استخدمت كلمات كثيرة فى وصف الرئيس السودانى، عمر البشير، من بينها «الشرير» والقاسى والمصاب بجنون العظمة و»عديم الشفقة»، إلا أن الصفة الأبرز والتى يمكن أن تفسر كل أعمال البشير هى البراجماتية.
هكذا وصفت صحيفة «تليجراف» البريطانية الرئيس السودانى وقالت إن الرجل البالغ من العمر 65عامًا والذى أصبح مؤخرًا أول رئيس دولة تأمر المحكمة الجنائية الدولية بالقبض عليه، خلال حكمه، لا يقوم بأى شىء بدافع الشر أو الوحشية كما يعتقد البعض ولكن بناء على تفكير وحسابات والتوصل إلى قرار حول الأمور التى يجب القيام بها ليبقى هو فى السلطة.
فالحرب ضد جنوب السودان استمرت حتى أصبح السلام هو الاختيار الذى سيخدم البشير أكثر، والعلاقة مع أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، استمرت حتى أصبحت تمثل خطرًا على الرئيس نفسه، والمعارضة السياسية كانت ممنوعة تماما حتى تمكن من خلق آليات تمكنه من السيطرة عليها.
وبدأت قبضته القوية على السلطة بعدما وقف أمام الحشود حاملًا الكلاشينكوف والمصحف ليعلن أن «أى شخص يخون الدولة لا يستحق أن يعيش»، واستمر يسيطر على مجلس الإنقاذ بصفته رئيس الدولة ورئيس الوزراء ورئيس القوات المسلحة ووزير الدفاع، وطبق الشريعة الإسلامية مانعًا الموسيقى وحفلات الزفاف. وبحلول 1993 نصب نفسه رئيسًا لدولة مدنية.
وتسببت العلاقة القوية مع أسامة بن لادن فى النصف الأول من التسعينيات فى وضع السودان على القائمة الأمريكية للدول الداعمة للإرهاب، إلا أن البشير كان يهتم بالقاعدة لأنها تضخ الكثير من الأموال للبلاد، وبعد اكتشاف النفط الذى اعتبره البشير فى أحد تصريحاته «مكافأة من الله» لالتزام السودان بالدين، بدأت العلاقة بالجهاديين تفتر، وبعد محاولة اغتيال الرئيس المصرى تم طرد أسامة بن لادن.
واعتبرت الصحيفة أن البشير أصبح خطرًا فقط بعدما شعر بالإهانة حين قرر الرئيس الأمريكى الأسبق، بيل كلينتون، شن هجوم صاروخى لتدمير مصنع قيل إنه يقوم بتصنيع أسلحة كيماوية بالقرب من الخرطوم.
ومن وجهة نظر صحيفة «يو إس إيه توداى» الأمريكية فالبشير هو بمثابة «رجل حر فى السودان»، أما خارجها فهو معرض للاعتقال معتبرة أنه لسوء الحظ فالعدالة الدولية لا يمكن تطبيقها فورًا وقد لا يرقى القرار الأخير بتوقيف البشير إلى حد كونه «أفضل الخيارات السيئة»، فالبشير يبدو وكأنه يستمتع بتلك الحالة، فبعد القرار تمكن من إطلاق الكثير من التصريحات الرنانة..
وقد يكون لديه سبب فى أن يشعر بالغرور، ففى جعبته الكثير من التحركات التى يمكنه القيام بها لكسب الدعم، خاصة من القادة الأفارقة والعرب الذين يمكن أن يشعروا بالقلق من أن أحدهم قد يكون التالى، أو أن يتسبب القبض عليه بتدمير الاستقرار فى المنطقة.
كما أن الصين التى تمتلك استثمارات كثيرة فى حقول النفط السودانية لن تكون متحمسة للتحرك ضده، بينما الولايات المتحدة وحلف الناتو المشتتان فى العراق وأفغانستان لا يمكنهما العودة للخيارات العسكرية لاعتقال البشير، وقد يكون البشير حرًا إذا لم يسافر إلى أى من الـ108 دول التى وقعت على القانون الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية.