انتهى الدكتور حسام مغازى، وزير الموارد المائية والرى، من إعداد تقرير شامل حول نتائج اجتماعات الجولة العاشرة من مفاوضات سد النهضة بالعاصمة السودانية الخرطوم، تمهيدا لعرضه على الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال ساعات، وتقرير ثان يتم عرضه على المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء.
وقال مغازى، فى تصريحات صحفية، الجمعة، على هامش اجتماعات الخرطوم، إن اجتماع أديس أبابا المقبل للجنة الوطنية الثلاثية لسد النهضة سيشهد الاتفاق على الشكل النهائى للتعاقد مع المكتب الإنجليزى كوربت، المنوط به التعاقد بين الدول الثلاث، والمكتبين الاستشاريين الفرنسيين، المنوط بهما إعداد الدراسات الخاصة بتأثيرات السد على مصر والسودان.
ويعكف الخبراء القانونيون بالدول الثلاث على مراجعة بنود العقد المقدم من «كوربت»، وذلك وفقا للوائح والقوانين المُنظِّمة لذلك، بينما تقوم الحكومة بعرض مسودة العقد القانونى على مجلس الدولة، لبحث مدى توافقه مع القانونين الدولى والمصرى.
وأضاف مغازى أنه لم يتم الاتفاق على مدة محددة للمراجعة القانونية المطلوبة، لكن من خلال الاتصالات بين أعضاء اللجنة سيتم تحديد موعد الاجتماع الحادى عشر للجنة الوطنية، بعد تبادل الاتصالات حول الانتهاء من جميع الإجراءات، لاعتماد العقد القانونى لبدء دراسات السد، لافتا إلى أن الخبراء سيراجعون عقب عودتهم إلى بلادهم العرض المالى المقدم من الفرنسيين مع المتخصصين، وفقا للقواعد الحاكمة لهذه النوعية من التعاقدات الدولية والخاصة، وذلك فى إطار الاستعداد لتنفيذ الدراسات فى وقت لاحق.
وتابع مغازى أن خارطة الطريق المرتقبة لمستقبل المفاوضات تتمثل فى أنه بمجرد التوقيع بين مصر والسودان وإثيوبيا مع المكتبين الاستشاريين الفرنسيين، سيتم البدء فورا فى إجراء الدراسات الفنية، موضحا أن الانتهاء منها لن يتجاوز 11 شهرا طبقا للاتفاق المبرم بين الدول الثلاث والمكتبين الاستشاريين.
وأوضح مغازى أنه من المقرر أن تعد الشركتان تقارير شهرية وأخرى دورية تتناول التقدم فى سير الدراسات، يتم بعدها إعداد خريطة مائية حول سد النهضة، قائلا إنه تم خلال اجتماع الخرطوم مناقشة تقييم الدول الثلاث للعرض الفنى المحدث، والتى قدمته الشركتان الفرنسيتان، وتمت مناقشة ممثلى الشركتين فى بعض الأمور الفنية بالعرض، وذلك فى مناخ إيجابى، حيث توافقت الدول الثلاث على الاستفسارات والتوضيحات الفنية المطلوبة من الشركتين لبعض جوانب العرض ومدى توافقه مع الشروط المرجعية السابق تحديدها.
وأكد مغازى أن مناقشات الخرطوم الفنية تمت بأسلوب علمى توافقت فيه آراء الدول الثلاث على أهمية تدعيم الدراسة والارتقاء بها، بما يضمن خروجها بأعلى مستوى من الحرفية والمهنية، وبما يلبى طموحات الدول الثلاث.
وتوقع وزير الرى أن يشهد اجتماع أديس أبابا المقبل توقيع العقود الفنية والمالية مع الاستشارى الفرنسى، وأيضا مع المكتب الإنجليزى، المسؤول الإدارى والمالى و«الوسيط» عن الدول الثلاث، وكذلك حجم مساهمة كل دولة فى التكلفة الإجمالية للدراسات المطلوبة، شاملة أتعاب المكتب الإنجليزى، وكيفية السداد لحصة كل دولة، وعلاقتها بحجم التنفيذ أو الأعمال التى ينفذها الاستشارى الفرنسى، «ومراحل التنفيذ»، علاوة على تكلفة الزيارات الميدانية، التى سيقوم بها ممثلو «الاستشارى الدولى للخزانات السودانية»، وهى: سنار والروصيرص على النيل الأزرق، وسد مروى على النيل الرئيسى، وكذلك السد العالى وخزان أسوان فى مصر.
وشدد مغازى على أن الدول الثلاث ملزمة بتوفير جميع البيانات والمعلومات التى يطلبها المكتبان الفرنسيان، كما أن القاهرة ستقدم دراساتها السابقة حول السد الإثيوبى، والتى أعدها الخبراء الوطنيون، حيث أوضحت هذه الدراسات حجم الآثار السلبية للسد على مصر، خاصة خلال فترة الملء الأول لبحيرة السد الإثيوبى.
فى سياق متصل، أبدت مصادر رسمية سودانية مخاوفها من تأثير ظاهرة «النينو» على حدوث اضطراب مناخى يهدد الهضبة الإثيوبية بمزيد من الجفاف كما حدث العام الماضى، وخطورته فى حالة استمراره السنوات المقبلة، ما يساهم فى زيادة مخاطر التخزين أمام السد لتوليد الطاقة الكهربائية وقلة المنصرف من المياه خلف السد باتجاه مصر والسودان، ما يؤدى إلى خلل شديد فى تشغيل منظومة السدود فى البلدين.
وأوضحت المصادر، فيما يتعلق بالاجتماعات الثلاثية، أنه من المقرر ألا يشارك وزراء الخارجية فى الدول الثلاث فى الاجتماع المقبل فى أديس أبابا، ومن المقرر أن يتم خلاله التعاقد مع المكتبين الاستشاريين الفرنسيين، لافتة إلى أنه اجتماع ثلاثى لوزراء المياه، ولن يكون سداسيا، لأن التعاقد شأن فنى وليس سياسيا.
وكشفت المصادر السودانية عن أن الخرطوم كانت تخطط للإعلان عن توقيع العقد مع المكتب الاستشارى على هامش اجتماعات الخرطوم، لكن عدم التوافق على مسودة العقد النهائية خلال أكثر من 30 جلسة على مدار 5 أيام تسبَّب فى تأجيل التعاقد إلى جولة أديس أبابا، رغم مخاوف مصر من عدم تحديد موعد لمفاوضات أديس أبابا، التى قد تُطيل أمد بدء الدراسات الفنية، والتى تطمح مصر أن تتم فى أسرع وقت.
من جانبه، قال وزير الموارد المائية والكهرباء السودانى، معتز موسى، إن تأجيل التوقيع على عقد الدراسات مع المكتبين الفرنسيين جاء بسبب حاجة الوفود الفنية الثلاثية للعودة لحكومات دولهم، لإجراء مزيد من التشاور حول صيغة العقد، للتوافق مع المتطلبات القانونية لكل دولة.
وأضاف موسى أنه فور اكتمال المشاورات على المستوى الوطنى داخل كل دولة، سيصبح العقد جاهزا للتوقيع عليه، موضحا أنه تم الاتفاق خلال تلك الجولة من المفاوضات على جميع الجوانب الفنية، ومؤكدا أن العرض الفنى أصبح جاهزا، وكذلك العرض المالى.
وجدد وزير المياه والكهرباء الإثيوبى، موتو باداسا، تأكيده بأن بلاده لن تقبل أن تسبب أى أضرار بمصالح مصر من مياه النيل جراء إنشاء سد النهضة، مشددا على تعهد بلاده بالالتزام بالتوصيات التى سيصدرها المكتبان الاستشاريان الفرنسيان.
وأضاف باداسا، فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»، قبل مغادرته السودان عائدا إلى بلاده، بعد ختام اجتماعات الخرطوم، أن الدول الثلاث تعمل من أجل أن يكون الجميع رابحا، وأنه لا مجال للخسائر لأى من هذه الدول، مشددا على ضرورة أن يتفهم الجميع هذه الرؤية التى تعتمد على أن الفائدة ستعم على الجميع، ولن يكون هناك متضرر من إنشاء السد.
وشدد باداسا على أن استمرار الاجتماعات يؤكد أن هناك إرادة من الجميع لمواصلة العمل سويا، مشيرا إلى أهمية استمرار بناء الثقة بين الجميع لصالح شعوب حوض النيل، وتوقع أن يُنهى التعاقد مع المكتبين الاستشاريين الجدل الدائر، ويشكل دفعة للتعاون المشترك بين الدول الثلاث فى مجالات الموارد المائية.
وقال الوزير الإثيوبى: «مازلت على يقين بأن علاقات الشعوب تفوق علاقات الحكومات، وعلينا أن نعى أن مصلحة الشعوب فى التعاون المشترك تتغلب على جميع المسارات، وهى التى تدفع الحكومات نحو المزيد من التعاون»، مشيرا إلى أن اجتماعات اللجنة الوطنية تشكل إحدى العلامات فى تاريخ التفاوض، من أجل أن يكون نهر النيل مجالا للتعاون المشترك وأن يلبى طموحات شعوب حوض النيل.