x

زاهي حواس مرضعة توت عنخ آمون زاهي حواس الإثنين 01-02-2016 21:21


تتوالى أخبار عن اكتشافات أثرية مزعومة من العلماء الأجانب هذه الأيام؛ وبعيداً عن الأجانب أرجو أن ينجح الفريق العلمى الذى يقوم بدراسة الأهرامات بأجهزة تكنولوجية حديثة للكشف عن أسرارها. ولكى يتحقق له ذلك لا بد أن يتواجد مع الفريق علماء متخصصون فى عصر الأهرامات؛ لكى نصل إلى اكتشافات حقيقية وهامة داخل الأهرامات؛ وليكون عام 2016 هو بالفعل عام اكتشاف الأهرامات. والمؤسف أننا أصبحنا فى عصر سرعة الإعلان عن اكتشافات لم تتحقق! فبدأنا بالكشف عن مقبرة الملكة الجميلة نفرتيتى التى حيرت العالم كله؛ وجاء الباحث الإنجليزى نيقولاس ريفز ليؤكد لنا أن مقبرة نفرتيتى خلف جدران حجرة دفن الملك توت عنخ آمون. وبالطبع أقمنا الدنيا ولم نقعدها إلى الآن، انتظارا لرؤية مقبرة نفرتيتى المزعومة. ومؤخراً خرج علينا باحث المصريات الفرنسى آلان زيفى، مكتشف مقبرة مايا، مرضعة توت عنخ آمون، بنظرية غريبة مفادها أن هذه المقبرة هى مقبرة الأميرة مريت آتون – الأخت الكبرى لتوت عنخ آمون!

أعتقد أن السعى وراء الشهرة، ولو على حساب العلم والآثار، هو سبب هذه الهجمة الشرسة على تراثنا بدعوى وجود اكتشافات؛ وواجب العلماء هو مجابهة هؤلاء بالعلم والحجة لكى لا نتركهم لوسائل الإعلام تأخذ وتنقل عنهم، وبالتالى نكون قد ساعدنا بصمتنا فى تضليل الناس الذين يعشقون الحضارة المصرية القديمة.

ونعود إلى مقبرة مايا – مرضعة توت عنخ آمون- حيث تم الكشف عنها فى المنطقة المعروفة باسم جبانة القطط، أو بيبان القطط. وسبب التسمية يرجع لوجود آلاف المومياوات لقطط محنطة كانت تقدم كقربان للإله باسست برأس القطة، وإلى جوار مقبرة مايا توجد مقبرة السفير المصرى الذى أشرف على أول معاهدة سلام موثقة فى التاريخ القديم بين رمسيس الثانى وملك الحيثيين بعد موقعة قادش الشهيرة. وتأتى شهرة مقبرة مايا من المنظر المصور داخل المقبرة ويظهر مايا جالسة بكامل هيئتها وزينتها وعلى ركبتيها يجلس الملك توت عنخ آمون بصورة ملك شاب يرتدى التاج الأزرق ويمسك بيديه الرموز الملكية. وقد حملت مايا لقب المرضعة الملكية؛ وهو لقب يعنى أيضاً المربية وليس فقط المقصود منه الإرضاع بالمعنى الحرفى، ولكن أيضا التنشئة والرعاية للطفل الملكى.

وعند الكشف عن مقبرة مايا قبل عشرين سنة تأكد للعلماء أن الأمراء كان يتم إرسالهم إلى العاصمة المصرية القديمة منف ليتم تربيتهم ونشأتهم نشأة عسكرية؛ كذلك كان هناك قصر للملك تحتمس الأول بالقرب من جبانة منف الأثرية؛ وعدد من الاستراحات الملكية، مثل استراحة الملك توت عنخ آمون إلى الجنوب من معبد الوادى للملك خفرع بالجيزة. ومن غير المنطقى القول بأن مايا هى ميريت آتون أخت توت عنخ آمون؛ وأن الحجرة المعروفة بالحجرة (الفا) بالمقبرة الملكية لإخناتون بتل العمارنة؛ تصور ميريت آتون وهى تحمل توت عنخ آمون وهو رضيع!! فلا يوجد أسماء أو تعريف بمن هم موجودون بمنظر الوفاة المسجل على جدران الغرفة الفا، فيما عدا أخناتون نفسه وزوجته نفرتيتى. بل لا يوجد أى دليل أن من تحمله السيدة الشابة سواء كانت أميرة أو خادمة ذكرا أم أنثى.

للأسف الشديد معلوماتنا قليلة عن عائلة أخناتون؛ ولا نعرف إلى الآن مصير بناته من الملكة نفرتيتى. وبالتالى لا يمكن الجزم بأى نظرية دون وجود الدليل الأثرى الذى يؤيدها؛ وفى غالب الأمر تم دفن ميريت آتون بالمقبرة الملكية بالعمارنة. ولا يوجد ما يمنع ميريت آتون من الإعلان عن نفسها فى مقبرتها إذا كانت هى أخت ومربية أخيها الملك توت عنخ آمون! ولم يحدث ذلك.. إذا ما هى الحكمة فى العبث بأنساب الفراعنة؟! ولماذا الإصرار على نيل الشهرة على أكتاف الفراعنة وتاريخنا القديم، الشىء الوحيد الباقى لنا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية