى» في برواز مجاور يفصل بينه وبين سابقيه أكثر من عقدين، ولكنه في الواقع يفصح عن «معجزات» الفنان الحقيقى الذي تعجز السنوات و«تقلبات» خريطة النجوم عن الانتقاص من قدرته وبراعته في الوجود والبقاء.. واللمعان دائما.. الفنان الذي تربى على إتقان العمل والتسلح بالثقافة والقراءة وتقديس مبدأ التعلم ومواكبة التطور في أدوات الممثل وتكنيك أدائه.. فيظل هذا الفنان في حالة توهج ووعى نادرين مهما طال البعاد ... وبمجرد ظهوره محافظا على رونقه وتاريخه، لايملك الجمهور إلا أن يرحب به ويناشده في رجاء: «أريد فنا»!!.