x

كمال عبيدى مستشار اللجنة الدولية لحماية الصحفيين: المستقبل للصحف الخاصة و«القومية» ستزول

الإثنين 02-03-2009 00:00 |
تصوير : other

الحوار مع الصحفى التونسى كمال عبيدى، لا تأتى أهميته لكونه مستشار اللجنة الدولية لحماية الصحفيين فى شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وإنما لكونه صحفياً تونسياً يحسب على تيار المعارضة.

عبيدى ترك تونس منذ سنوات، ويعيش حاليًا فى الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذى جعله يتمتع بقدرة على الرصد والتحليل لحال الصحافة العربية، ورؤية خارجية تمنحه نسبة من الحياد والعمق.

احترف كمال عبيدى العمل الصحفى منذ عام 1975 حتى عام 1994، وهو العام الذى فصل فيه من عمله، ثم تولى بعدها منصب مدير فرع منظمة «العفو الدولية» فى تونس، وفى عام 1996 منعته السلطات التونسية من ممارسة عمله ليغادر تونس ويواصل عمله فى الخارج.

التقت «المصرى اليوم»، كمال عبيدى، وحاورته خلال مشاركته فى الإعلان عن تقرير لجنة حماية الصحفيين للعام 2008.

* كيف ترى وضع الصحافة العربية بالمقارنة مع دول العالم الأخرى؟

- هناك حالة من التقدم الملحوظ فى حرية التعبير فى الشرق الأوسط، فى رأيى هى الصحافة الخاصة التى تسعى لخدمة شعوبها من خلال التركيز على مجالات التنمية التى لا يمكن أن يكتب لها النجاح فى وجود صحافة مقيدة أو مرتبطة بالسلطة.

ورغم حالة التطور فى الصحافة، فإنه من غير المتوقع أن تشهد تقدمًا ملحوظًا فى ظل وجود أنظمة حكم تسعى للبقاء على مقاعدها للأبد.

والتراجع الذى أصاب حرية الصحافة العربية فى العام الأخير، جاء نتيجة تخطى بعض الصحفيين للخطوط الحمراء التى وضعتها الأنظمة. والخطوط الحمراء لا تعنى بالضرورة نقد الحاكم ولكن تذكيره أن وجوده على هذا المقعد مسؤولية يفترض معها تقديم أجوبة شافية للرأى العام عما يحدث فى البلد من نجاحات وإخفاقات. ولذا شاهدنا محاكمات الصحفيين فى مصر.

* كيف ترى مستقبل الصحافة القومية فى البلاد العربية؟

- مصيرها الزوال طال الزمان أو قصر، لأنها لا تؤدى أى خدمة للقارئ أو المجتمع، هى لها دور أساسى يقتصر على نشر ما يريده النظام، وهنا أريد توضيح جزئية مهمة، أن الصحافة القومية أو الناطقة بلسان الحكومات فى العالم العربى لا تعنى فقط الصحف التى تمتلكها الدولة ولكنها تمتد لصحف يمتلكها أفراد تابعون للدولة ويأتمرون بأمرها، وهذا واضح فى الصحف وبعض القنوات الفضائية. والدول المتقدمة بها إعلام قومى تمتلكه الدولة، مثل بريطانيا وفرنسا، ولكنها لا تتدخل فى سياسته الإعلامية لذلك يظل الأكثر صدقاً هناك.

* هل ينطبق هذا الكلام على قناة الجزيرة الفضائية بصفتها مملوكة لحكومة قطر؟

- دعونا نتفق على أن قناة الجزيرة كيان إعلامى غير وجه العالم العربى، ومفهومه عن التغطية الخبرية منذ التسعينيات من القرن الماضى، حتى لو لم تتناول الشأن الداخلى القطرى، وقطر دولة صغيرة المساحة، قليلة السكان، ونظراً لارتفاع مستوى الفرد فيها لا تجد بها مشكلات كتلك التى ترصدها أعين الصحافة فى مصر أو المغرب أو السودان. وتتعرض الجزيرة لهجوم من قبل بعض الدول العربية يصل فى بعض الأحيان لحد إغلاق المكاتب، أو منعهم من التصوير.

* تقول إن الصحف القومية مآلها إلى الزوال.. فكيف تفسر احتفاظ بعض الصحف القومية فى مصر مثل «الأهرام» بتوزيع عال؟

- «الأهرام» جريدة لها تاريخ عريق يعلمه الجميع، ورغم تحولها لجريدة ناطقة باسم النظام الحاكم فى مصر منذ حقبة الخمسينيات والستينيات، إلا أنها لا تزال تحتفظ بعدد من الأقلام التى تكتب بجرأة ووعى عما يجرى فى مصر، مثل سلامة أحمد سلامة، وأعرف أصدقاء لا يقرأون «الأهرام» إلا من أجل مقال هذا الكاتب، فى نفس الوقت فإن هذا الكاتب الرائع قد يتعرض للسجن أو البطالة لو قال ما يكتبه فى بلد عربى آخر.

* ما رأيك فيما يقال عن أن هامش الحرية الصحفية فى مصر مسموح به من قبل السلطة؟

- لا أتفق مع هذا الرأى، فعلى مدى سنوات طويلة هناك الكثير من الصحفيين الذين قدموا تضحيات كثيرة بشكل أفاد الصحافة المصرية. وما جرى من محاكمات فى الفترة الأخيرة فى مصر للصحفيين، وأحكام بغرامات مبالغ فيها، وتصل للسجن، يثبت أن حرية الصحافة فى مصر لم تمنح من قبل السلطة.

ودعينى أؤكد أنه على الرغم مما وصلت له الحرية الصحفية فى مصر، إلا أن تقرير لجنة حماية الصحفيين الدولية، رصد تراجع هامش الحرية للإعلاميين فى العام الماضى 2008 فى مصر والمغرب. فالحكومات تخشى الطفرة فى الحرية الصحفية، وتواجهها بطريقة مباشرة من خلال منع البث أو الإصدار، أو بطريقة غير مباشرة كما يحدث فى مصر من حسبة سياسية،

بأن أصبح من حق أى مواطن له علاقة بالسلطة أن يقدم دعوى قضائية ضد أى صحفى يتجاوز الخطوط الحمراء سواء لقضايا أو لأشخاص بعينهم. وكمراقب لحرية الصحفيين، استرعى انتباهى شهادة دكتورة عواطف عبد الرحمن فى قضية رؤساء التحرير الأربعة فى الصيف الماضى، حينما أكدت أن المحاكم صار صدرها أقل رحابة عما مضى، وأن النقد صار جريمة تستحق العقاب من قبل النظام.

وهذا ليس فى مصر وحدها بالمناسبة، ولكنه يحدث فى كل الدول العربية وبخاصة التى عانت الاحتلال، فالصحفى فى المغرب أو تونس كان يهاجم الاحتلال ومؤيديه من أبناء البلد، ولكن لم يتم الاعتداء على صحفى أو الحكم عليه بالسجن، كما حدث مع الصحفى محمد بن راجى الذى حكمت عليه إحدى المحاكم بالسجن سنتين العام الماضى، لمجرد أنه انتقد المكافآت التى يمنحها الملك للمؤيدين له، فى محاكمة صورية استمرت عشر دقائق، ولولا ردود الفعل الغاضبة لما خرج بعد أسبوع من محاكمته.

* كيف ترى تجربة الصحافة الخاصة فى مصر فى ظل ملكيتها لرجال أعمال؟

- أراها تجربة جيدة لا تزال رغم مضى سنوات عليها فى بدايتها والمستقبل لها، ويجب السماح لأى مواطن سواء كان رجل أعمال أو مثقفاً بإصدار الصحف، والمشكلة أن الكثير من الدول العربية تمنح حق إصدار الوسائل الإعلامية لأصحاب الخاصة، سواء كانوا من المقربين من النظام، أو من رجال الأعمال، فى الوقت الذى تهاجم فيه الوسائل الخاصة،

كما حدث فى تونس منذ أسبوعين حيث هاجمت الشرطة مقر إذاعة «كلمة» واعتدوا على صحفييها، وأغلقوا المقر، بدعوى أنها تبث بغير ترخيص، رغم أنها تبث على القمر الصناعى الإيطالى ولا يوجد فى تونس قانون يمنع البث على الإنترنت. وفى اعتقادى أن مستقبل الصحافة والإعلام بوجه عام فى يد الرأى العام والصحفيين لأن الرأى العام متعطش لمعرفة ما يحدث فى وطنه بغض النظر عن جهة الملكية لوسيلة الإعلام.

* ما الفارق بيننا وبين دول تمتلك إعلامًا خاصًا؟

- المناخ العام، فالإعلامى فى الولايات المتحدة وبريطانيا على سبيل المثال ورغم عمله فى وسائل إعلامية يمتلكها القطاع الخاص، إلا أن أحداً لا يتدخل فى عمله أو أسلوب أدائه. كما لا يحدث تداخل بين ملكية رجل الأعمال لوسيلة إعلامية، وبين عمله المالى. ولكن فى بلادنا العربية تبدو رغبة الحكومات فى السيطرة على الإعلام الخاص،

 باستخدام جميع الطرق، دون اكتراث بحق المواطن فى المعرفة، وحق الإعلام فى النقد، ودون أن يدركوا أهمية النقد لأى تجربة تنموية من الممكن أن تفشل لو عاشت بدون صحافة حرة. ومن يطلع على التاريخ الحديث لدول مثل البرازيل والبرتغال والأرجنتين، يجد أنها تحررت فى الربع الأخير من القرن العشرين ومنحت مواطنيها إعلاماً حراً.

* كيف ترى علاقة القضاء بحرية التعبير فى العالم العربى، وبخاصة فى ظل ما يجرى من محاكمات لصحفيين؟

- هناك قضاة يستحقون التقدير، ولكن بصورة عامة بات القضاة وسيلة من وسائل الحكومات فى تنفيذ سياساتها ضد الصحفيين، على سبيل المثال قامت لجنة حماية الصحفيين الدولية بعمل استقصاء فى المغرب، ووجدنا بيانًا سابقًا لرئيس الحكومة الحالى عباس الفاس، «وقت أن كان وزير دولة فى الحكومة السابقة»،

يخاطب فيه القضاة طالبا منهم أن يحكموا ضمائرهم دون انتظار التعليمات على الهاتف المحمول، وهذا إقرار من حكومة دولة، ومصر حققت بعضًا من هامش الحرية الصحفية، إلا أن القضاء فيها موجه وينتظر التعليمات، فما بالنا بدول أخرى تضج سجونها بسجناء الرأى ولا يعلم أحد عنهم شيئًا. ولا يمكن أن يكون هناك قضاء مستقل فى ظل سلطة ديكتاتورية.

* كيف ترى قرار حظر النشر فى قضية سوزان تميم؟

- قرار غير حكيم بالطبع، لا هدف منه سوى حجب المعلومات عن الرأى العام وسياسة تدين الشفافية، والسبب معروف لأن المتهمين أناس لهم نفوذ اقتصادى وسياسى ولهم علاقات بالنظام، وبالتالى كان من حق المجتمع معرفة تفاصيلها، وما قامت به صحيفتا «المصرى اليوم» و«الوفد» من نشر لتفاصيل المحاكمة، كان من أسس مسؤوليتهما الاجتماعية.

* هل تعتقد أن وثيقة البث الفضائى التى أقرها وزراء الإعلام العرب فى فبراير من العام الماضى كان مصيرها الموت؟!

- كان الهدف من الوثيقة سن قوانين لتكبيل البث الفضائى، لا أعتقد أن الوثيقة تستطيع البقاء فى ظل العالم المفتوح الذى نحياه، وبخاصة أنها أساءت للعالم العربى فى الخارج وأكدت ما يقال عن أن النظم العربية ديكتاتورية لا تقبل الرأى الآخر.

* كيف تقيم أداء الصحفيين العرب ومستواهم المهنى مقارنة ببقية الصحفيين فى العالم؟

- يفتقدون التدريب على مستويات أعلى من المهنية التى باتت سمة من سمات الصحافة العالمية، على الرغم من انتشار الكيانات التعليمية الخاصة بتخريج الكوادر الصحفية فى العالم العربى، وتولى النقابات الصحفية فى العالم العربى تدريب الصحفيين، إلا أن الكثير من الصحفيين فى حاجة ماسّـة للتأهيل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية