قال جابر عبده، رئيس نقابة العاملين بالهيئة العامة لنقل الركاب فى المحافظة: إن فكرة خصخصة «النقل العام» قائمة وتم البدء فى تطبيقها فعلياً فى محافظة القاهرة وهم كنقابة سيقفون بالمرصاد لها. وأكد «عبده» خلال حواره لـ«إسكندرية اليوم» أن موقف مسؤولى الهيئة تجاه مطالب العاملين خلال السنوات الأخيرة تغير للأفضل نتيجة ارتفاع معدلات نمو العمل بها واستمرار دعم الحكومة لها، مشيراً إلى أن «الهيئة» تعانى حالة اضطهاد واضحة من قبل مسؤولى الأجهزة التنفيذية تتضح- وفق قوله- فى المخالفات الكيدية التى يتم تحريرها للعاملين والمعاملة السيئة التى يتعرضون لها من قبل شرطة المرور، مشيرا إلى أن «الدولة أكلت حقوق الناس كلها وباعت القطاع العام ودلوقتى بتدور على المؤسسات الناجحة علشان تخربها»، وإلى نص الحوار:
■ هناك اعتقاد سائد بين جمهور العاملين بأن النقابة تنحاز لمسؤولى «الهيئة» على حساب مصلحتهم، فما تعليقك؟
- هذا اعتقاد خاطئ لأن المتعارف عليه دولياً أن عمل النقابات واللجان العمالية يكون ضد السلطة ومحاولات رجال الأعمال السيطرة على الشركات، وللعلم فإن الكل يدرك أن انحيازنا لمسؤولى الهيئة لم يكن على حساب مصلحة العاملين وإنما كان نتيجة لما لمسناه من جانبهم من استجابة واضحة ساهمت فى حل مشكلات هؤلاء العاملين خلال الفترة الأخيرة.
■ معنى هذا أن موقف مسؤولى الهيئة تجاه مطالب العمال ومشكلاتهم تغير؟
- طبعاً، موقفهم تغيًر وأصبح إيجابياً بنسبة 100% فى ظل الإمكانيات المتاحة لهم، خاصة أننا فوجئنا بتحقيق أشياء لم تكن ضمن مطالبنا أو كنا نأمل فى تحقيق جزء منها على الأقل، وأبرز دليل على ذلك هو موضوع الحد الأدنى للحوافز والتى أصدر بشأنها رئيس الهيئة قراراً لم يكن ضمن طموحات العاملين وأحلامهم، وكانت للعاملين مطالب تعتبر «مزمنة» مثل علاوة الإيراد التى تمت زيادتها 2% بعدما كنا نأمل فى زيادتها ولو بمقدار 1 أو 1.5 %، وكذلك بدل طبيعة العمل الذى كان العاملون يأخذونه منذ عام 1993 على أول مربوط للدرجة وحصلنا عليه أخيراً عام 2007 على أساس الراتب، «ودى طبعاً كلها إيجابيات تحسب للهيئة».
■ ما الدور الواجب على النقابة تجاه مشكلات العاملين فى الهيئة؟
- يتحتم علينا كنقابة عُمالية أن نشعر بنبض العاملين باعتبارنا نمثل حلقة الوصل بينهم وبين الإدارة وبالتالى فإن دورنا يتبلور فى إطار إعداد المذكرات والتوصيات التى يتم رفعها لرئيس الهيئة بشأن جميع المشكلات والمطالب التى يحتاجها هؤلاء العاملون.
■ هل هناك آليات معينة تلجأون إليها لتنفيذ دوركم هذا؟
- «مش آليات بالضبط» لكننا نعقد جلسات دورية مع العاملين ونناقش خلالها مشكلاتهم والتى يتم وفقاً لها إعداد مذكرات بالمطالب تمهيداً لرفعها لمسؤولى الهيئة، علماً بأننا نعلم أن تحقيق هذه المطالب يكون مرهوناً بتحقيق نمو فى العمل خاصة أن الوضع الحالى للهيئة اختلف كثيراً عما كانت عليه منذ 5 سنوات.
■ ماذا تقصد بقولك «إن الوضع الحالى للهيئة اختلف كثيراً عما كانت عليه منذ 5 سنوات»؟
- أقصد زيادة معدلات نمو العمل داخل الهيئة والدليل على ذلك أن إيراداتها تخطت الـ130 مليون جنيه، رغم أنها لم تكن تتجاوز الـ50 مليون جنيه منذ خمس سنوات.
■ أكان هذا بسبب وجود دعم لها من قبل المحافظة؟
- ضاحكاً: «لأ مش من المحافظة ولكن ممكن تقول من الحكومة»، خاصة أنه سبق لنا التقدم بمطلب وحيد للمحافظ اللواء عادل لبيب، ولم نجد استجابة من جانبه حيث تمت الموافقة عليه من الوزارة فى القاهرة.
■ وما هو هذا المطلب؟
- طلبنا منه أن يفعل معنا كما فعل نظيره محافظ القاهرة وذلك بأن يوافق على زيادة منحتى عيدى الفطر والأضحى لأنها لم تزد منذ 20 عاماً.
■ هناك من خرج منكم عقب هذا الموقف وانتقد ما وصفه بـ«تخلى» المحافظ عن عمال الهيئة، فهل هذا صحيح؟
- مش عاوز أقول بالنص إنه تخلى عنا، لكن ممكن تقول إنه لم يستجب لمطلبنا ولدينا مذكرات ومستندات تثبت مخاطباتنا له فى هذا الشأن وفى الوقت نفسه لا أريد أن أقول إن موقفه كان سلبياً لأنه أخيراً تحققت إيجابيات تحسب له.
■ وما هذه الإيجابية؟
- حينما وافق على تحقيق أحد مطالبنا بقراره الذى نص على صرف مكافأة نهاية الخدمة بواقع نصف شهر عن كل سنة خدمة فى الهيئة، وهو ما تم تنفيذه فعليا منذ أوائل شهر أبريل الماضى.
■ وهل ترى أن هذا القرار كافِ لحل مشكلة مكافأة نهاية الخدمة؟
- طبعاً ده حل ممتاز ورائع.
■ لماذا؟
- لأنه حل من الممكن أن ينمو مع مرور السنين، فمن الممكن أن تصبح المكافأة شهراً كاملاً، وللعلم فإننا نأمل ونطالب فى الوقت نفسه خلال العام المقبل بأن تكون شهرا كاملاً وليست نصف شهر فقط.
■ بمناسبة الحديث عن «نهاية الخدمة».. ماذا عن شكاوى العاملين بشأن تردى أنظمة التأمينات والمعاشات الحالية؟
- التأمينات والمعاشات لها نظام خاص مع وزارة التضامن الاجتماعى، ومعندناش أى صناديق، لا زمالة ولا معاشات.
■ لكن ماذا عن مبلغ الـ8 آلاف جنيه الذى يحصل عليه العامل عند انتهاء فترة خدمته؟
- هذا نظام بدائى عبارة عن جمعية قرر العاملون فى عام 1986 إنشاءها فيما بينهم لكنها ليست تأمينات كما يتخيل البعض، وكان العامل فى بداية الأمر يدفع 3 أو 4 جنيهات لكى يتحصل عند انتهاء فترة خدمته على 800 جنيه، أما الآن وفى ظل زيادة أعدادهم أصبح المبلغ 8 آلاف جنيه وطبعاً ده مبلغ ميكفيش أكل العيش حاف فى الظروف اللى عايشينها اليومين دول.
■ هل ترى أن رواتب العاملين بالهيئة مناسبة للأوضاع الحالية؟
- هناك طفرة حدثت فى الرواتب والحوافز حيث ارتفعت تقريباً للضعف فى ظل مساندة مسؤولى الهيئة المستمرة لنا، لكنها لم تعد واضحة بسبب «غول» ارتفاع الأسعار الذى اجتاح ولا يزال يجتاح الأسواق بصورة جعلت هذه الرواتب والحوافز «مش نافعة».
■ وما الحل فى رأيك؟
- هناك أمران يتعلقان بهذا الموضوع أولهما: أنه لابد من تعديل قانون 147 بحيث لا تصبح العلاوة الدورية جنيهاً ونصف أو جنيهين أو ثلاثة جنيهات فى السنة، وثانيهما: أن يتم رفع قيمة العلاوة الـ10% إلى 40 أو 50% وذلك حتى يحدث تناسب بين مستوى الأسعار والرواتب.
■ ما أبرز الشكاوى التى تتلقونها من العاملين فى الهيئة؟
- معظمها تكون بشأن مضايقات رجال المرور للسائقين والمحصلين، كما لو كان ما فيش مخالفات فى المحافظة غير من عمال النقل العام لدرجة أن الترام يتم تحرير مخالفات له، وهذا إن دل فإنه يؤكد أن النقل العام أصبح من مصادر الدخل لأجهزة الأمن رغم أن رجال الشرطة يأتون فى مقدمة الطوائف التى تستفيد من خدماتنا فى المحافظة مجاناً.
■ وماذا عن شكواهم من ضريبة «كسب العمل» التى يتم فرضها على العلاوات الخاصة والأجور المتغيرة؟
- هذه مشكلة كبيرة نعانى منها جميعاً ورغم صدور حكم قضائى نهائى بإلغائها فإنها مازالت مستمرة حيث يتم فرض هذه الضريبة على العلاوات والحوافز والبدلات مع أنه من المفترض فرضها على الراتب الأساسى، ووزارة المالية لابد أن تصدر كتاباً دورياً يلغى الضريبة المفروضة على الأجور المتغيرة لأن ده ظلم لنا طبعا فمثلاً العامل اللى راتبه الأساسى 400 جنيه ويحصل على 1000 جنيه بدلات وحوافز تيجى الحكومة تاخذهم منه.
■ وماذا عن شكوى بعض العاملين بالهيئة من تعرضهم لمعاملة وصفوها بـ«السيئة» داخل أقسام الشرطة؟
- هناك مضايقات مستمرة ومخالفات كيدية يتم تحريرها من قبل رجال المرور خاصة أنهم كما ذكرت ينظرون إلى النقل العام على أنه أحد الموارد التى تدر دخلاً لهم، علماً بأن المخالفة التى تأتى على السيارة نتيجة تحميل الركاب فى نهر الطريق كغيرها من سيارات المشروع لا تدفعها الهيئة وإنما يتحملها السائق على الرغم من أنه فى العديد من المناطق مثل محطة مصر يضطر السائق إلى الوقوف نتيجة الزحام والإشغالات فتحرر له مخالفات يكون مبررها أن وقوفه تسبب فى تعطل المرور، طب ما تروح المحطة وتزيل الإشغالات اللى فيها علشان الطرق تبقى سالكة ونظيفة والسائق لا يضطر للوقوف ولا يعطل الطريق.
■ إذن أنت تقصد أن العاملين بالهيئة يدفعون ثمن غياب التنسيق بين الهيئة والأجهزة التنفيذية فى المحافظة؟
- بالطبع والأجهزة التنفيذية فى المحافظة لابد أن تتعاون مع الهيئة بشكل أفضل من الحالى، خاصة فيما يتعلق بموضوع المرور والإشغالات والمخالفات الكيدية لأن هناك حالة اضطهاد واضح للنقل العام وهذا الموقف الاضطهادى ظهر فى ورش الهيئة بمنطقة كرموز التى كانت تعدها الهيئة كورشة متطورة فى إطار خطة توسعاتها حيث فوجئنا بالحى يقوم بهد «الجمالون» بعد تركيبه وهذا يفسر أن هناك حالة عدائية موجهة ضد هيئة ناجحة بغرض تدميرها.
■ معنى هذا أنك ترى أن هناك حرباً تدار فى الخفاء ضد الهيئة؟
- بالتأكيد، لأن الوضع الحالى أصبح عبارة عن حرب ضدها سواء من جانب شرطة المرور أو الأحياء مما تسبب فى احتلال جميع محطات الهيئة من قبل أصحاب الإشغالات وسط تجاهل واضح من مسؤولى هذه الأجهزة، ورغم كل ده فى الآخر بتتشطر علينا فأين الدولة من هذا؟ وأين جهاز شرطة المرافق؟ ولماذا لا يتم تنظيف هذه المحطات مما بها خاصة أن الهيئة لا تستطيع ممارسة نظام أو سلطة أمنية على الناس.
■ وكيف ترى وضع حقوق العاملين بالهيئة الآن؟
- الحقوق طول عمرها مهضومة، هى الدولة دى فيها حقوق ما خلاص هى أكلت حقوق الناس كلها وباعت القطاع العام ودلوقتى بتدور على المؤسسات الناجحة علشان تخربها، لكننا نجحنا بالمثابرة فى الحصول على أجزاء كثيرة من حقوقنا ولم تتبق لدينا سوى شريحة صغيرة من عمال الخدمات (النظافة والأمن) نحاول توفيق أوضاعهم.
