أعلن اللواء أحمد الخولى، مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، أن وزارة الداخلية بصدد مناقشة تعديل بعض الفقرات فى قانون المخدرات، لتخفيف عقوبة المتعاطين إلى الحبس وليس السجن، خصوصا من تورطوا فى التعاطى لأول مرة، مشيرا إلى أن دول العالم تسعى إلى عدم تجريم التعاطى.
وشدد الخولى فى حواره مع «المصرى اليوم»، على قرب تحليل المخدرات أثناء استخراج رخص المرور وتجديدها وصولا إلى سحبها لمدة 6 أشهر حال ثبوت تعاطى صاحب الرخصة للمخدرات.
وأكد الخولى أن إدارة مكافحة المخدرات، رصدت وضبطت إرهابيين يمارسون هذه التجارة بقصد التمويل للحصول على السلاح، مشددا على أن المخدرات لا تصنع بمصر نهائيا، وإنما تخضع للغش عقب تهريبها إلى الداخل، وأشار إلى أنه تم ضبط عصابات دولية وقضايا تهريب داخل وخارج مصر، خاصة من مهربى الحشيش المصنع والهيروين والكوكايين وعقار الترامادول، بجانب مكافحة زراعات الأفيون فى سيناء والصعيد.
■ بداية حدثنا عن دور الإدارة فى مكافحة المخدرات؟
- إنها من أقدم إدارات المخدرات على مستوى العالم، وأُنشئت عام 1929، وكانت فى البداية تقوم على نظام استخباراتى وليس شُرطيا عاديا أو نظاما بحثيا، وكانت تعتمد على الضابط اعتمادا كليا فى الحصول على المعلومة، ولا تعتمد على الفرد أو الموظف، وكان الضابط هو الوحدة الأساسية فى عملية مكافحة المخدرات، وبالتالى كان هناك وما زال رقى فى التعامل مع المعلومة وحرص شديد عليها، فى إطار خطة متكاملة للوصول إلى التجار، والقبض عليهم، وهى إدارة تابعة لقطاع الأمن الاجتماعى فى وزارة الداخلية، وهى المنوط بها إنجاز شيئين مهمين، الأول وضع استراتيجية مكافحة المخدرات، على مستوى الجمهورية، وثانياً تنفيذ عملية مكافحة المخدرات والإشراف عليها.
■ وما محاور استراتيجية مكافحة المخدرات؟
- محوران أساسيان؛ الأول هو مكافحة العرض، بمعنى مكافحة عرض المخدرات للبيع، والذى يبدأ من مكافحة التهريب ثم منع الاتجار على نطاق الجملة والتجزئة ومكافحة الاتجار العلنى فى الشارع، فالإدارة تكافح العرض، عن طريق ضبط خطوط التهريب، واستهداف وتصفية البؤر الإجرامية بالتنسيق مع قطاعى الأمن العام والمركزى وضبط القائمين عليها، ثم مكافحة زراعة المخدرات فى شمال وجنوب سيناء ومناطق الصعيد، ويتم ذلك بالتنسيق مع القوات المسلحة، بشكل تام، خاصة مع حرس الحدود وهيئة عمليات القوات المسلحة، وذلك تحت إشراف اللواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية، حيث نشن 4 حملات فى مواعيد حصاد المخدرات (البانجو والأفيون) لتدمير تلك الزراعات، وتتم الحملات فى توقيت الحصاد، وفى مواعيد زراعة الأفيون، حيث نضبط حوالى 80 % من تلك الزراعات بالجمهورية، ثم تكون مكافحة العرض أيضاً بتدريب ضباط الإدارة فى تخصصات المكافحة ولتطوير الأداء فى التعامل مع المخدرات والتاجر وكيفية استخدام الإمكانيات الحديثة، ويتم ذلك عن طريق عقد دورتين أو 3 كل عام.
■.. والمحور الثانى؟
- خفض الطلب، حيث ننسق مع المجلس القومى لمكافحة وعلاج الإدمان، المكون من 14 وزارة، من بينها وزارة الداخلية الممثلة عن طريق إدارة المكافحة، وبالتعاون مع وزارة التضامن متمثلة فى صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، وكذلك مع وزارة التربية والتعليم، لوضع برامج التوعية والتثقيف والتحذير من أضرار المخدرات، لأطفال وطلاب المدارس والجامعات، ثم هناك معهد إقليمى داخل الإدارة، نستقبل فيه طلاب الجامعات وجميع المراحل السنية بالمدارس، لعقد محاضرات عن أضرار المخدرات، ولنا حضور قوى فى مؤتمرات خفض الطلب المحلية والدولية، لمحاولة خفض أعداد المدمنين، كما أننا نوفر مع وزارة الصحة أماكن لعلاج المدمنين، بحوالى 15 مركزا لعلاج المدمنين على مستوى الجمهورية.
