أعلم أنهم يبحثون عن وزير إعلام فى كومة القش التى تنبعث منها رائحة الحريق، ويجدّون فى البحث، ويتداولون أسماء. وزير إعلام تانى، الشغل على قديمه، تفكير من جوه الصندوق، التفكير من خارج الصندوق يقيناً هو البحث عن وزير لحقوق الإنسان، واستحداث وزارة لحقوق الإنسان.
مطلوب وعلى وجه السرعة وزير يدافع عن سمعة البلد التى استبيحت تماما فى حادثة مقتل الباحث الإيطالى «جوليو ريجينى»، استباحة كاملة، داخلياً وخارجياً على نحو غير مسبوق، نزفت مصر كثيراً، ولا سبيل لإيقاف النزيف بأربطة الشاش، التدخل الجراحى يوفر حلاً.
وزارة حقوق الإنسان ليست ترفاً، ولا تجملاً، ولا خضوعاً لإملاءات وضغوط، ولا رقصاً على طبول الغرب التى تدق بعنف فى هذا الملف الملتبس مصرياً، حالة حقوق الإنسان فى مصر يلزمها وزير عينه وعبادته هذا الملف، لا ينام ولا يغمض له جفن إلا إذا وفّر إجابات كاملة عن حادثة اختفاء رضيع فى الصعيد، سمع صرخته مركز حقوقى فى بولاق.
فى أمس الحاجة إلى وزير محترم، شخصية، ذى مصداقية، متحرك، قادر بلسان مبين على البيان، مصر لسانها مقطوع فى هذا الملف، وتنزف من سمعتها يوميا، حجم الصادرات مهم، ومقدار المصداقية أهم، مصر تفقد مصداقيتها تباعاً فى هذا الملف الخطير، وسندفع ثمنه فادحاً وعاجلاً.
وزير حقوق الإنسان ليست نكتة ولكنها ضرورة ملحة، وطالما رئيس الحكومة يدرس إجراء تعديل وزارى بعد إلقاء بيانه فى مجلس النواب، استحداث هذه الوزارة صار حتمياً، لتلم شتات المنظمات والمراكز الحقوقية المبعثرة، وليجمع هذا الجمع الغفير على مدونة سلوك حقوقية تضبط الإيقاع والنشاط، وتنسق الجهود، وتعظم العائد حقوقياً، وتقلل الفاقد سياسياً.
ملف حقوق الإنسان هو الملف الأولى بالرعاية، الملف رقم واحد الآن، وإذا لم نستعد بفريق حقوقى محترف على رأسه وزير محترم، صوته مسموع ويتمتع بمصداقية، ويتعاطى المعلوماتية بشفافية، ويرد ساعة يستوجب الرد وبالمعلومات المتوافرة وعلى مدار الساعة، نخسر معركة اختلط فيها الحابل بالنابل، اختلط ماء المنظمات المحترمة المحترفة مع مراكز الشقق المفروشة، شاهت الحقائق على نحو يورث المحترمين العاملين فى هذا الملف الكفر بالرسالة، حقوق الإنسان رسالة وليست ارتزاقاً.
لا يمكن أن تنشر صحف ومواقع وصفحات أن وزارة الداخلية تورطت فى القبض على «جوليو ريجينى» استباقاً، بمعنى تورطت فى مقتله، وننتظر ساعات حتى يخرج علينا مصدر أمنى لينفى ما تم تثبيته على نحو يشكل مقدمة دليل اتهام قالت به صحف عالمية مستندة إلى مصادر مجهلة تهتبل صمت الدولة المصرية وتستبيح سمعتها التى صارت على المحك دولياً.
الواقع للأسف يقول إن المنظمات والمراكز المحلية فى خصام مع الدولة المصرية، وكلما أمعنت الدولة فى تجاهلها واتهامها بالتمويلات، زادت هى فى الكيد للدولة، المنظمات تتغذى على المعلومات الشائعة، تعانى من صمت الحكومة، ولا تجد مسؤولاً يرد على تقاريرها أو تستكمل من خلاله معلوماتها، أو تدقق أخبارها، بينها والدولة حوار الطرشان.
سيبك من منظمات التقارير المفبركة أو المضللة، الإخوانية منها والمفروشة بأموال أجنبية، المهم الرد على المنظمات ذات السمعة المحلية والأخرى الدولية، هذه المنظمات ترعوى يقيناً للمعلوماتية والشفافية والمصداقية، وتمتن تقاريرها وتجتهد فى التوثيق، ومهمة الحكومة العاجلة تمكين هذه المنظمات من استكمال تقاريرها على نحو يجلى الحقائق، ويرد الغوائل.
لازم يكون هناك صوت مصرى فى هذا الملف، لسان طويل فى الحق، يتواصل فى هذا الملف، مهم تجميع أصوات الحكومة المصرية فى صوت جهورى سيجبر الجميع على سماعه، ويقطع الألسنة التى طالت واستطالت، ويوفر الأرضية لتحسين الأداء الحكومى فى هذا الملف.
المراسلات بين وزارة الداخلية والمجلس القومى لحقوق الإنسان لا تسمن ولا تغنى من جوع إلى الحقيقة، مقتل «جوليو ريجينى» كشف الحكومة المصرية، العالم مقلوب ونحن فى شغل، الصحف والمواقع تستمد معلوماتها من مصادر مجهلة، ومصادرنا مقطوعة اللسان، الصمت الحكومى فى هذا الملف ليس من الحكمة فى شىء.