x

120 عاماً من العشق في «صورة»: «كان عيد الحب موسم تصوير العائلات مش دباديب حمرا»

الأحد 14-02-2016 11:06 | كتب: نورهان مصطفى |
واجهة استوديو بيلا فى بداية القرن العشرين واجهة استوديو بيلا فى بداية القرن العشرين تصوير : اخبار

وسط صخب شوارع وسط البلد، يُمكنك أن تسمع جيدا أصوات المقاهى وثرثرات البائعين، وترى آثار الزمن مازالت عالقة على أتربة عمارات وسط البلد، ولكن للرجوع إلى تاريخ مضى بشكل حقيقى، سيصبح أمامك اختياران؛ إما أن تأتى بـ«آلة الزمن»، أو تمر من أمام استوديو «بيلا» الذي يحتضنُه شارع قصر النيل مُنذ ما يزيد على 120 عامًا. فهو استوديو تصوير فوتوغرافى أنشأهُ مستر «بيلا» المجرى الجنسية عام 1890، ليكون بذلك أقدم استوديو تصوير فوتوغرافى بمصر، وفى 1925 باعه إلى فهمى باشا هيبة، ثُم انتقلت ملكيتُه إلى أبنائه وأحفاده، دون أن يتغير اسمه ليظل «بيلا» شاهدًا على تاريخ التصوير الفوتوغرافى في مصر.

شهدَ استوديو «بيلا» صورًا لمشاهير وباشوات الدولة قديمًا، وكان يحضر مندوب عن الأمير أو الباشا لتحديد موعد التصوير، أو يأتى مندوب من قصر «عابدين- مقر الحُكم الملكى» للاتفاق على حضور الخواجة «بيلا» لتصوير أحد أفراد الأسرة المالكة في المُناسبات الرسميّة.

ملف عيد الحب

«زمان كانت المناسبة مناسبة»، يقولها أشرف محيى الدين، الشهير بـ«أشرف بيلا»، الوريث التاريخى للاستديو، وهو يُشير إلى إحدى الصور التي التقطتها عدسة جده الأكبر لعائلة مصرية، في يناير عام 1938، فيظهر في مُنتصف الصورة ربّ العائلة وهو مرتد بدلة كاملة، لأغراض الوجاهة، يُدارى الابتسامة بملامح وجهه الصارمة، ومن حوله يقف الأولاد من الذكور والإناث، أما على يساره فكانَ ذلك مكانًا مخصصًا للزوجات اللاتى يجلس أمامهنّ الأبناء، وقد أجبرهم «الحب» على ترك العادات الطفوليّة لمُدة دقيقة واحدة، وهى زمن التقاط الصورة.

«عيد الحب كان موسم تصوير العائلات، مكنش قلوب ودباديب حمرا»، يحكى «أشرف بيلا» عن ذكريات عيد الحب في زمنٍ مضى، فهو يعرف جيدًا تاريخ التصوير في الاستوديو من جده الأكبر ثم والده وإلى رحلته هو، فكانَ عيد الحُب المصرى له نكهة خاصة، تأتى فيه الأسرة كاملة لالتقاط صور عائلية، بدايةً من الأب والأم ثم الأبناء وإلى الأحفاد. وكان للتصوير طقوس خاصة، كما يشرح «أشرف بيلا»، حيثُ تأتى العائلة وكأنّهم ذاهبون لحضور حفلة لأم كلثوم في دار الأوبرا المصريّة، فيحرص الأب على ارتداء البدلة والطربوش، حيث يوجد في الاستوديو إلى الآن ماكينة «تلميع» الطربوش القديمة. ولا تستغنى السيدات عن الفساتين «السواريه».

ملف عيد الحب

ومن وراء عدسة الكاميرا كانَ يقف المصوّر، يلتقط الصور بحُب أيضًا، ليُسجّل مواسم الحُب التي تقرها الأعياد، فيدخُل إلى زوايا الاستوديو «الحبيبة» لكى يحتفوا بلحظات حُبهما سويًا، ولكن بنكهة مصرية شرقية أيضًا، كما يحكى «أشرف بيلا»، فكانت الثُنائيات التي تأتى إلى الاستوديو في عيد الحُب؛ من تمت خطبتهُما حديثًا، والعروسان اللذان سجلّا صور زفافهما داخل زوايا الاستوديو أيضًا، بالإضافة إلى الصور العائلية، أما «الحبيبة» فكانوا يكتفون بالذهاب سرًا إلى «جنينة الأسماك» ولا يجرُؤ أحد على التقاط صور لهم، إلا المصوّر «السرّيح» الذي يُسلمهم الصور بعدها بيوم، أو يومين، دونَ أن يعرف أي معلومات عنهم.

ومع حلول أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، بدأت رحلة الاستوديوهات التاريخية في طريق الاندثار، خاصةً مع وجود الكاميرات الخاصة، وبدء دخول الهواتف المحمولة إلى مصر، المرحلة التي تطوّرت مع الألفيّة الجديدة. فيأتى عيد الحُب دونَ أنّ يمُر الثُنائيات على استوديو «بيلا». فيقول، «أشرف بيلا»، عن ذلك: «الحُب بقى جوّا البيوت، دلوقتى ممكن أي حد يصوّر بالموبايل ويحتفظوا بالصور على (الكمبيوتر) وخلاص».

وعلى امتداد نفس الشارع، قصر النيل، يوجَد كوبرى «قصر النيل»، والذى يتخذُه العُشاق محطةً لهُم، يوشوشون أسرارهم ثُم يلقون بها إلى مياه النيل، وعندما يأتى عيد الحُب لا يضطرون للذهاب إلى استوديو «بيلا» في آخر الشارع لالتقاط صورة لهُم. فما عليهم إلا إخراج هواتفهم المحمولة من جيوبهم والتقاط صورة على طريقة «سيلفى»، دون الحاجة إلى كاميرا خاصة أو أحد يتطفّل على ذكريات حُبهما سويًا. بينما يبقى الاستوديو في آخر الشارع، يجلس بهِ «أشرف بيلا» بصُحبة ذكريات الحُب في زمنٍ مضى، والراديو الذي مازال يُردّد: «إمتى الزمان يسمح يا جميل، وأسهر معاك على شط النيل؟». فيما يُعطى «بيلا» إرشاداته للتصوير في عيد الحُب: «حبّ الصورة تطلع حلوة».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية