x

عمرو الشوبكي حرية الرأى والتعبير عمرو الشوبكي الإثنين 29-02-2016 21:28


النقاش حول حرية الرأى والتعبير حديث لا ينتهى، والحديث عن خدش الحياء العام وازدراء الأديان حديث متكرر، والمطالبة بتوسيع هامش حرية الرأى والتعبير لا تتوقف حتى لو واجهته السلطة ووقف ضده تيار واسع من المصريين، معتبراً أن الحرية تساوى الفوضى والاستباحة لأننا «شعب غير مهيأ للديمقراطية»، وأن حرية الرأى والإبداع تعنى البذاءة والسباب حتى لو ارتدت ثوب النص الأدبى.

والحقيقة أن مشكلتنا الرئيسية أننا نخلط بين موقفنا الشخصى من عمل معين ورفضنا له، وبين الموقف القانونى من هذا العمل، فرفض نص أحمد ناجى وبذاءته لا تعنى حبسه، فكل من أعرفهم ممن قرأوا هذا النص، ومنهم نقاد وكتاب كبار، رفضوه رفضاً قاطعاً، واعتبروه عملاً غير أدبى ليس فيه من الإبداع شىء، ولكنهم فى نفس الوقت رفضوا أن يُسجن الرجل نتيجة ما كتبه، مهما كان الموقف منه.

وقد باغتنى المهندس محمد المفتى برسالة قوية، الأسبوع الماضى، حول هذا الموضوع جاء نصها كالتالى:

«الأستاذ الكبير عمرو..

ما تم نشره فى بعض وسائل الإعلام تحت عنوان (مثقفون: حبس أحمد ناجى انتكاسة لحرية التعبير).

أرى فى فكركم وما تكتبون فى (المصرى اليوم) مساحة كبيرة جداً من الحرية فى إبداء الرأى، والكلمة والسؤال هنا إلى سيادتكم:

- هل تقبل أن تنشر ما كتبه أحمد ناجى بالنص فى إحدى مقالاتك؟ ولماذا؟

- هل هى فعلاً انتكاسة لحرية التعبير؟ ولماذا؟

أحاول أن آخذ الأمور بهدوء لأنى عندما قرأت الفصل الخامس من كتاب (استخدام الحياة) لم أصدق ما أقرأ. وشكرا».

وكانت إجابتى للمهندس محمد، والتى أرسلتها له على بريده الإلكترونى، كالتالى:

«الأستاذ المهندس محمد المفتى

تحية طيبة وبعد..

وصلتنى رسالتك المهمة، وفى الحقيقة لن أنشر (استخدام الحياة) فى (الأهرام) التى أعمل بها، ولا فى (المصرى اليوم) التى أكتب لها.

ولكن هناك فارقاً بين عدم النشر والسجن، فأنا مع الأول وضد الثانى.

مع خالص تحياتى وشكرى.

عمرو الشوبكى».

والحقيقة أنى لم أقرأ النص، ولكن ذُكر لى جانب من مضمونه، والمشكلة الأساسية أننا حتى هذه اللحظة لم نتوافق على اعتبار موضوع النشر فى مؤسسة عامة مملوكة للدولة يجب أن يكون مشروطا باحترام القيم السائدة داخل المجتمع، والمنصوص عليها فى الدستور والقانون.

فلا يجب أن ننشر نصوصاً خارجة عن القيم التى اختارها المجتمع فى مؤسسات عامة مثل «أخبار الأدب» أو غيرها، وإذا حدث وارتكب هذا الخطأ فإن عقابه فى كل الأحوال يجب ألا يكون السجن ولو ليوم واحد.

فالنص المذكور هو فى الحقيقة نص غير أدبى، وعمل ركيك ومسف من الناحية الفنية، والطبيعى ألا يُنشر لا أن يُسجن صاحبه.

فمهما كان الضرر المعنوى الذى أصاب الكثيرين من جراء هذا العمل البذىء إلا أن هذا الشاب المحبوس لم يحرض على القتل والإرهاب، ولم يُفتِ بقتل «النصارى» والعلمانيين، ولم يُشرك بالله، ولم نسمعه يُفتى باستباحة النساء واعتبارهن غنائم، وهو فى النهاية قدم عملاً أو بالأحرى كلاماً بذيئاً يُنتقد ويُمنع ويُرفض ولكن لا يُسجن، إذا كان هناك نص قانونى استند عليه القاضى فى حكمه فلابد من تغييره، ولابد من مراجعة النص القانونى الذى يتعلق بموضوع الحبس فى قضايا النشر.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية