x

وزير الري: إثيوبيا رفضت عرض مصر بتمويل «سد النهضة» خلال حكم «منصور» (حوار)

الإثنين 18-01-2016 22:56 | كتب: محمد السيد صالح, متولي سالم |
تصوير : محمد راشد

كشف الدكتور حسام مغازى، وزير الموارد المائية والرى، أن إثيوبيا رفضت عرضاً مصرياً بتمويل سد النهضة خلال فترة حكم الرئيس السابق عدلى منصور، بدعوى أن التمويل سيكون من مواطنى إثيوبيا، مشيرا إلى أن الوزارة ليست «معنية» بالتدخل لدى الجهات المانحة لوقف التمويل ويقتصر دورها على بحث تأثيرات السد.

وأضاف مغازى، في حواره لـ«المصرى اليوم»، أن اتفاق المبادئ ينص على عدم قيام إثيوبيا بتخزين مياه السد قبل انتهاء الدراسات الفنية، وأن الدراسة المائية ستنتهى أواخر العام الحالى، ولن يتم البدء في مرحلة التخزين النهائى للسد قبل 2019، فيما أعلن الوزير عن وجود 22 سببا وراء استبعاد مشروع ربط «النيل» بنهر «الكونغو» بسبب الصعوبات الفنية والهندسية والسياسية، وإلى تفاصيل الحوار:

■ ما حقيقة ما رددته الشركة الإيطالية عن انتهاء مشروع سد النهضة بعد 6 شهور؟

- وزارة الرى تتلقى معلوماتها من مصادر رسمية من خلال صور الأقمار الصناعية المتاحة لديها، كما تلقينا دعوة من وزير المياه الإثيوبى للمسؤولين المصريين والخبراء والإعلاميين للاطلاع على الموقف على الطبيعة، وهل هناك توربينات أو بوابات تم تركيبها، وسنرى ذلك بأعيننا في شهر فبراير المقبل، والدعوة مفتوحة لمن يريد، ولا تقتصر على الوزراء، وهو ما تم الاتفاق عليه خلال الاجتماع السداسى الماضى، وسنتفق على تحديد موعد الزيارة رسميا خلال الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية والمياه بالعاصمة السودانية الخرطوم، ويعقب زيارة الوزراء زيارة للإعلام في إطار بناء الثقة للوقوف على دقة المعلومات، وعندما تتم تكون أبلغ رد على ما تناولته الشركة عبر وسائل الإعلام لتحديد مدى دقتها من عدمها، وهل المعاينة على الطبيعة تخالف ما أعلنته الشركة من معلومات حول السد.

■ هل ترى أن رد الشركة كان دقيقا؟

- لم يكن دقيقا، لأن المعلومات المتوافرة لدينا أن توربينات السد عددها يصل إلى 16 توربينة، ولم يتم تركيب أي منها حتى هذه اللحظة.

■ لكن الشركة الإيطالية ذكرت أنها صممت هذه التوربينات؟

- هناك فرق بين التصميم والتركيب، كما يوجد عقد والتزام بمواعيد ومبالغ دفعت، ومن الطبيعى أن يتم تصميم هذه التوربينات وأن تشحن، لكن حتى هذه اللحظة لم يتم تركيبها، خاصة أن ارتفاع هذه التوربينات يعادل 3 طوابق، أي 15 مترا، ويتم تركيبها بمنتهى الدقة، والمعلومات المتوافرة لدى مصر أنه لم يتم تركيب أي توربينة، وربما يكون عدد الشهور الذي ذكرته الشركة، وهو 6 شهور، حتى يتم شحن التوربينات إلى موقع السد، وعندما نتحدث عن التركيب فهو يحتاج إلى 6 شهور للانتهاء من تركيبها، وهناك علاقة بين التركيب والتشغيل وبين التشغيل والتخزين، وما يعنى مصر هو التخزين.

■ وما علاقة اتفاق المبادئ بالتخزين؟

- اتفاق المبادئ ينص على أنه لا يتم التخزين حتى تنتهى الدراسات الفنية.