■ كيف تخترق المخدرات مصر؟
- لنا حدود غربية حوالى 1300 كيلو متر، وعلى الجانب الآخر من تلك الحدود لا توجد دولة أو حكومة تكافح المخدرات أو حتى لتضبط عصابات التهريب، فتلك العصابات استهدفت ليبيا كدولة جوار لمصر، حتى تكون بمثابة مكان لإنزال المخدرات من البحر وتخزينها لمحاولة إدخالها للبلاد.
■ وما سبل مواجهة التهريب؟
- فى الواقع.. الحشيش يُنتج بصفة أساسية فى دولتى المغرب ولبنان ويصل إلى ليبيا عن طريق البحر أو البر، وفى البداية كنا نضبط المخدرات القادمة من ليبيا عبر الدروب الجبلية فى الصحراء الغربية، ووجدنا أن هذه الطريقة صعبة جدا، وتسربت كميات كبيرة، فنقلنا استراتيجيتنا إلى خارج حدود ليبيا، حيث اعتبرناها دولة غير موجودة، أو جزءا من أراضى مصر، وبدأنا نكافح المخدرات قبل أن تدخل ليبيا، وبالتالى تحتم علينا التنسيق مع دول مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وتونس والجزائر وموريتانيا وتشاد، وضبطنا كميات من مراكب الحشيش القادمة من المغرب قبل أن تصل ليبيا، ولم يعننا أن نضبط نحن المخدرات، فيكفى إرسال المعلومة إلى تلك الدول، حيث أثبتت تلك الاستراتيجية جدواها، ومنعنا حوالى 90% من مخدر الحشيش الذى يستهدف مصر، حتى ارتفع سعر الحشيش من 15 ألف جنيه فى 2011 إلى 40 ألفا للكيلو فى 2016 بسبب هذه الضربات.
■ وعقار الترامادول.. لماذا انتشر؟
- لقد عُرف كمسكن ومنشط فى نفس الوقت ويعطى نفس خواص الأفيون، وبدأت الناس تجربه وأغلبهم الحرفيون والسائقون الذين يستخدمونه كمسهّر، وكثير من السيدات العاملات اللاتى يبذلن مجهودا، يتعاطين الترامادول، ويعتمدن عليه، ليتحول إلى إدمان.
■ ما هى طبيعة العقار؟
- فى حقيقة الأمر، نحن الذين أسأنا استخدامه، فهو فى الأصل عقار طبى يُستخدم فى العلاج، فبدأ أناس يتعاطونه كبديل للمخدرات لعمل «دماغ أو هلوسة»، فوضعناه على الجداول، وأصبح جناية وليس جنحة، فالذى يتم ضبطه بالترامادول سيحال إلى المحاكمة، إلا الذى يحمل روشتة طبية فلا يدخل فى دائرة العقاب، فالروشتة تعتبر تصريح إباحة ولكنه بضوابط أيضاً، ثم نسقنا مع الإدارة المركزية لشؤون الصيدلة، ولدينا حصر بالصيدليات التى تبيع الترامادول والكميات الموجودة بها، وضبطنا منه كميات مهولة خلال السنوات الماضية.
■ إذن.. كيف تمت محاصرته؟
- حصرنا كبار مهربى الترامادول وضبطناهم فى قضايا كبيرة ومعظمهم داخل السجون الآن، وشددنا على الحدود مع المناطق الغربية، ونسقنا مع الدول المنتجة للعقار مثل الهند، وتبادلنا المعلومات عن شحنات الترامادول القادمة من هناك، ووضعنا قيودا على عملية دخول الحاويات، وآخر قضية كنا قد ضبطنا حاوية بها 8 ملايين قرص فى ميناء شرق التفريعة ببورسعيد، وكذا ننسق مع الأجهزة الداخلية كالجمارك وأمن الموانئ وجميع المنافذ الشرعية والمطارات فى محاربة الترامادول، فارتفع سعره من 4 جنيهات إلى 200، ولا يصنع فى مصر إلا على نطاق محدود وفى معامل صغيرة، وضبطنا العام الماضى مصنعا صغيرا للترامادول فى مدينة بدر.
■ هل تستعينون بأبحاث علمية فى مكافحة المخدرات؟
- بالطبع، نحن لسنا جهاز شرطة نمطيا، وإنما نتبع أحدث الوسائل العلمية فى عملية المكافحة، ولدينا تبادل للمعلومات مع المركز القومى للبحوث الجنائية، ودراسات حول المخدرات وخاصة الجديد منها، نأخذ أحدث الوسائل العلمية فى عملية المراقبة والاتصال والأجهزة، ونطور من أمورنا ولدينا معمل نعمل على تجديده لتحليل المخدرات.
■ ما الفرق بين المخدرات الطبيعية والصناعية وكيف يتم رصد أحدثها؟
- المخدرات تراثية فى مصر، الحشيش والأفيون أقدمها منذ مئات السنين، فالحشيش كان قادما من لبنان وزراعته ظهرت فى الثمانينات، ولم نعرف المخدرات الصناعية (الكيمياء) كالهيروين، وتتم زراعة الأفيون والكوكايين يستخرج من شجرة الكوكا، ثم ظهرت الأقراص المسكنة ثم المهلوسة وهى تُنتج فى المعامل وهى صناعة عالمية، ولدينا مرصد لذلك، بالإضافة إلى مرصد الأمم المتحدة، وأى مخدر ينتشر يتم تحريمه ويدرج على اتفاقيات، ولدينا لجنة ثلاثية بين وزارتى العدل والصحة ونلتقى بها شهريا مرتين، ونبحث المخدرات الجديدة التى تنزل السوق ونحللها فى المعامل ونضعها على الجداول بقرار من «الصحة»، تصوغه «العدل» لمراقبة حركة المخدرات داخل الدولة.
■ بالطبع ثمة أساليب متنوعة فى التهريب.
- أساليب الإخفاء تتطور بصفة يومية، وضبطنا فى مطار القاهرة أحد المهربين بالع المخدرات، وكذلك يتم تهريبها مشبعة فى الملابس، والمهرب دائما يطور من نفسه ونحن فى الإدارة نطور من أنفسنا، بجانب أننا أنشأنا إدارة جديدة تسمى إدارة التوعية والاتصال بأجهزة خفض الطلب، للتوعية فى الجامعات والمدارس، والتنسيق مع كل الجهات المعنية، وهناك إدارة جديدة للرقابة على الكيماويات والمواد المستوردة من الخارج لتصنيع الملابس، فلا أحد يستطيع أن يستورد أى مادة من تلك المواد إلا بإخطارنا والحصول على الموافقة، لأن هناك مواد تدخل فى تصنيع المخدرات مثل برمنجات البوتاسيوم والأسيتون وأيضا تدخل فى صناعات أخرى كصناعة الملابس.
■ وكيف تعاملت الإدارة مع هذه الحيل الشيطانية؟
- استطعنا أن نوسع علاقتنا بدول العالم، وأصبح هناك تبادل للمعلومات، فالكوكايين يصنع فى أمريكا اللاتينية، ويتم تهريبه عبر المطار، وضبطنا عشرات القضايا، كما تم ضبط العديد من التشكيلات العصابية الأجنبية، خاصة العناصر من لبنان وأمريكا الجنوبية، وتم سجنهم، إلى جانب أن الإدارة تغطى كل أنحاء الجمهورية، كل ميناء فى مصر بحرى أو جوى به مكتب للمكافحة بجانب أقسام المكافحة بمديريات الأمن، والتى تتبع الإدارة فنيا.
■ والهيروين؟
- هو بالفعل أخطر مخدر فى العالم، ويتسبب فى حالة الإدمان الجسدى، ومن يدمنه يدخل فى دائرة مستحيل أن يخرج منها، وهو عقار قاتل، يدمر خلايا الجسم ويجعل المدمن عبداً للمخدر، ومن الممكن أن يفعل أى شىء للحصول عليه، ومن الممكن أن تبيع منزلك أو تقدم زوجتك لتجار المخدرات، وهو دمار للأسرة كاملة نفسيا وماليا واجتماعيا، فالهيروين يتم إنتاجه من الأفيون، وأثره قوى ومركز ويتحكم فى العضلات اللاإرادية فى الجسم، ونحن لا نرحم تاجر الهيروين حتى لو تم ضبطه بنصف جرام، ويصنع فى جنوب شرق آسيا، يتم نزوله إلى البحر الأحمر أو ساحل عمان، ثم جنوب مصر ثم سيناء، ويتم غشه فى سيناء، وهناك طريق ثان، من المنافذ الشرعية عبر دبى ثم القاهرة، والصيادون يتسلمونه من السفن الكبيرة فى عرض البحر ثم يهربونه إلى داخل البلاد، ويدير تلك العملية عصابات دولية منظمة، ومدمن الهيروين يحتاج 150 جنيها يوميا، لذلك يلجأ المدمن إلى الانتماء إلى مجموعات لأصدقاء مدمنين.
■.. والكوكايين؟
- يصنع فى أمريكا الجنوبية، وهو باهظ الثمن، ولذلك تسيطر على عمليات تهريبه المافيا العالمية، وتستطيع أن تهرب الكوكايين إلى أى دولة فى العالم، مستغلة الفساد والانفلات الأمنى بجانب تجنيد العملاء، ويأتى من المطارات.
■ وأين دور المغرب ولبنان كبلدين منتجين للمخدرات؟
- الأمم المتحدة دعمت لبنان ببرنامج التنمية البديلة، فتوقف إنتاج الحشيش لمدة 10 سنوات، إلا أنه مع اضطراب الأوضاع عادت زراعة الحشيش هناك، مستغلين ما يحدث فى سوريا، أما المغرب فهناك أماكن صحراوية كثيرة وتغذى أوروبا بأكملها.
■ صار الأطفال الآن يستخدمون كـ «ديلرز».. فما تحليلك؟
- يتوقف استخدام الطفل فى عملية الاتجار على أسرته، فعندما يتورط أحد أفراد الأسرة فى هذه التجارة الملعونة فطبيعى أن يستخدم طفلا فى عملية تسليم المخدرات، وفى سن مبكرة، حتى لا يتم ضبط تاجر المخدرات، فإذا تم ضبط الطفل فلا ثمن له بالنسبة للتاجر.
■ وماذا عن الحملات على السائقين وسائقى أوتوبيسات المدارس تحديدا؟
- حفاظا على الأطفال، بدأنا فى إجراء تحليل مخدرات لكل سائقى أوتوبيسات المدارس، لنعرف من يتعاطى المخدر، ونحرمه من هذه الوظيفة، ثم تحليل لكل سائقى السيارات عموما وسائقى النقل على وجه الخصوص، وهناك قريبا تعديل فى قانون المرور بحيث يتم تحليل المخدرات أثناء استخراج الرخصة وتجديدها، وأثناء السير إذا ثبت التعاطى يتم سحب الرخصة منه لمدة 6 شهور.
■ هل تبذل الدول الأوروبية نفس الجهود فى المكافحة؟
- دول أوروبا متوفرة بها المخدرات، لكن ليس هناك إقبال عليها مثلنا، نحن شعب غير مثقف ولا نعرف أضرارها، ونبذل قصارى جهدنا فى التوعية، نريد من الشباب أن يسمعنا، خاصة من سن 15 إلى 25 سنة، فى هذه الفترة الحرجة، وقبل أن تتعاطى المخدرات انظر إلى أضرارها.
■ هل تسبب الانفلات الأمنى عام 2011 فى دخول كميات كبيرة من المخدرات؟
- بالفعل تأثرنا كثيرا بسبب التداعيات الأمنية لثورة يناير، أو بمعنى أدق تأثرنا بالربيع العربى، حيث كان له تأثير قوى على عملية تهريب المخدرات وارتكاب الجريمة.
■ وهل معنى ذلك أن المخدرات لا تصنع فى مصر؟
- نعم.. إنها تأتينا من الخارج مهربة عبر طرق ومنافذ سرية، فالذى وقع فى 2011 أثر فى محورين مهمين جدا، أولا سهولة انتقال المخدرات إلى دول الجوار، ثم إلى مصر فى عمليات تهريب، وعلى المستوى المحلى، كان الانفلات المصاحب لثورة 2011، قد تسبب فى انفلات الشارع المصرى، وبالتالى خرج المجرمون من أوكارهم إلى الشارع العام، فظهرت علنية الاتجار فى المخدرات، وأؤكد أنه ليس لدينا صناعة داخلية للمخدرات، ولكن لدينا فقط غش للمخدرات القادمة من الخارج، كإضافة مكونات للحشيش لتضخيم الكمية قبل البيع، أما الأفيون فهو حالة خاصة، لأنه عقار يُستخدم من الشجرة مباشرة، ونكافح زراعته فى سيناء والصعيد، والكمية التى تخرج من الأفيون لا تمثل لنا مشكلة ومتعاطوه عدد قليل من كبار السن خاصة فى الصعيد.
