أبديت قلقى فى هذا المكان، قبل أربعة أيام، على مدى سلامة كوب الماء الذى تشربه الغالبية منا، من الحنفية مباشرة، وقلت بأن منظمة «يونيسيف»، التى تعتنى بأمر الأطفال عالمياً، قد رصدت وفاة 1400 منهم، فى أنحاء العالم، بسبب مياه ملوثة يشربونها!
وكان سؤالى: كم طفلاً عندنا يواجه هذا المصير؟! وما الذى تفعله غالبية من المصريين لا بديل أمامها سوى مياه الحنفية، لتشرب منها، إذا ما كانت لا قدر الله من نوع المياه التى يشربها أطفال اليونيسيف؟!
ولأن الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان، هو الوزير المختص بهذا الشأن فى الحكومة، ولأنى طالبته بأن يطمئن الملايين الذين لا طاقة لهم على شراء زجاجات مياه معدنية للشرب، فلقد تكلم فى اليوم نفسه الذى أثرت فيه الموضوع.
تكلم الرجل، وسمعت منه تليفونياً، أن فى البلد 2700 محطة مياه شرب، وأنها تنتج 24 مليون متر مكعب فى اليوم، وأن عينة تؤخذ من كل محطة فيها، كل ساعتين اثنتين، للتأكد من نقاء الماء الخارج منها، وصلاحيته تماماً للاستهلاك الآدمى، وأن هناك رقابة أخرى على المحطات، تمارسها وزارة الصحة من جانبها، وبطريقتها.
وما فهمته أيضاً من الوزير مدبولى أن فى الطريق 66 محطة جديدة سوف تدخل الخدمة قبل يوليو المقبل، وأنها سوف تضيف 2.2 مليون متر مكعب، ليصبح إجمالى ما تنتجه محطات المياه كلها، عندئذ، 26.2 مليون متر مكعب من مياه الشرب يومياً.. ثم إن هناك كذلك محطات أخرى فى الطريق، سوف تدخل الخدمة تباعاً، وقد كان المفترض أن تكون فى الخدمة الآن لولا أن ما جرى فى مصر، بامتداد خمس سنوات مضت، قد عطل افتتاحها، كما عطل أشياء أخرى كثيرة، على أرض هذا الوطن!
الوزير يقول إن عينات الساعتين، إذا كشفت عن أى تلوث، من أى نوع، فإن المحطة المأخوذة منها العينة، يجرى غلقها على الفور، إلى حين معالجة الخطأ، وبسرعة.
سألته: هل معنى هذا أن المياه الخارجة من الحنفية صالحة للشرب بشكل مؤكد؟!
قال: هى تخرج من المحطة صالحة، ولكن الأمانة تقتضى أن نقول إنها يمكن ألا تكون صالحة عند خروجها من حنفيات البيوت.. يقول «قد».. لسببين أحدهما قد يعود لخزانات المياه فوق البيوت، ومدى نظافتها، وهذه بالطبع مسؤولية أبناء كل بيت يعلوه خزان، والسبب الثانى قد يعود إلى مواسير المياه نفسها التى قد تكون تهالكت، وتحتاج إلى تغيير، وهذا ما تقوم به الوزارة، أولاً بأول، وتنفذ خطة زمنية لديها لتغيير المواسير التى مضى عليها الزمن، وتحتاج إلى استبدالها سريعاً.
أظن أن القضية واضحة بما يكفى، بعد هذه الكلمات على لسان الدكتور مصطفى، وأظن أن الرجل، باعتباره الوزير الذى يعنيه الأمر، مدعو، مع سائر مستويات الدولة المسؤولة، إلى أن يمنح كوب المياه اهتماماً مضاعفاً، وإنفاقاً أعلى، على استبدال المواسير غير الصالحة، بل ربما تنظيف خزانات البيوت نفسها، إذا فات الأهالى أن ينظفوها، لأن الدولة لابد أن تكون أحرص على أبنائها، وعلى صحتهم العامة منهم هم أنفسهم.. إننا نقول دائماً إن الذى يشرب من ماء النيل لابد أن يعود إليه، ونريد الأمر أن يكون كذلك دائماً، وأن تظل العودة مقترنة بالصحة الجيدة.