x

الدكتور مصطفى النجار الاصطباحة التى تنتظرها مصر الدكتور مصطفى النجار الإثنين 29-02-2016 21:27


كيف تفشى كل هذا الظلم فينا؟ كيف قتلنا بأيدينا أحلام جيل لم يحتوه الوطن وضمته جدران السجون؟ كيف ننتظر لمصر مستقبلا بينما تدوى في جنباتها صرخات الأسى وأنين الضحايا والمظلومين؟ كيف تصورنا أن كل ظلم سيمر وأن الحياة ستمضى دون أن تظللها مساحات السواد وشظايا اليأس والإحباط؟ كيف سولت لنا أنفسنا ألا نسمع سوى أنفسنا؟ كيف توهمنا أننا نحتكر الفهم وننفرد بالحقيقة ونمتلك الرؤية الصواب دون غيرنا؟ كيف نطلب من الناس الصمت ونبيح لأنفسنا فقط الكلام؟

حين كفر بعض البشر بالله خالق السموات والأرض قال لهم الله (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق)، حين قال الله عز وجل لخليله إبراهيم عليه السلام بعد أن طلب منه أن يريه كيف يحيى الموتى (أو لم تؤمن؟) قال إبراهيم محاورا ربه (ولكن ليطمئن قلبى) لم يقل له خالقه اصمت! كيف يريدون منا أن نتحول لقطيع يهشه الراعى بعصاه؟ كيف يتخيلون أن هذه الأجيال سترضى أن يُسًيرها أحد بهواه ورغباته ورؤيته دون أن يقدم لهم ما يقنعهم بصواب الطريق وصحة الاتجاه؟

مصر تنتظر صباحا مختلفا يعلو فيه صوت العلم والموضوعية لا الأمانى والخيالات، مصر تنتظر صباحا تحتضن فيه أبناءها، مصر تنتظر صباحا تشرق فيه ابتسامة (آية حجازى) التي كتبت لنا من خلف قضبان السجن قائلة: لا تتركونا هنا في السجون وتنسونا ولا تجعلونا نفقد الأمل في العدل والإنسانية، مصر تنتظر طفل التيشيرت (محمود محمد) الذي مر على حبسه عامان بسبب تيشيرت وطن بلا تعذيب فكتب لأخيه: «هتروق وتحلى يا طارق حتى لو اليوم ده اتاخر شوية بس هييجى، هنتجمع ونضحك ضحكة صافية من القلب، أنا بحلم باليوم ده ومتأكد أنه هيجى!!».

مصر تنتظر طبيب العلاج الطبيعى الشاب محمد جابر عطية المحبوس من عامين ونصف وتخطى مدة الحبس الاحتياطى في القضية 8615 جنايات شمال القاهرة بتهمة التجمهر، مصر تنتظر أن يظهر مصطفى ماصونى وغيره لتعرف هل هو حىّ أم فارق الحياة ليهدأ قلب أمه المنفطر عليه، مصر تنتظر هشام جعفر وإسماعيل الإسكندرانى وماهر وعادل وعلاء وإبراهيم اليمانى وكل شاب كان حلمه تحقيق الحرية وإرساء الكرامة، مصر تنتظر أن تنتهى مأساة المعتقلين السياسيين ليعود الآلاف لبيوتهم وزوجاتهم وأبنائهم ويجتمع شمل هذه الأسر من جديد.

الوطن في مأساة يصر بعضهم على ألا يراها، لزم الصمت من قالوا عليهم متأمرين ثورة يناير وتركوا من تصدروا المشهد ينقذون مصر من المؤامرة المزعومة ويبنونها بطريقتهم فماذا جنى الوطن؟ هانحن بعد أن مرت الشهور والأعوام هل صار حالنا أفضل؟ هل اطمأنت قلوبنا على بلادنا؟ هل نجحت دعايات التطبيل والأكاذيب والخرافة في محو الأسى والخوف من قلوب المصريين؟

ننتظر الصباح الذي يعود فيه المصريون شعبا واحدا، بلا كراهية ولا شقاق ولا ظلم، مع كل صباح جديد سنظل ننتظر تحقق حلم العيش والحرية والكرامة الإنسانية، فاضت القلوب بالوجع لكن يقيننا أن الوطن سيتجاوز عثراته وسيأتى الصباح الذي تتوق إليه القلوب، الله غالب.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية