قال مصدران في النيابة العامة إن طبيباً شرعياً مصرياً أبلغ المحققين أن التشريح الذي أجراه لجثة الطالب الإيطالي القتيل «جوليو ريجيني» أظهر أنه تعرض للاستجواب على مدى فترة تصل إلى سبعة أيام قبل قتله.
وذكرت «رويترز» أن ما كشف عنه الطبيب يعتبر أقوى مؤشر حتى الآن على أن «ريجيني» قتل على أيدي بعض رجال أجهزة الأمن لأنه يشير إلى أساليب في الاستجواب تقول جماعات حقوقية إنها طابع مميز للأجهزة الأمنية مثل الحرق بالسجائر وعلى فترات متباعدة على مدى عدة أيام.
وسبق أن نفت وزارة الداخلية اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
وقال المصدران في النيابة إن الطبيب هشام عبدالحميد، مدير مصلحة الطب الشرعي، أوضح ما كشف عنه تشريح الجثة ردا على ما وجهه إليه مسؤولو النيابة العامة من استفسارات الأسبوع الماضي.
وقال محقق في النيابة، طلب عدم ذكر اسمه: «استدعينا الطبيب الشرعي هشام عبدالحميد للحضور أمام النيابة العامة لسؤاله حول التقرير الشرعي والصفة التشريحية التي أجراها الطبيب واثنان من زملائه لجثة الطالب».
وقال إن «عبدالحميد ذكر في التحقيقات أن الإصابات والجروح الموجودة بالجثة وقعت على فترات زمنية مختلفة تتراوح من بين 10 و14 ساعة بين كل جرح والآخر. وده (هذا) معناه أن المتهمين كانوا يستجوبوه على فترات مختلفة من أجل إجباره على إعطائهم معلومات عن شيء ما».
ولم يتيسر الاتصال بالمتحدث الرئيسي باسم وزارة الداخلية للتعليق على ذلك.
وقال متحدث آخر باسم الوزارة طلبت منه «رويترز» التعليق: «لا أعلم شيئاً عن هذا الموضوع».
وأكد مصدر في مصلحة الطب الشرعي أن الدكتور عبدالحميد هو الذي توجه إلى النيابة للرد على أسئلتها، واتصلت «رويترز» بالدكتور عبدالحميد هاتفيا لكنه امتنع عن التعليق.
وكان «ريجيني»، 28 عاما، اختفى في 25 يناير خلال الذكرى السنوية الخامسة للانتفاضة التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وقالت صحيفة إيطالية إن «ريجيني» كتب عدة مقالات انتقد فيها الحكومة المصرية ونشرتها الصحيفة. وعثر على جثة ريجيني في 3 فبراير ملقاة على جانب الطريق الصحراوي المؤدي من القاهرة إلى الإسكندرية. وكان الطالب الإيطالي يحضر رسالة دكتوراة في جامعة كمبردج تتركز على صعود نجم النقابات العمالية المستقلة في أعقاب انتفاضة عام 2011.
وقال مسؤولون في الطب الشرعي والنيابة العامة إن الجثة ظهرت عليها آثار تعذيب وحرق بالسجائر، وإنه قتل بضربة بآلة حادة على مؤخرة رأسه.
وذكر أحد المحققين «الطبيب قال أيضا إنه من خلال الصفة التشريحية والتقرير يظهر عدد من الإصابات في وقت واحد. وهناك عدد آخر من الإصابات في وقت لاحق وإصابات أخرى في وقت ثالث».
وأضاف أن «الإصابات والجروح والكسور تمت في أوقات مختلفة في مدة تراوحت بين 5 و7 أيام».
وقال أصحاب المتاجر في الحي الذي كان «ريجيني» يسكن فيه بالقاهرة إنهم لم يروا ما يشير إلى أن الشرطة وجهت أي استفسارات للسكان في المنطقة منذ اختفاء «ريجيني» أو موته.
وتتهم جماعات حقوقية الشرطة بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المصريين لكن مثل هذه الممارسات ليست شائعة بحق الأجانب.
وقالت إيطاليا إن على المحققين المصريين أن يسلموا ما لديهم من أدلة كشفت عنها تحقيقاتهم في مقتل «ريجيني». ودعت مصر محققين إيطاليين للمشاركة في التحقيق لكن مصادر قضائية في روما تقول إن التعاون بين الجانبين محدود لأنهما لا يتبادلان معلومات كافية.
وقال وزير الداخلية الإيطالي أنجلينو ألفانو دون الخوض في التفاصيل إن تشريحا ثانيا لجثة «ريجيني» في إيطاليا «واجهنا بشيء غير إنساني. شيء حيواني».
وتسببت القضية في إثارة توترات بين مصر وإيطاليا.
وقالت وزارة الداخلية المصرية إن من الدوافع المحتملة للقتلة نشاط إجرامي أو رغبة في الانتقام «لأسباب خاصة». بينما تقول المصادر القضائية الإيطالية إن فريقا إيطاليا في القاهرة لم يتلق أي معلومات ذات قيمة من الجانب المصري.
وقال مصدر قضائي لرويترز: «لم يعطونا شيئا». وكان من المقرر تقديم التفاصيل الكاملة عن التشريح الذي أجري للجثة في إيطاليا للمحققين يوم الاثنين الماضي.