x

حسن البنا لـ«هيكل»: «شعارنا سيفان .. ودستورنا القرآن.. هبي يا رياح الجنة على رهبان الليل.. وفرسان النهار.. هذا نداء الإخوان»

الأربعاء 17-02-2016 18:37 | كتب: ماهر حسن |
حسن البنا - صورة أرشيفية حسن البنا - صورة أرشيفية تصوير : اخبار

قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل في معرض حديثه التليفزيوني مع الإعلامية لميس الحديدي في 26 ديسمبر 2014 إنه أجرى حوارًا مع حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى أنه نشر في مجلة «آخر ساعة» عام 1964، ويحمل عنوان «شعارنا سيفان .. ودستورنا القرآن".. «هبي يا رياح الجنة ! على رهبان الليل.. وفرسان النهار.. هذا نداء الإخوان».

وعثرنا على حوار صحفي مع حسن البنا في «آخر ساعة» بتاريخ 15 مارس 1946، لكننا لا نستطيع القطع إذا ما كان الحوار الذي عثرنا عليه هو الحوار الذي أشار له «الأستاذ» أم لا ؟، خاصة وأننا وجدنا الحوار منشورًا دون توقيع الصحفي، الذي أجراه ولا يستطيع النفي أو التأكيد في هذا السياق سوي «الأستاذ»، رغم أن طريقة الحوار، الذي يجمع بين «البورتريه القلمي» و«السؤال والجواب»، واللغة، وطريقة العرض الأقرب إلى السرد الأدبي، والوصف الدرامي قريبة الشبه جدًا بكتاباته في تلك المرحلة وننشر نص الحوار.

في «بورتريه» قلمي لشخصية «البنا» قال كاتب الموضوع: "رأيت الأستاذ حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين منذ عامين مرتين، الأولى يخطب جماعة من طلبة الطب، ورأيته في الثانية يناقش مجموعة من الشبان المثقفين، ورأيت سامعيه في الحالتين يقابلونه بالابتسام والضحك والسخرية والصفير، لكنه تكتم وتغلب وسيطر وانتصر بسهولة عل معارضيه في الحالتين، وفي كلتا الحالتين رأيته فيهما صامتًا، ورأيته يتكلم وجهه على الحالين مشوب بمسحة وقار لطيف، حاد الملامح بين التعابير تحت جبين عريض، لماح بقبس من الذكاء، تقتعد وسطه زبيبة صلاة كبيرة داكنة من أثر السجود، عيناه هادئتان بسيطتان دائم الابتسام، فاره القامة، رحيب الهيكل، يبدو قويًا كشجرة سنديان، في صوته عمق وعرض وطول وللسانه سحر، إذا تكلم يتلاعب فيه بالألباب، وقد أمده الأدب العربي على شتى أصوله بفيض هائل من الآيات والأحاديث وأمجاد الجاد الإسلامي يطلقها من فمه كالمدفعي الماهر في أنسب وقت وأنسب مكان، فيكون لها فعل القذائف في معارضيه، تري هل يمكن أن تتألف من مجموعة هذه الألوان والخطوط صورة زعيم ؟؟".

أما عن حوار «الأستاذ» مع «البنا» فلم يكن حوارًا خالصًا، وإنما كالمعتاد تخلله الوصف السردي، والحكي الوصفي، الذي تتخلله الأسئلة، حيث كان ضمير «المتكلم» لكاتب الموضوع حاضرًا طوال الوقت من قبيل "حين التقيتناه"، و"رأيت".

فيبدأ الكاتب الحوار بقوله: "هذا مقال كتبناه وحديث أخذناه من الأستاذ حسن البنا منذ نحو 3 أسابيع، أي عقب حوادث (يوم الجلاء)، ولكن تطورات الموقف السياسي وحوادث الأسبوعين الأخيرين كانت تحملنا على تأخير نشره لكي نخصص هذه الصفحة الأولي للحوادث الجارية واليوم بإذن الله ننشر المقال والحديث".

ومضى الكاتب يصف أحوال مصر في كبواتها وصحواتها، ثم يسأل: «من هم الإخوان المسلمين، الذين يمثلون ثورة وإفاقة رابعة من بعد كبوة، والذي يزعم الرواة أنهم وراء كل مظاهرة وكل حركة إضراب ؟ وأنهم القوة المحركة الدافعة لهذه الفورة الجديدة، التي توجه الشعور الوطني هذه الأيام ؟».

ويمضي الكاتب مجددًا ليضيف المزيد من الوصف لشخصية «البنا» فيقول: "مدرس خط ومع ذلك فإن خطه بشهادته ليس جميلًا، بل ولا مقروءًا, وزعيم لمليون من المصريين، ولكنه وبشهادته ليس زعيمًا، وإنما هو مدرس فقط، ولعل هذا هو مصدر لقبه الرسمي، وهو المرشد العام للإخوان المسلمين، أما الإخوان المسلمون أعني الجمعية نفسها، فهي شعار مكون من سيفين متقاطعين بينهما مصحف كتبوا تحته كلمة (وأعدوا)، ثم المرشد العام ذلك الرجل الملتحي ذو العينين البراقتين، والصوت الحازم القوي المكين، وليس هناك بعد ذلك إلا المليون رجل فقط على استعداد لبذل آخر قطرة من دمائهم عندما يأمر بذلك المرشد العام، وهذا هو كل شئ».

ثم يدخل كاتب الموضوع لمرحلة الحوار مع «البنا»، ويسأله عن دلالة «السيفين» في شعار الإخوان، فيقول: «هما رمز الجهاد»، ثم سأله المحاور: «والمصحف ؟»، فقال «البنا»: «دستوره»، فسأله: «والكلمة المكتوبة بين السيفين وأعدوا؟»، فقال «البنا»: «هي الكلمة الأولى من الآية الكريمة (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم».

ويضيف المحرر: «لم نستطع أن نكمل بقية الحديث، فقد قام المرشد العام لأن 5 آلاف من أنصاره جاءوا يتلقون تعليماته بعد حوادث (يوم الجلاء)، ويظهر أن ميزة هذا الرجل الكبرى هي أنه يعرف كيف يخاطب الناس، وكيف يلهب شعورهم، والذي يسمعه وهو يقول لهم:" اسمعوا يا خير أمة أخرجت للناس"، أو وهو يناديهم :"اسمعوا يا جند محمد ويا جيش الخلاص ويا كتائب الإنقاذ ويا رهبان الليل وفرسان النهار"، الذي يسمعه وهو يقول هذا ثم يسمعهم يجيبون عليه بدوي كهزيم الرعد يدرك فورًا أن هذا الرجل أوتي قدرة خارقة على فهم نفسية الجماهير، وكيف يلهب مشاعر هذه الجماهير، وسمع الشيخ بعد هذا يحدثهم عما جرى أخيرًا فيقول أنه يأسف لأنه كان يريدها مظاهرات سلمية لا لأنه يعتقد أن حقوق مصر تنال بالمظاهرات السلمية فقط، ولكن لأنه يرى أن الوقت لبذل الدم لم يحن بعد، وأن كل القوة وكل البأس يجب أن يدخرا ليوم الدم، ولكنه مع أسفه لهذه الحوادث يؤمن أن هذه هي إرادة الله وما يريد الله إلا الخير للعباد، وتسمع بعد ذلك هزيم الرعد: "الله أكبر.. ولله الحمد".

ويتابع المحرر قائلًا: «يعود إلينا الأستاذ حسن البنا يتخذ مجلسه بيننا، ويتحدث إلينا عن دعوته فقال: "لا أستطيع أن أحدد متي وكيف نشأت دعوتي هذه، فهناك أفكارًا تنشأ مع الإنسان يوم ينشأ على أنها برزت عقب تخرجي من دار العلوم في شعبتين إحداهما في الإسماعيلية، حيث كنت أقيم، والأخرى في شبراخيت".

وسأله المحاور: «وكم عدد الشعب المنتمية للجمعية الآن؟»، فأجاب «البنا»: «في مصر ألف وخمسمائة شعبة تضم مليونًا من الإخوان، ولنا شعب أخرى في الشرق كله تجعل منا مليونًا ونصف المليون من الإخوان العاملين عدا الإخوان المناصرين وهم كثيرون»، فسأله المحاور: «ولكنكم تحولتم في السنوات الأخيرة إلى ناحية النشاط السياسي ؟»، فقال «البنا» : «النشاط الوطني تقصد فما لنا علاقة بالسياسة، ولقد حرصنا دائما على أن لا نحتك بالأحزاب أو الهيئات، فلما نشبت الحرب حرصوا هم على أن يحتكوا بنا، وتولدت من الاحتكاك الشرارة، التي لفتت إلينا الأنظار».

وسأله المحاور: «هل تشترك في الانتخابات إذا أجريت انتخابات قريبة ؟»، فأجاب البنا: «نعم»، فسأله المحاور: «وهل تضمن النجاح ؟»، فأجاب : «أستطيع في انتخابات حرة أن أحصل علي أغلبية ساحقة، هذا لو أنني أردت ذلك، ولكنني في الواقع لا أريده، فمكاننا في صفوف الشعب أكثر منه في صفوف الحكام، ولهذا لن نتقدم إلا في عدد صغير من الدوائر».

وسأله المحاور: «هل معنى هذا أنك لا تقبل رئاسة الوزراء إذا عرضت عليك ؟»، ففاجأه «البنا» بقوله : «بل أقبل، والحكم ليس متعة، وإنما هو جهاد، فأنا إن قبلته فإنما لأقول للإنجليز إما أن يتم الجلاء وإما – وهذه أقولها للمصريين – "أيتها الأمة جاهدي فالجهاد سبيلك الوحيد، لقد سألت النقراشي باشا يوما أن يطالب بالجلاء صراحة، فإن ماطل الإنجليز فلا يستقيل، وإنما يقود الأمة في ميدان الجهاد".

وسأله المحاور: «وهل كنت تتعاون معه ؟»، فقال «البنا»: «أنا وراء كل رئيس وزراء يدعو إلى الجهاد»، فسأله المحاور: «وهل عندك القوة ؟»، فأجاب : «عندي مليون»، فسأله المحاور: « والسلاح ؟»، فأجاب «البنا»: «سلاحنا الإيمان، وكل أخ من الإخوان يؤمن بأن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يجاهدون في سبيل الله، فيقتلون ويقتلون وستجدنا يوم يبدأ الجهاد نستقبل الرصاص صائحين هبي يا رياح الجنة.. ونقف عند هذا الحد من الحوار المطول».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية