«على الرغم من أنه لا يوجد فى الشرق الأوسط قوة تدعو إلى الحرب، فإن أجواء ما قبل الحرب تتزايد».. هكذا وصف مدير المعهد الألمانى للشؤون الدولية والأمن، فولكير بيرثيس، الوضع الحالى فى المنطقة على خلفية الاشتباكات الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، راصدا 4 أسباب لزعزعة الاستقرار تتمثل فى عدم وجود الأمل، والسياسات الحكومية الخطيرة، والفراغ الإقليمى، فضلا عن عدم وجود وساطة خارجية فعالة.
وقال فولكير، إن إيران تعد «القوة الإقليمية الوحيدة فى الشرق الأوسط حاليا، إلا أنها ليست قوى تسعى إلى الاستقرار، وأن هذا الأمر تعيه الدول العربية جيدا»، مضيفا أنه بقدر كراهية تلك الدول لطهران، بقدر ما تخشى نشوب حرب بين تلك الدول الشرق الأوسطية وإسرائيل أو الولايات المتحدة، لتأثير ذلك على مجريات الأحداث.
ورأى خبير السياسات الخارجية الألمانية والأوروبية والأمن فى تحليل سياسى له بصحيفة «اليابان تايمز» اليابانية فى موقعها الإلكترونى باللغة الإنجليزية أمس الأول، إنه بالفعل ليس هناك سوى ثلاث دول تتحكم فى ديناميكية الأحداث فى الشرق الأوسط، ليس منهم أى دولة عربية، وهى إسرائيل وإيران وتركيا، مشيرا إلى أنه فى السنوات الأخيرة حاولت أنقرة التوسط بين إسرائيل وسوريا من جانب، وبينها وبين حماس من جانب آخر، فضلا عن تدخلها فى الواسطة بين إيران والدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن.
واعتبر الخبير الألمانى، المتخصص أيضا فى شؤون الشرق الأوسط، أن بعض اللاعبين فى الشرق الأوسط حاليا تسببوا فى تزايد مخاطر المواجهة، إما لفقدانهم الشعور المناسب حيال التعامل مع بيئتهم الإقليمية والدولية، أو لسعيهم لزيادة قوتهم السياسية الخاصة من خلال اتباع سياسات الاستفزاز، موضحا أن تردد رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو بشأن التخلى عن المستوطنات والأراضى المحتلة يهدد مصلحة إسرائيل على المدى الطويل وتوصلها إلى تسوية عادلة مع الفلسطينيين خاصة فى ظل ما تفعله فى الحصار على غزة، وهجومهم مؤخرا على قافلات المساعدات الإنسانية.
«فلا يوجد فى العالم العربى حاليا قوة مهيمنة قادرة على إنجاح مشروع الاستقرار فى المنطقة خارج حدودها.
فلا يزال أمام العراق وقت طويل لتعود لدورها الإقليمى السابق مرة أخرى، إلى جانب أن الأجندة السياسية السعودية ترتكز على الإصلاح الداخلى، بينما قلص الركود السياسى فى مصر نفوذها الإقليمى»، وفقا لما ذكره فولكير.
وانتقد بيرثيس رؤية بعض محللى الشرق الأوسط بشأن أن أى حرب مقبلة من شأنها إحداث انفراجة فى حالة الركود السياسى الحالية مثلما فعلت حرب أكتوبر عام 1973 عندما ساعدت على تحقيق السلام بين مصر وإسرائيل، قائلا إن «الحروب الأخيرة فى المنطقة والتى تمثلت فى حرب لبنان عام 2006، وحرب غزة يناير 2009 لم تدعم هذه النظرية المتهورة».