■ معنى ذلك أن المكافحة احتاجت منكم جهدا مضاعفا؟
- هذا ما حدث بالفعل منذ 2011 وحتى 2016، حتى نقضى على هذه الجريمة ونُعيد الشارع إلى صوابه، وضبطنا معظم إنتاج المخدرات التى كانت تخرج إلى الشارع وضبطنا معظم المجرمين، لكن هذه الظاهرة استحدث فيها أناس جدد فى عمليات تهريب المخدرات أو الاتجار، من بينهم مثقفون وطلبة، واختلفت نوعيات الناس التى تتاجر فى المخدرات، ولم يظل تاجر المخدرات التقليدى كما هو، ولم تظل تلك الأماكن والأوكار التى كان مشهورا عنها أنها وكر للاتجار فى المخدرات، بل أصبح التجار متواجدين بالشارع للاتجار لمدة ساعة أو ساعتين للتوزيع.
■ مؤخرا.. صارت نماذج التجار أبطال أفلام السينما ودراما التليفزيون؟
- عقدنا اجتماعا بوزارة التضامن، حول المسلسلات التليفزيونية، لإقرار ميثاق شرف مع صناع السينما والإعلام، ومنذ عامين أبدينا اعتراضنا على ظهور بطل السينما والتليفزيون وهو يتعاطى المخدرات، أو تاجرا، أو زعيم عصابة، أو ممسكا بسلاح أبيض، أو بلطجيا، وقدمنا توصيات فى هذا الشأن، حتى لا يقتدى به الأطفال، فالسياق الدرامى يجذب وراءه المجتمع، وتجسيد البطل بهذا الشكل أعطى إيحاء لـ90 % بأن يقتدوا بهذا البطل السينمائى، لكن أين تليفزيون زمان، أبطال السينما كانوا يحافظون على القيم والأخلاق، وركزنا فى اجتماعنا على مسلسلات رمضان المقبل بحيث لا تتناول تجار المخدرات كأبطال، لكن إن تم العرض بغرض التحذير والتحفيز على الإقلاع والعلاج فهو ممكن.
■ هل يخضع المتعاطون للعلاج بعد ضبطهم؟
- من حق القاضى إيداع المدمن إحدى المصحات للعلاج، خاصة من تنتابه أعراض الانسحاب بسبب منعه من التعاطى داخل محبسه، بجانب أننا حاليا ندرس بعض التعديلات لمصلحة المواطن، نصبو إلى تعديل بعض الفقرات فى قانون المخدرات، ونفكر فى أن تكون عقوبة المتعاطى الحبس وليس السجن، وجنحة وليس جناية، وللمتعاطين عموما باستثناء المسجلين فى قضايا التعاطى، وذلك حتى لا يتم تدمير شاب فى مقتبل حياته، فضلا عن أننا نحاول تخفيف تجريم التعاطى لأول مرة، بدلا من شهر أو شهرين أو 3، فالعالم كله يتجه إلى إعفاء المتعاطى من العقاب، لكن فى مصر لا يصح إعفاؤه مطلقاً.. إن ثقافتنا مع المخدرات تحتاج إلى وقت.
■ لماذا يتم تجريم المخدرات وليس الخمر؟
- المخدرات محددة باتفاقيتين فى الأمم المتحدة وقعت عليهما مصر، وهناك مؤتمر سنوى فى فيينا يعقد فى مارس ويتم به مناقشة كل شىء حول المخدرات، ونحن مرتبطون فى تجريم المخدرات باتفاقيات الأمم المتحدة، أما الخمر بعيدا عن الشريعة فهى غير محرمة على مستوى العالم ومباحة فى كل دول العالم إسلامية وغير إسلامية وغير مجرمة إطلاقا، لكن التشريعات داخل الدولة قد تتخذ قرارات خاصة بنا، فنحن مجتمع مسلم ونعرف كيف نقنن الخمر، الخمر فى كل دول العالم لا تباع فى الرصيف، يتم بيعها بقوانين ولوائح، ولتعاطى الخمر يجب أن تدخل مكانا سياحيا، والخمر لم يجرم خصوصا بسبب السياح، أنا لا أستطيع تجريم الخمر وليس هناك اتفاقيات.
■ ما أحدث أنواع المخدرات فى مصر؟
- الفودو (سبيسى)، ووضعناه على الجداول، وهو عبارة عن بودر أقوى من الحشيش ويوضع على السجائر، وهناك الكبتاجون وهو عقار منشط ونفسى ومخدر منتشر فى دول الخليج وهو رقم واحد هناك، وينتج بين سوريا ولبنان، القرص بـ150 جنيها، ويتم تهريبه فى حاويات وبرادات وضبطنا فى ميناء دمياط 9 ملايين قرص داخل حاوية.
■ بصراحة.. هل انتهت أساطير البؤر الإجرامية المتخصصة فى تجارة المخدرات؟
- بعض الأطراف عظمت من شأن تلك البؤر، والدولة داهمت الباطنية فى الثمانينات وصفّتها، وانتهت الأسطورة، فكل تجار المخدرات ذهبوا إلى حدود القاهرة الكبرى وخاصة القليوبية للتخزين فى حدائق الموالح كمناطق كوم السمن والجعافرة وأبوالغيط.
■ وبؤرة وادى السحر والجمال؟
- إنها منطقة أطلقوا عليها السحر والجمال بجوار مصنع الصفتى (مصنع سكر)، منطقة صحراوية بين الشرقية والإسماعيلية ويعيش فيها بدو من الشرقية وسيناء، هناك تاجر المخدرات يبحث عن الزبون، وهو يعرف أن أكبر مدمنى الهيروين متواجدون بالقاهرة الكبرى، فتجار المخدرات يأتون ومعهم سلاح، وقد دمرنا البؤرة 3 مرات ولن نتركها أبدا.
■ وماذا حدث بالنسبة لقضية وادى الملاك الأخيرة؟
- هى منطقة فى التل الكبير وتتضمن تخزين حدائق المانجو والبرتقال، وضبطنا هناك نصف طن حشيش.
■ والآن.. هل ارتبطت تجارة المخدرات بالإرهاب؟
- ارتباطا قويا جدا، وتحديدا خلال السنوات الخمس الأخيرة، والقائمون على تمويل المخدرات من بينهم متطرفون، وأماكن إنتاج المخدرات يشرف عليها هؤلاء المتطرفون، وتستغل فى تمويل السلاح والعمليات الإرهابية، وضبطنا عصابات إرهابية مرتبطة بهذا الأمر.
■ هل مصر تستخدم كنقطة عبور للمخدرات إلى بلدان أخرى؟
- بالفعل ضبطنا عصابات فى مصر تستخدمها كنقطة عبور، خاصة المخدرات المتجهة إلى دول الخليج القادمة من لبنان.
■ وكيف تواجهون عصابات الجريمة المنظمة؟
- إنها ليست بالسذاجة التى نتخيلها، فناقلو المخدرات غير منتجيها وغير متسلمى الأموال ولا يعرفون بعضهم بعضا، ونحن فى الإدارة لدينا معلومات كافية عن معظم هذه العصابات، وهناك تعاون مع الدول، ومعلومات يومية عن هؤلاء الأشخاص وعمليات التهريب، وضبطنا فى دمياط إحدى الحاويات تابعناها من سواحل لبنان وتركناها فى البحر ودخلت إلى دمياط وتم تخزين المخدرات فى عزبة البرج وتركناهم حتى ملاقاتهم للمتسلمين وضبطنا حوالى ما يقرب من طن حشيش و300 ألف قرص كبتاجون وضبطنا تاجر مخدرات كبيرا جدا نعرفه تماما أثناء تسلمه يدعى سمير عبدالظاهر مسجل مخدرات وسبق اعتقاله أكثر من مرة.
■ هل رصدتم شبكات دولية داخل مصر؟
- رصدنا شبكة تهريب ترامادول على مستوى العالم، وأعطينا لكل دولة المعلومات الخاصة بها فى ليبيا وإيطاليا ومالطة، وضبطنا طن حشيش عند دخوله مصر، وندمر تلك الشبكات أولا بأول.
■ كيف تعرفون أنكم ضبطتم أكبر كمية من المخدرات؟
- لا نستطيع إعطاء نسبة مئوية عن هذه الكميات، لكن ارتفاع أسعار المخدرات يعطى انطباعا جيدا عن جهود الإدارة.