x

عباس الطرابيلي الإخوان.. يحكمون تونس من جديد عباس الطرابيلي الأربعاء 27-01-2016 21:12


لم يتوقف معظمنا أمام تحذيرات الرئيس السيسى للإخوة فى تونس.. وإن لم يصرح علانية، إلا أن الرئيس كان أكثرنا شفافية ورؤية للأحداث التى شهدتها تونس منذ أيام.. وهى المظاهرات التى تقف وراءها أيدٍ خبيثة من الداخل.. وأصابع خفية من الخارج.. وخرجت بحجة تدنى أوضاع - ودخول الناس - ولكنها إنذار لما يمكن أن يقع فى تونس - وهذا سر تحذير الرئيس السيسى للشعب هناك - بل وما يمكن أن يحدث - فى مصر - على نفس الطريقة، وهو ما كشفه رسام الكاريكاتير العزيز عمرو سليم بذكاء أمس، على الصفحة الأخيرة من «المصرى اليوم».

وواضح أن عيون مصر تتجه الآن إلى تونس.. وقد تحدثت الصحف أمس - ولو من وراء ستار - عن استقالة 22 نائباً من حزب نداء تونس فى مجلس نواب الشعب، وبذلك فقد الحزب الحاكم، الأغلبية فى البرلمان.. وبذلك أصبحت حركة النهضة الإسلامية، شريكته فى الائتلاف الرباعى الحاكم، هى القوة الأولى فى البرلمان.. وهذه الحركة هى حركة الإخوان المسلمين هناك، ويقودها الشيخ الغنوشى، كبيرهم هناك.

ومعنى ذلك أن الإخوان مصرون على العودة إلى الصدارة فى حكم تونس، من جديد، وهم يستغلون هناك تدنى الأوضاع الاجتماعية وتصاعد حجم الغضب الشعبى بسبب ارتفاع معدلات البطالة، وعدم قدرة النظام الحالى هناك على توفير الحد الأدنى مما تطالب به الجماهير من عيش وحرية وعدالة اجتماعية حقيقية.. ثم بسبب شدة تعامل الشرطة - هناك - مع هذه المظاهرات التى تحركت فى غرب تونس.. وهكذا دائماً هم الإخوان.

وهنا - فى مصر - نحذر من تكرار ما يقع فى تونس.. إذ إن مخططات الإخوان هى استنزاف مالية وقوى الشعب المصرى، من خلال عمليات إرهابية تبدو صغيرة.. ولكنها تهدف إلى تلك الشدة العصبية التى نعيشها فى مصر، وبرزت فى الأيام الأخيرة، تحسباً لما كان يمكن أن يحدث يوم 25 يناير.. وهو ما أطلقت عليه هنا اسم «كابوس 25 يناير»، وعندما تعيش مصر بين عملية تفجيرات، وإن بدت صغيرة إلا أن مفعولها يزيد من التوتر النفسى للناس.. ويزيد من الشدة الأمنية بكل ما يعنيه ذلك من استنزاف ثروات البلاد، تحسباً لما يمكن أن يقع فى أى مكان.

ومع ما تخصصه الدولة المصرية لمواجهة أى عملية إرهابية نكتشف أننا نفقد ملايين عديدة من الجنيهات، كان يمكن أن توجه أو تخصص لتحسين أوضاع الناس المالية والخدمية.. وللأسف هذا المخطط هو الذى جعل الرئيس السيسى - فى حفل تكريم أسر شهداء الشرطة - يوجه تحذيره الظاهرى للشعب التونسى.. ولكنه كان يوجه تحذيره الحقيقى والأكبر للشعب المصرى.. لأن المخطط الإخوانى واحد، وواضح، فى الحالتين.. فى تونس وفى مصر.

ويبدو أن مخطط تركيع المنطقة، كلها، بعد أن أخذت الضربات الروسية والغربية للدواعش فى سوريا والعراق تحقق بعض الضربات المؤثرة على داعش.. اتجه مخطط تركيع المنطقة إلى غرب مصر - لأن مصر نفسها هى المقصودة - وبالذات إلى تونس.. وإلى ليبيا، وربما أيضاً إلى السودان، وإن كان تحت الحزام.. ذلك أن هذا المخطط عرف أن صمود مصر هو وحده القادر على إحباط مخططهم لإعادة رسم حدود المنطقة.. وهو للأسف نفس المخطط الذى ينفذه الغرب ضد مصر ومنذ الحروب الصليبية.. لأن إسقاط مصر يسمح لهم بإسقاط كل دول المنطقة، أى ضرب مصر - هذه المرة - من الغرب، أى من الحدود الغربية لمصر، من هنا تتزايد تحركات الإخوان - وهم الأصابع الداخلية لمخطط ضرب المنطقة - فى تونس.. وقد نجحت بدايات هذا التحرك هناك.. وربما نواجه بإعادة استيلاء الإخوان على السلطة فى تونس، وما استقالة هؤلاء النواب من حزب نداء تونس إلا بداية لعودة سيطرة الإخوان، من خلال حركة النهضة الإسلامية، على البرلمان.

ثم لماذا نتجاهل ما يجرى فى ليبيا الآن؟.. ليس فقط من خلال رفض البرلمان الليبى لما تم الاتفاق عليه حول إعادة الاستقرار إلى ليبيا.. هو خطوة أخرى تستهدف مصر فى المقام الأول.. لكى يحدث اختراق حقيقى للحدود الليبية مع مصر.. لنفس الهدف وهو إسقاط النظام المصرى الذى ارتضاه الشعب ومنذ 30 يونيو.

ولا نريد الآن أن نتحدث عن مقدمات ما حدث فى البرلمان المصرى من رفض قانون الخدمة المدنية، مثلاً.. ولكننى أتوقع ارتفاع حجم المطالب الفئوية بتحسين الأوضاع المالية والاجتماعية للناس، ليس فقط تقليداً لما حدث فى تونس.. ولكن لأن الشعور المصرى العام - هنا - بات مهيأ لتقبل ذلك.. لأن الشعوب عموماً، وليس مصر فقط، تطلب.. وتثور من أجل تحسين أوضاعها المالية.. مهما كانت ظروف الدولة.

لذلك علينا أن نحلل جيداً كل ما حدث، وما يمكن أن يحدث من إيجابيات وسلبيات فى تونس.. وما يمكن أن يحدث أيضاً فى مصر.

■ وهذا - فى يقينى - ما اكتشفه الرئيس السيسى وحاول فيه تحذير الشعب التونسى.. ولكنه كان - أيضاً - يحذر الشعب المصرى.. فهل يرضى شعب مصر عودة حكم الإخوان؟!

اقرأوا المقال.. من بدايته.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية