x

أحمد الشهاوي رفعُ الجهالة عن رافضى تجديد الدين أحمد الشهاوي السبت 30-01-2016 21:41


«إنَّ اللهَ يَبْعَثُ لهذه الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مِائةِ سنةٍ مَنْ يجدِّد لها دينَها».

هذا ليس كلامى، بل كلام النبىِّ محمد، صلى الله عليه وسلم، الذى رواه أبو داوود فى سننه، وقد أورد الإمام جلال الدين السيوطى فى رسالته «تقرير الاستناد فى تفسير الاجتهاد» صفحة 53 إنه من الأحاديث الدالة على استمرار الاجتهاد إلى قيام الساعة، فلماذا يعترض الشيوخ على التجديد - الذى بدأ الحديث عنه منذ القرن الثالث الهجرى، ولم ولن يتوقف - وتصيبهُم حساسية، ويعتريهم تصلُّب، ويغمرهم تشنُّج، كلَّما نادى أحدٌ بالتطوير والتحديث فى مناهج الأزهر التعليمية، وكذا نخل كتب التراث المليئة بالخرافات، والخزعبلات، والأساطير، والأكاذيب، والدسائس، والحكايات المسلِّية، التى لم يعرفها الرسول ولا صحابته، ولم يأتِ لها ذكرٌ فى القرآن والسُّنة، والتى تُنافى العقل، وتُجافى المنطق، وبعيدة كل البعد عن القرآن والسُّنَّة، وللأسف منتشرة فى الكتب وعلى ألسنة «الشيوخ»، ويرونها من صحيح الدين، ومن يدعو بحذفها يصير كافرًا وزنديقًا.

وهناك كتابٌ شهير للإمام جلال الدين السيوطى (849 هـ/1445 م - القاهرة 911 هـ/1505 م ) عنوانه «التثنية بمن يبعثه الله على رأس كل مئة»، وآخر هو «بغية المقتدين ومنحة المجدِّدين على تُحفة المهتدين»، للمراغى الجرجاوى (1282 -1355 هجرية – 1866 – 1936 ميلادية)، وهو من علماء القرن الثالث عشر الهجرى، ولا يمكن لأحدٍ نُكران الكتابين وصاحبيهما، وفضل علمهما.

وإضافة إلى كتاب المراغى الجرجاوى، وهو من فقهاء المالكية فى مصر، ومن علماء الأزهر، له كتابان آخران، ما أحوج العودة إليهما، فى ظل إنكار دعوات تجديد الإسلام، وهما (وسيلة المجدين فى شرح حديث التجديد وتراجم المجددين)،

و(رفع الجهالة والالتباس عمَّا اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس).

وهذان الكتابان قد استند إليهما شيخٌ مجدِّدٌ، هو أمين الخولى (1895 – 1966 ميلادية)، وهو من تلامذة الإمام المُجدِّد محمد عبده، فى تأليف كتابه «المُجدِّدون فى الإسلام» الذى صدر سنة 1965 ميلادية، وقد أهداه إلى «الذين يدينون بعالمية الإسلام وخلوده»، إيمانًا منه بأنه لا عالمية ولا خلود بدون التجديد، كما أنه اعتبر التجديد أصلًا من أصول الدين.

لابد أن أذكر هنا أن هناك كتابًا يحمل العنوان نفسه «المجددون فى الإسلام» للشيخ عبدالمتعال الصعيدى (29 من شعبان 1311 هـ 7 من مارس عام 1894م - 23 من محرم 1386 هـ 13 من مايو عام 1966م). وهو - أيضًا - من علماء الأزهر، وقد نادى طوال حياته بالمنهج الإصلاحى فى التعليم والفكر والتجديد الدينى، لأنه كان يرى أن نظام التعليم فى الأزهر مصابٌ بالعقم والجدب.

ورغم أن كتاب أمين الخولى المهم واللافت (المجددون فى الإسلام)، قد صدر سنة 1965 ميلادية، وطُبع عشرات الطبعات، وبكمياتٍ كثيرة، وأن صاحبه من أهل البيت الأزهرى، فإن أكثر الأزاهرة، يتجاهلون رؤى ودعوات التجديد، ويعرضون عن دعوات الإصلاح، ويريدون تثبيت الوضع على ما ورثوه من أسلافهم، مدَّعين أنه لا تجديد فى الإسلام، كأنهم لا يدرون أن التحديث سُنَّة من سُنن الكون، قد دعا إليها النبى محمد قبل أربعة عشر قرنًا من الزمان.

ألم يُعارض الشيخ سليم البشرى (1832 – 1916ميلادية)، وكان شيخًا للأزهر العلوم الحديثة، بدعوى أن لا فائدة تُرجى من ورائها، ولا نفع منها للطلاب، وذلك الرفض والتعنُّت جعلا الإمام الشيخ محمد عبده يستقيل من الأزهر ويعتزل التدريس.

ومن المدهش أن من قدَّم لكتاب أمين الخولى فى إحدى طبعاته هو الدكتور عبدالصبور مرزوق (1924 – 2008 ميلادية)، وكان يشغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، كما كان عضوًا فى مجمع البحوث الإسلامية، أى أنه آمن بما جاء به أمين الخولى من تأسيس مُبكِّر لمشكلة تجديد الإسلام وتحديثه، واصفًا الرافضين للتجديد بالمتنطِّعين والمتجمِّدين.

فنحن نعيش زمن تحريف الغالين، وانتحال المُبطلين، وتأويل الجاهلين، وتشدُّد تجار الدين، وتزمُّت المتأسلمين، الذين يشوِّهُون صورة الإسلام مع كل طلعةِ شمسٍ، ومع ذلك على المرء أن يجتهد ويقاوم ويحاول، لأنه كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم

«لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق».

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية