في نظرية «نيوتن» الشهيرة، يبدو العالم وكأنه قد وجد ضالته حين نطق كلمة السر «وجدتها» التي ستمهد له الطريق إلى اكتشافات عبقرية وثروات طائلة تضمن له حياة مترفة طوال عمره، وبالرغم من أن الحياة الواقعية أكثر بساطة من نظرية «الجاذبية» إلا أن الحكومة تبدو أيضًا وكأنها قد وجدت ضالتها لمعالجة انكماش احتياطي النقدي الأجنبي في رفع سعر الصرف للدولار إلى 8.25 جنيه في موازنة السنة المالية المقبلة، وكأنه كلمة السر لحل كل المشكلات الاقتصادية الراهنة.
وتواجه الموازنة العامة للدولة للعام المالي المقبل «٢٠١٦/٢٠١٧، التي بدأت وزارة المالية إعدادها مؤخرا، أزمة على خلفية نقص العملة الأمريكية، ومعاودة الدولار الارتفاع بالسوق الموازية للصرف (السوق السوداء)، ما دعا الوزارة إلى تقدير سعر الصرف، بمشروع الموازنة الجديدة بنحو ٨.٢٥ جنيه، بينما يثبت البنك المركزي السعر رسميا عند ٧.٨٣ جنيه.
ويرى إبراهيم الغيطاني، الباحث الاقتصادي في المركز الإقليمي، أنه لم تنجح الإجراءات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي لتقييد قطاع الواردات، وزيادة سقف إيداع الدولار بحسابات العملة الأجنبية بالبنوك للأفراد والشركات إلى مليون دولار شهريا، فضلا عن قرارات الجمارك مؤخرا، لزيادة موارد البلاد الدولارية.
وبلغ حجم الواردات المصرية نحو 68 مليارًا و376 مليون دولار في نهاية عام 2014، منها ما لا يقل عن 6 مليارات دولار سلعًا غير استراتيجية، وفقًا لإحصائيات وزارة التجارة والصناعة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة لعام 2014.
ويضيف «الغيطاني»: «في ظل أزمة نقص عملة حقيقية مدعومة بتراجع الصادرات والسياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة، فضلًا عن تراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي، كان لابد أن يرتفع سعر الصرف للدولار في السوق السوداء لحدود مجنونة»، على حد قوله.
وواصل «الدولار الأسود» ارتفاعه مع قرارات البنك المركزي التي رفعت الحد الأقصى للإيداع للشركات الصناعية المصدرة، ليسجل حتى، منتصف الثلاثاء، 9.07 جنيه، وسط تنبؤات بمزيد من الارتفاعات.
ويقول محسن خضير، الخبير المصرفي: «إن ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء ليكسر حاجز الـ٩ جنيهات لا غرابة فيه أو خروج عن المألوف، لأن الجنيه المصري مريض، وفقًا لقوله، وتوقع قيام وزارة المالية بزيادة سعر صرف الدولار الرسمي بالموازنة الجديدة بقيمة ٨.٢٥ جنيه».
ويشير «خضير»، في تصريحات لـ«المصري اليوم»، إلى أن الاتحاد الأوروبي في مقدمة التكتلات الجغرافية المستوردة من مصر بعد دول جامعة الدول العربية، وبالتالي نستطيع أن نُخمِّن بسهولة لماذا يتراجع قطاع التصدير؟، والإجابة ببساطة شديدة، على حد قوله، بسبب تراجع سعر اليورو مقابل الجنيه المصري.
ويضيف: «لو قلنا إن العامل الحاسم في هذا الشأن (تعافي قطاع التصدير من عدمه)، هو سعر اليورو لا الدولار بعكس ما هو شائع، والدليل أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول لمصر، ومن ثم فسعر صرف اليورو يعد أمرًا حاسمًا ومُنقِذًا فيما يتعلق بتعافي الصادرات».
ويقترح «خضير» الحل للخروج من الأزمة، بتحريك سعر صرف الجنيه الرسمي ليقترب من سعر السوق الموازية، مطالبًا بإنشاء وزارة الاقتصاد لتبدأ فوراً في وضع خطة شاملة لإنقاذ الاقتصاد المصري.
وبلغ إجمالي صادرات مصر للاتحاد الأوروبي 6.469 مليار دولار في العام 2014.
وواصل البنك المركزي تثبيت سعر العملة الأمريكية رسمياً في عطاء طرحه أمام البنوك، عند ٧.٧٣ جنيه، وباع ٣٨.٨ مليون دولار، من إجمالي ٤٠ مليون دولار تمثل قيمة الطرح، ليواصل استقراره في البنوك عند ٧.٨٣ جنيه، وقرر البنك حظر استخدام الدولار في المعاملات التجارية شراء وبيعاً في مجال السلع والخدمات، على أن يكون التعامل بالجنيه فقط، سواء من خلال التعامل المباشر أو باستخدام ماكينات الدفع الآلي والبطاقات الائتمانية.