الدولاب جزء أساسى فى أثاث كل منزل، لكن مع أهميته فى حفظ الملابس والأغراض المهمة إلا أن كثيرين تربطهم بالدولاب صلات من نوع آخر، خاصة إذا ارتبط تصميم الدولاب ومحتوياته بشخصية صاحبه. هذه نظرة سريعة على دواليب البعض، ربما تكشف عن جانب من هذه الصلات.
يقول النحات أحمد عسقلانى: منذ قدوم ابنى «آدم» للحياة، تحول دولابى إلى جوال «بابا نويل»، أخبئ فيه الهدايا حتى يحين الموعد المناسب لأفاجئه بها، ولأنه طفل «نكاش» ولا يترك ثغرة فى المنزل إلا ويفتشها، لذلك أخبئ الهدايا فى الرف العلوى..
دولابى أسمر مثلى، بسيط، وزخارفه قليلة لا تشتت الفكر أو النظر، أقدره وأتعامل معه باعتباره عملاً فنياً، فهو كتلة نحتية صاغتها يد ماهرة.
ويقول الشاعر رامى يحيى: أكره دولابى وكل قطعة أثاث تسرق فضائى، أحب الفراغات الواسعة التى لا يشغلها شىء، ورغم ذلك مضطر للتعامل مع الأثاث، احتراماً لإرادة أسرتى، التى تعشق – ككل المصريين – تكديس المقتنيات..
دولابى يضم ملابسى طبعا، وثلاث شنط كبيرة بها ولاعات للسجائر، فأنا أهوى تجميعها، وشنطة أخرى فارغة لصديقة لى دخلت بها القدس، وعدة شهادات تقدير عن عمل مسرحى لى، وثلاثة كتب لم أجد لها مكانا فى المكتبة، وهى «الأمثال الشعبية»، «الأساطير الإغريقية»، و«الآثار المصرية فى وادى النيل»، وبه أيضاً «شوقى»، صديقى الذى أخبئه، خوفا من أن يفترسه أولاد أختى الصغار فى زياراتهم المتكررة إلينا، شوقى عروسة قفاز، أسامرها وأتشارك معها كل طقوسى المنزلية، وأحكى لها ما مر بى فى الخارج..
الدولاب بالنسبة لى مجرد مخزن ومسند، أستند إليه وأنا جالس أقرأ على الأرض كعادتى، وأعتبره أحد أوهام الحضارة، فلا داعى «حقيقى» لوجوده، فالأرض تتسع لأغراضى بلا شك.
ويقول حسين الشريف، طبيب أسنان، أحد هواة الكتابة الساخرة: الدولاب كان سببا فى مشاكل عديدة بينى وبين زوجتى، فأغراضى كثيرة، وعادة ما أضعها فى الضلف المخصصة لزوجتى بعد أن تمتلئ ضُلفى، أيضا عادة ما أترك أدراج الدولاب مفتوحة، لأننى غير منظم، وهى ترتب الأرفف والأدراج ورائى وهذا يرهقها كثيراً..
الدولاب ليس من القطع العزيزة على فى المنزل، فهو كلاسيكى كبير، يملأ الحائط بأكمله، وأستخدمه لأخبئ السجائر من ابنى الكبير وبه صندوق كبير من الصدف أحتفظ فيه بصور وخطابات قديمة، زوجتى تعلم بها واطلعت عليها، ولكننى أبعدها عن أيدى أولادى لأنهم يسخرون من أزياء وتسريحات فترة مراهقتى.
أما «السكرتارية»، فلها مكانة خاصة لدى، فهى مكتب صغير وقديم اشتريته من أحد باعة الأنتيكات بالإسكندرية، وأمارس عليه هوايتى المفضلة وهى كتابة الأدب الساخر.