■ ما رأيك فى حالة أسطول الهيئة الحالى؟
- أسطول الهيئة جديد و«شادد حيله»، وهو ما أدى إلى «هروب» شركات النقل الجماعى من المحافظة بعدما عرفت قوة أسطول النقل العام وده كله بسبب النهج الحالى الموجود فى الهيئة واللى بنتمنى إنه يستمر خصوصاً أن المحافظ والحكومة عاوزين نقل جماعى فى إطار نظام الخصخصة اللى عاوزين يمشوا فيه علشان يضربوا النقل العام.
■ أتقصد أن هناك مخططاً لخصخصة الهيئة؟
- الفكرة موجودة بالفعل وتم البدء فى تنفيذها بمحافظة القاهرة حيث تم فعلياً تصفية شركة شمال القاهرة لصالح مشروع النقل الجماعى لكننا لن نسمح نهائياً بأن تصبح أى منطقة فى النقل العام بالمحافظة قابلة للتصفية تمهيداً لخصخصتها.
■ إذن أنتم تقفون بالمرصاد لأى محاولة لتخصيص الهيئة؟
- هذا أكيد، ونحن ضد هذا المخطط الذى يقف وراءه بعض الوزراء كما نقف بالمرصاد ضد أى محاولة لتصفية الهيئة، لكننا مع تنمية ومشاركة جهات وشركات أجنبية فى تطوير وتحديث القدرات الفنية للعاملين فى الهيئة بشرط عدم الاستحواذ.
■ ماذا تقصد بـ«عدم الاستحواذ»؟
- أقصد عدم استحواذ هذه الشركات الأجنبية التى وقعنا معها اتفاقيات تعاون مشترك بحيث تكون الإدارة لنا من خلال الهيئة وهو ما تم فعلياً عند توقيع عقد الشراكة بينها وبين إحدى الشركات الألمانية لتطوير الترام والتى تضمنت دخول الجانب الألمانى بالصيانة وتوفير الإمكانيات مقابل أن تكون الإدارة كاملة للهيئة.
■ بمناسبة الحديث عن «الترام»، ما رأيك فى الوضع الحالى لهذا المرفق خاصة ترام المدينة؟
- لا يمكن المقارنة بين أوضاع ترام المدينة وترام الرمل ولكن هناك جُرم حدث بمعرفة الدولة رغم أنه كان من المفترض أنها ضد العشوائيات وليس معها فمثلاً فى محطة مصر نجد أن حرم الترام تنتشر به المحال والدكاكين والإشغالات والتى تعطل حركة المرور وعندما اعترضنا عليها تلقينا تهديدات بالاعتقال.
■ لكن البعض يرى أن هذه المشكلة أصبحت «مزمنة»؟
- لأ فى محطة مصر ما كنتش مزمنة لأنه ما كنش فيها دكاكين داخل الحرم زى اللى موجودة دلوقتى.
■ وماذا عن مشكلة الاختناقات المرورية؟
- مشكلة المرور تحولت إلى واحدة من أبرز المشكلات المزمنة التى يصعب حلها فى المحافظة نظراً لأن التخطيط العمرانى للمدينة لم يراع المستقبل وذلك نتيجة وجود قصور من قبل الأجهزة التنفيذية فيما يتعلق بنظرتها المستقبلية.
■ ما دليلك على صحة هذا الكلام؟
- دليلى هو إشارة مرور الشبان المسلمين فى منطقة الشاطبى والتى تتسبب فى اختناق مرورى طوال اليوم وذلك بسبب عدم مد فتحة نفق قناة السويس حتى طريق الكورنيش رغم أنه توجد فى أوروبا أنفاق مبنية منذ 150 عاماً ولم تتسبب فى مشكلات مرورية.
■ أليس هناك حلول مطروحة لكل هذه المشكلات؟
- الحلول موجودة لكن جميعها مؤقتة «مجرد مسكنات» وفى اعتقادى أنه إذا تم تطبيقها ستؤدى إلى جعل المشكلات مزمنة ويصعب حلها إلا من خلال حلول «ثورية».