لا نقول بشد الحزام على الآخر لمواجهة تصاعد الطلب على الدولار.. وعجز الدولة عن مواجهة ذلك.. ولكن لابد من بعض الإجراءات للحد من الأزمة.
ولا نقول بأن تلجأ الحكومة إلى أسلوب عبدالناصر بالحد من الاستيراد.. وحكاية ألا يحمل أى مسافر للخارج إلا ما قيمته خمسة جنيهات.. وكان ذلك نكتة شديدة المرارة.. ولكننا نقترح برنامجاً للحد من استيراد السلع الاستفزازية، التى تطلبها فئة قليلة من المصريين.. ولا تعرفها الأغلبية.
مثلاً: لابد من وقف تصاعد أرقام استيراد السيارات كاملة الصنع بالخارج وكذلك وقف استيراد مستلزمات تجميع هذه السيارات داخل مصر.. وهذه وتلك لمدة محددة، ولتكن خمس سنوات.. ذلك أننا فوجئنا بأن مصر رأت 278406 سيارات فى العام الماضى وحده.. منها ما يقرب من 20 ألف سيارة ملاكى، وأكثر من 50 ألف سيارة نقل، غير حوالى 32 ألف أتوبيس.. كما عرفنا أن نصف هذه السيارات من المستوردة والنصف الآخر من السيارات التى يتم تجميعها داخل مصر.. بل إن المستوردة زادت عن المحلية!!
كما أنه من العجب أن نستمر فى استيراد السكر من الخارج بينما الإنتاج المحلى - الوطنى - من السكر.. يملأ المخازن.. حتى ولو كان سعر الإنتاج المصرى أعلى قليلاً من المستورد!! وهذه وحدها يمكن حلها.. حتى الأسماك نستورد منها - من الخارج - بملايين الدولارات، وليس فقط الأصناف الفاخرة مثل السيمون فيليه أو سمك السالمون الفاخر، ولكن من أصناف أقل جودة مثل أسماك المكرونة التى نستوردها من إندونيسيا وأسوأ أنواع الجمبرى، وقد شاع أخيراً، عشق المصريين للجمبرى.. بل ومن الجمبرى إنتاج المزارع فى المياه الحلوة مثل تايلاند التى نستورد منها أيضاً أنواعاً من البلطى.. حتى ولو كانت أسعارها أقل من الأسماك المصرية وهذه حقيقة مؤكدة.. فإن سمك المكرونة المستورد يباع داخل مصر بسعر 13 جنيهاً بينما المكرونة المصرية يزيد سعرها على 30 جنيهاً!!
إذن المطلوب سياسة واضحة - ولمدة محددة - لترشيد الاستيراد بهدف خفض فاتورة الاستيراد إلى النصف على الأقل، نقول ذلك لأننا نستورد فى العام الواحد بحوالى 80 ملياراً ويحل بذلك نصف المشكلة.. أما النصف الآخر فيعتمد على زيادة الإنتاج المصرى وزيادة حجم ما نصدره من هذا الإنتاج.
أيضاً.. مطلوب أن نقلل ما أمكن من الذين يسافرون سنوياً لأداء فريضة الحج، والعمرة.. وأعرف مصريين يفعلون ذلك كل عام.. وأحياناً يسافرون للعمرة أكثر من مرة فى العام الواحد.. نقول ذلك لأن المصرى لا يكتفى بما يحصل عليه من عملات حرة من البنوك وبطريق شرعى ولكنه يحرص على شراء ما يريد من هذه العملات من السوق السوداء.. ليغطى بذلك مشترياته، ولاحظوا كم يحمل المصرى معه عند السفر.. وكم يحمل عند عودته!! ولا نقبل هنا بمقولة تدبير المصرى احتياجاته بنفسه، لأن ذلك - فى النهاية - يمثل سحباً مما هو موجود داخل مصر من عملات، ونفس الشىء مع الشراء من الخارج باستخدام بطاقات الائتمان، وأرى ضرورة وضع حد أقصى لاستخدامات هذه البطاقات فى الخارج، وذلك أيضاً لمدة محددة.. لا تزيد على خمس سنوات، إلى أن ننجح فى عبور هذا الخندق الصعب.. كل ذلك مع الحد مما نستورده وأن تتركز وارداتنا على القمح والزيت وغيرهما من السلع الضرورية، إلى أن ننجح فى زيادة الإنتاج المحلى لنقلل من حجم استيرادنا.. مهما كان الثمن.. أما أن نطلق الاستيراد حتى لا تتهمنا منظمة التجارة العالمية بأننا نغلق أبوابنا.. أم يا ترى نعطى لهذه المنظمة - وإرهابها - أكثر مما تستحق.. حتى ولو كان ذلك على حساب الاقتصاد الوطنى المصرى.
كل ذلك بشرط ألا نندفع باتخاذ إجراءات عنيفة، قد تكون ضرورية، ولكن مثل هذه الإجراءات لن تؤدى فقط إلى هبوط شعبية النظام الحالى.. ولكن إلى زيادة الغليان بين أوساط كل المواطنين، وهنا يكمن الخطر، بل والخطأ، لأن ذلك هو أهم أهداف الأعداء الذين يخططون لهدم الدولة المصرية.. خصوصاً بعد أن عرف الشعب الطريق إلى الميادين، وإلى إسقاط الحكومات.. بل والرؤساء أيضاً.
** الحل.. هو المصارحة، والشفافية، وأن يرى الشعب استراتيجية متكاملة لمواجهة أهم هذه المشاكل الآن، وفى مقدمتها الدولار، ولعن الله الخبثاء الذين أشاروا على الأعداء بأن يتخذوا الدولار وسيلتهم لخنق مصر لإشاعة الفوضى والثورة بين الناس.. الذين يحلمون بتحسين أوضاعهم، وهو ما ثاروا من أجله ونجحوا فى إسقاط نظامين ورئيسين.
نقول ذلك لأن سلاح الدولار من أخطر هذه الأسلحة.. ويبقى أن نقول: تموت الحُرة.. ولا تأكل بالدولار!!