x

نصار عبد الله الوجه الغائب نصار عبد الله الأحد 07-02-2016 21:17


سمحت لنفسى أن أستعير هذا العنوان من الشاعر سعد درويش الذى كان قد جعله عنواناً لديوانه الأول الصادر فى عام 1984، قبل أن يصبح هو نفسه بعد ذلك بسنوات معدودة وجهاً غائباً عن حياتنا الثقافية!..

وإن ظلت أشعاره بطبيعة الحال جزءاً باقياً من منتجنا الشعرى العربى.. مع كل دورة من دورات معرض القاهرة الدولى للكتاب أستعيد ذكرى الصديق العزيز سعد درويش الذى كان مستشاراً للنشر بالهيئة العامة للكتاب حين تولى الدكتور عزالدين إسماعيل رئاستها فى عام 1982، وحينذاك اقترح سعد على د. عز إقامة أمسيات شعرية على هامش المعرض، بحيث لا يقتصر دوره فقط على عرض وبيع الكتاب كما كان معهوداً فى الدورات السابقة. واقتنع الدكتور عزالدين (الذى كان هو نفسه شاعراً) بالفكرة، وتحمس لها، وعهد إلى الأستاذ سعد بتنفيذها!..

ومن هنا كانت بداية الفعاليات الثقافية المصاحبة لمعرض القاهرة للكتاب التى ظلت على مدى سنوات مقتصرة على الأمسيات الشعرية وحدها، ثم تعددت بعد ذلك الفقرات وتنوعت الأنشطة وأصبحت واحدة من سمات المعرض المميزة.. حين تولى سعد درويش مهمة إقامة الأمسيات الشعرية احتشد لها احتشاداً شديداً وبذل فى إعدادها وتنظيمها جهداً نادراً وتدقيقاً بالغاً لا مثيل له، فقد كان، رحمه الله، مصاباً بداء الوسوسة، وواعياً بأنه مصاب به لكنه لا يستطيع مغالبته، كان يدوّن الأسماء المشاركة ويكتب صيغة الإعلان الذى سيُنشر فى الصحف، ثم يدفع به إلى الخطاط لكى يكتبه فى لوحة تعلق أمام باب السراى الرئيسى، لكنه سرعان ما ينتابه الوسواس من أنه قد نسى اسماً أو أخطأ فى كتابة كلمة فيسارع إلى الاتصال بالخطاط، وكذلك بالموظف المكلف بتوصيله إلى الصحف، طالباً منهما عرض الصيغة عليه مرة أخرى لمراجعتها، والتأكد من أن كل شىء على ما يرام!!

فإذا ما فعلا واطمأنت نفسه سمح لهما بالمضى فيما كلفهما به.. لكنه سرعان ما يعاوده الوسواس فيعاود الاتصال مرة أخرى، ويتكرر المشهد مرة بعد مرة حتى يقرر كل منهما فى النهاية حسم الأمر وعدم الذهاب إليه!!..

ورغم ذلك لم تكن وساوس درويش تخلو من مزايا إيجابية.. فقد كان كل شىء يتم على أكمل وجه ممكن بعد أن يكون قد خضع لعشرات المرات من المراجعة والتدقيق!!..

عندما بلغنى نبأ رحيله (وكنت فى سوهاج) سارعت بالاتصال بصديقنا المشترك «عبدالعليم عيسى» طالباً منه أن يحاول استنقاذ تراثه المخطوط وبوجه خاص ديوان: «الأهاجى» الذى جمع فيه جميع قصائد الهجاء التى قيلت فيه، ومنه على سبيل المزاح من أصدقائه الشعراء وبعضها من روائع الشعر العربى بلا جدال، ولم يفلح عيسى، لكننى أحلم بأن تجد طريقها يوماً ما إلى النشر تكريماً للمؤسس الحقيقى للنشاط الثقافى بمعرض الكتاب.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية