اعتبر الكاتب البريطاني سيمون هيفر الوقت الراهن بمثابة فرصة سانحة هي الأنسب أمام نواب حزب المحافظين الحاكم للتصدي لزعيمهم ورئيس الوزراء ديفيد كاميرون إزاء قضية مستقبل بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
واستهل هيفر مقالا نشرته (التلغراف) بالعودة عبر التاريخ إلى عام 1642، قائلا إن «إنجلترا كانت محظوظة آنذاك أنْ كانت ساحة لحرب أهلية، ولم يكن ذلك لأنها تخلصت من ملك سعى لاستبدال حكم استبدادي بحكومة برلمانية فحسْب، وإنما لأن فترة تلك الحرب التي استمرت زهاء 30 عاما لم تكن فيها البلاد عُرْضة لأي هجوم من أعدائها الرئيسيين».
ورأى الكاتب أن «هذا الوصف التاريخي ينطبق على حزب المحافظين اليوم، فيمكن مقارنة رئيس الوزراء كاميرون بالملك تشارلز الأول في غطرسته، على ضوء ما أظهر الأسبوع الماضي من إنكار كاميرون على أعضاء البرلمان حاجتهم إلى الاطلاع على وجهات النظر المتشككة في الاتحاد الأوروبي.. على أن تشارلز الأول كان واضحا على نحو يصعب وصف كاميرون به في ضوء حديثه عما يسميه (صفقة) يأمل في إبرامها مع الاتحاد الأوروبي كأساس لاستمرار عضوية بريطانيا به».
ونوّه هيفر عما «يعانيه حزب العمال من مشاكل داخلية، وأنه ليس في وضع يؤهله للاستفادة من صراع في حزب المحافظين، ذلك أن زعيمه المستر جيرمي كوربين لا يحظى بشعبية معظم النواب، ممّن يضعون على رأس أولوياتهم التخلص منه».
وأضاف «طالما كان المحافظون في حاجة إلى وضع نهاية لمشكلة أوروبا على مدى عقود، والآن سنحت فرصتهم لعمل ذلك مع تقليص الضرر الذي قد يرتد عليهم إلى أقل حد ممكن.. كاميرون زعيم الحزب وأتباعه مصممون على الترويج لقبول صفقة لن تغير شيئا ُيذكر، فيما هو يغض الطرف عن مشكلات رئيسية في الاتحاد الأوروبي متعلقة بالفساد والأسلوب السوفييتي المتعارض مع الديمقراطية الذي يتبعه»، ورأى هيفر أنه «ينبغي على نواب المحافظين ألا يخشون التصريح بذلك، والنضال في سبيل فضْح هذا التضليل».
وأكد أنه «ليس نشطاء حزب المحافظين ونوابه فقط هم الغاضبون من خداعهم، ولكن يشاركهم في ذلك وزراءٌ يعتقدون أن مستقبل بريطانيا هو في الخروج من الاتحاد الأوروبي.. إن حملة البقاء في الاتحاد التي يقودها كاميرون لكسْب تأييد في سبيل إبرام صفقة لمّا يصادق عليها نظراؤه من رؤساء حكومات 27 دولة بعد- هذه الحملة هي قيد التحرك، بينما لم يتم السماح لأي من الوزراء الراغبين في المعارضة أن يفعل ما يرغب فيه. فهل يسير هؤلاء الوزراء على خطى النبلاء أيام الملك تشارلز الأول عام 1642 ويختبروا رد فعل زعيمهم بادئين في حملتهم؟»
وشدد هيفر قائلا «لا يجب أن يخشى نواب حزب المحافظين من فضْح الخداع الذي يكتنف الزْعم بأن التصويت لصالح البقاء في الاتحاد كفيل بأن يحقق لبريطانيا مزيدا من الوجود المستقل داخل الاتحاد، فهذا لن يكون.. فيما يخشى العديد من النواب من انهيار مصداقيتهم الشخصية لو أنهم صرحوا بذلك.. ستبقى بريطانيا مجرد مُساهم كبير في الاتحاد، غير مسيطرة على حدودها مع بلدانه، وسيبقى البرلمان البريطاني مُطالَبا بالتصديق على توجيهات تأتيه من بروكسل حتى لو كانت هذه التوجيهات متعارضة مع مصالح بريطانيا ومبادئها».
واختتم الكاتب «في ظل ابتعاد ميقات الانتخابات أكثر من أربعة أعوام، وفي ظل ما يعانيه حزب العمال من ضعف، تبقى اللحظة الراهنة مناسبة تماما أمام نواب حزب المحافظين للتحرك وفق ما تُمليه عليهم ضمائرهم إزاء بلادهم».