تواجه مصر نقصا في الأدوية مع مواجهة الشركات التي تصنعها عقبتين تتمثلان في هبوط احتياطيات العملة الأجنبية -الأمر الذي يُزيد عمليات الاستيراد صعوبة- إضافة إلى تثبيت الحكومة أسعار الدواء بما تقول الشركات إنها منخفضة جدًا.
ومنذ 2011 يعاني الاقتصاد المصري مع تسبب الاضطرابات السياسية في إبعاد السائحين والمستثمرين عن البلاد، الأمر الذي أدى إلى انخفاض احتياطيات العملة الصعبة.
وزودت الحكومة المصرية التعريفة الجمركية التي تفرضها على مجموعة كبيرة من السلع المستوردة الأحد، في أحدث محاولة منها للحد من إنفاق الدولار على الواردات في وقت تتعرض فيه البلاد لأزمة في العملة الصعبة.
وقال أسامة رستم، رئيس القطاع التجاري وعضو مجلس إدارة الشركة المصرية الدولية للصناعات الدوائية إيبيكو، إن عدم توفر العملة الصعبة جعل من الصعب على الشركات استيراد احتياجاتها من المنتجات الدوائية.
وأضاف «احنا حاجتنا كلها مستوردة من الخارج، سواء المباشر أو الغير مباشر، سواء المادة الخام أو سواء مكونات التعبئة، لما بيحصل ذبذبة في سعر الدولار فده بيؤدي إلى زيادة في التكاليف، التكاليف احنا تكلمنا عليها في التسعير لكن دلوقتي احنا عندنا مشكلة تانية وهي الحصول على العملة الصعبة، النهارده انا باحب أفتح اعتماد، النهاردة البنك المركزي بيلزمني إن أنا أفتح إعتماد من خلال البنوك المصرية مقدرش (لا أستطيع) أروح أجيب الدولار من السوق السوداء، فلازم البنوك المصرية هي اللي توفر لي، البنوك المصرية بتعاني من نقص في العملة الصعبة فممكن ما توفرليش (لا توفر لي) العملة اللي أنا عاوزها في الوقت اللي أنا عايزه».
والمشكلة الرئيسية الثانية التي تواجهها شركات الأدوية في مصر هي أن بعض الأدوية تُباع بأسعار متدنية جدا بأوامر حكومية غير قابلة للنقاش.
وقال سعيد ابراهيم، مدير مصنع في شركة إيبيكو، إن معظم الشركات تنتج أدوية منخفضة ومرتفعة الأسعار ليدعم كل منها الآخر.
وأضاف «الأسعار المتدنية للمستحضرات بتعوق إنتاج مستحضرات لأن الشركة متقدرش تخسر بكميات كبيرة، احنا فيه ممكن أحياناً كمسؤولية إجتماعية ننتج مستحضر بيخسر جزء من الربح (بالانجليزية) بتاعه، لكن ما نقدرش ننتج مستحضر بيخسر مثلا 50 في المئة أو 70% خسارة (بالانجليزية)، وبالتالي ده هي مشكلة الشركة ومشكلة الشركات كلها وخصوصًا شركات القطاع العام اللي بتتأثر بالتسعيرة على كمية الإنتاج، لكن احنا كشركة كبيرة بنطلع منتجات ممكن نخسر في مستحضر ونكسب في مستحضر تاني، وإجمالي الإنتاج (بالإنجليزية) بيكسب، لكن فيه شركات تانية كل مستحضراتها بتخسر وبالتالي بتقفل أو ما بتنتجش المستحضر المعين اللي هو المريض المصري محتاجه».
وقال صيدلي في حي الزمالك الراقي بالقاهرة، يدعى أحمد سعيد إن الأدوية التي تعاني نقصا في السوق خاصة بعلاج أمراض مزمنة.
وأضاف «ده حقيقي بقى فعلا لها فترة بقى لها طويلة جداً من السنة اللي فاتت وأدوية مشكلة انها أمراض مزمنة، يعني العميل بيسأل عليها باستمرار، كل شهر بيحتاج الكمية بتاعته (الخاصة به) للاسف هي ناقصة جداً من السوق وللاسف برده (أيضا) بدايلها ناقصة، والعميل أصلاً في مصر ما بيحبش ياخد البديل قوي غير لما يرجع للدكتور وللاسف فيه جزء من الدعاية عامل تفاقم في المشكلة».
وأوضح سعيد أن المرضى الذين يعانون من أمراض ضغط الدم المرتفع والكوليسترول العالي ومشكلات المفاصل يواجهون مشكلات في إيجاد علاجهم بشكل منتظم.
وقال عادل عبدالمقصود رئيس شعبة الصيادلة بالغرفة التجارية بالقاهرة إن وزراء الصحة يتعاملون على مضض مع قضية الدواء خوفا من تعرضهم لانتقادات لاذعة من وسائل الاعلام والمواطنين.
وأضاف «كل معالي وزير ييجي لي يطلب تشكيل لجنة لمشكلة موجودة، تُشكل اللجان ويتم طرح المناقشة على كل الموجودين ويضعوا حلول ليها وخطة لكيفية القضاء على هذه المشكلة وتُترك في الدرج بتاع سيادة الوزير، يقول لك لأ دي مشكلة كبيرة خليها للي ييجي (لمن يأتي) بعد مني».
ولتخفيف الضغط على المستوردين زاد البنك المركزي الأسبوع الماضي سقف الودائع بالعملات الصعبة في البنوك خمسة أمثال إلى 250 ألف دولار للمساعدة في تخفيف أثر نقص الدولار الذي أدى إلى تكدس سلع أساسية في الموانئ، وكان السقف المعمول به قبل عام محدد بمبلغ 50 ألف دولار.
وهوت احتياطيات مصر من العملات الصعبة من 36 مليار دولار في 2011 إلى 16.4 مليار دولار وتحاول السلطات الحفاظ على قيمة الجنيه من خلال مزادات تنظمها أسبوعيا للبنوك.