■ هل يمكن فنيا زيادة فتحات سد النهضة، أم أن الموضوع له شق سياسى؟

- موضوع زيادة فتحات السد لابد ألا يأخذ أكثر من حجمه ويطلق عليها بوابات الطوارئ، وتستخدم عند حدوث شىء غير متوقع، فيمكن أن نفترض أن الـ16 توربينة الموجودة في السد تعطلت بالكامل، أو أن محطة الكهرباء لا تعمل، لأنه طالما أن هناك دخولا للمياه فهناك خروج لها، وهو ما دفعنا لكل هذه الافتراضات، فيكون أمام المصمم لأى سد هروب المياه من مصدرين، الأول المفيض، وهو قناة تتحرك فيها المياه بطبيعتها، أو من خلال بوابات الطوارئ، والدراسات المصرية وضحت طبقا للمعلومات المتاحة لنا أن هذه البوابات تسمح بمرور المياه في حالة الفيضانات المنخفضة، أما في الفيضانات العالية ربما لا تكفى لإمرار هذه الكميات بالشكل المطلوب، وعملنا الدراسة الوطنية وتم عقد اجتماع لخبراء الدول الثلاث في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وقام مصمم السد بتقديم الدراسة وأوضح بها بيانات جديدة بالنسبة للمصمم المصرى، وهى بعض المناسيب التي لم تكن متاحة لدينا، وبالتالى من واقع الدراسة التي قدمت لنا فإن هذه الفتحات تكفى لإمرار المياه بالكمية المطلوبة حتى لو كانت جميع المحطات والتوربينات لا تعمل، رغم أنهم يرون أن هذا الفرض غير واقعى، لكن المفاوض المصرى عندما أثار هذه النقطة يؤكد حرصه على ألا يترك ثغرة أو شيئا يمكن أن يترتب عليه أي نقص في الموارد المائية المصرية، ومنها فتحات سد النهضة، وبناء على هذه المعلومات المستحدثة لدينا قام الخبراء المصريون عند عودتهم بالبدء في تنفيذ تكليفات بعمل دراسات جديدة، في ظل هذا المنسوب الجديد، للتأكد منه، ويجرى حاليا عمل الدراسات، وسيتم عرض النتائج على وزراء المياه، فإذا أثبتت هذه الدراسة أن الفتحات كافية في حالة الطوارئ نغلق هذا الملف، ويصبح الموضوع مُرضيا للجانب المصرى، وإن كان هناك نوع من عدم الرضا لهذه النتائج وأن تتم زيادة عدد الفتحات يتم عرض الموضوع على المستوى الوزارى للاجتماع المقبل طبقا لتوصيات الاجتماع الأخير برفع تقرير بهذا الشكل.

■ وماذا يعنى ذلك؟

- الموضوع قيد الدراسة للتأكد من مدى رضا مصر عن الدراسات التي أجريت حول عدد الفتحات، أو إغلاق ملف هذه النقطة نهائيا.

■ ما حقيقة ما تردد عن نجاح مصر في وقف تمويل سد النهضة؟

- منذ توليت الوزارة في يونيو 2014 لم تكن الوزارة معنية بأى مفاوضات بوقف التمويل من عدمه، لأنها ليست مسؤولية «الرى»، فدورها فنى في بحث تأثيرات السد، لكن ربما كان هذا التوجه موجودا في الماضى، لكن إثيوبيا أكدت أكثر من مرة وليس سرا أن مصر عرضت تمويل السد خلال الفترة التي تولى فيها الرئيس عدلى منصور رئاسة الدولة، وتم عرض المقترح على الجانب الإثيوبى، في أحد اللقاءات، وكان رد أديس أبابا أن تمويل السد سيكون وطنيا من أبناء إثيوبيا، سواء من الداخل أو الخارج، واعتذرت عن هذا التمويل الذي قدمته مصر، إلا أنه من المؤكد أن هناك رغبة إثيوبية في أن التمويل وطنى خالص من دولة ذات سيادة.

■ في ظل كثرة المفاوضات حول السد.. كيف ترى خارطة طريق المفاوضات الفترة المقبلة؟

- نستطيع تلخيص خارطة الطريق قبل نهاية يناير الحالى، وسنتلقى العرضين الفنى والمالى من المكتبين الاستشاريين الفرنسيين «بى آر إل»، و«أرتيليا»، ويعكف الخبراء في الدول الثلاث على الجلوس لفحصه والمفاضلة للحصول على العرض المالى المناسب والوقوف على شروط التمويل وتقسيط أتعاب المكاتب الاستشارية، ثم يتم رفع هذا التقرير من الخبراء إلى الوزراء الثلاثة لتحديد توقيت التوقيع، وفى نفس الوقت يجرى حاليا التفاوض مع المكتب الإنجليزى «كوربت» لإعداد مسودة الاتفاق بين الدول الثلاث وبين المكتب القانونى الذي يمثل مصر والسودان وإثيوبيا، في دفع الأقساط المستحقة للمكتبين الاستشاريين، بالإضافة إلى إعداد مسودة تجمع بين المكتب القانونى وبين المكتب الاستشارى «بى آر إل» والمكتب المساعد له «أرتيليا»، ويتم في الوقت الحالى بالتوازى مع العروض الفنية والمالية، والتى من المقرر أن تصل نهاية الشهر الحالى، ليبدأ إعدادها للتوقيع قبل منتصف فبراير بالخرطوم، حيث إن الدورة الحالية ستكون في العاصمة السودانية، وهو موعد الاجتماع العاشر للمفاوضات الفنية الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا، وربما يتم معه التوقيع مع المكتبين الاستشاريين في احتفالية كبرى، أو ربما يتم التوقيع مع المكتبين الاستشاريين والمكتب القانونى.

■ وبعد التوقيع في شهر فبراير المقبل؟

- طبقا للعرض الفنى السابق من شركة «بى آر إل» تجرى الدراسة خلال 11 شهرا، وبعد 8 شهور يتم الانتهاء من الدراسة المائية، إذا نتحدث عن قبل نهاية عام 2016 سيكون لدينا دراسة مائية.

■ ماذا تقصد بالدراسات المائية؟

- هي التي تجيب عن الاستفسارات التي تدور حول الآثار السلبية لسد النهضة من عدمها، وإن كانت هناك آثار سلبية ستجيب الدراسة عن وسائل التغلب عليها، سواء من خلال عدد سنوات التخزين أو توقيت التخزين، وهناك العديد من الاستفسارات المطلوبة من المكتب الاستشارى للقيام بإعدادها، ومن المقرر أن يتم الانتهاء منها قبل نهاية العام الحالى، وتعقبها دراسة بيئية واقتصادية اجتماعية، وبعدها بـ3 شهور في مارس 2017 تنتهى هذه الدراسات المكلمة، ولو قسمنا مراحل التفاوض في سد النهضة ستكون من خلال 3 مراحل، الأولى بدأت عام 2014 مع بداية تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتنتهى المرحلة الأولى بالتوقيع مع المكتبين الاستشاريين، والمرحلة الثانية خاصة بالدراسات الفنية من خلال تقارير شهرية يعدها المكتب الاستشارى، ويقدمها للدول الثلاث لمراجعتها واعتمادها، والمرحلة الثالثة تبدأ عقب انتهاء المكتب الاستشارى من وضع تقريره الفنى من خلال إعداد وزراء المياه بمصر والسودان لإدارة وآلية تشغيل السد، طبقا لتوصيات المكتب الاستشارى، وهذا مذكور في اتفاق المبادئ، إذا لدينا استراتيجية تتكون من 3 مراحل بمجرد التوقيع في فبراير المقبل، تنتهى المرحلة الأولى بنسبة 100%، وتبدأ المرحلتان الثانية والثالثة.

■ متى يتم الانتهاء من سد النهضة من وجهة نظرك؟

- تشغيل السد ينقسم إلى مرحلتين الأولى توليد مبكر وتوليد بـ«الكامل»، والأول يقصد به تشغيل 2 توربينة، ومن المتوقع قبل أن يتم توليد الكهرباء أن يبدأ في التخزين، ونحن نتكلم عن دراسات تنتهى عام 2016، إذ عندما يبدأ التخزين بعد العام الحالى سيكون مع فيضان 2017 إمكانية التخزين طبقا لتوصيات الدراسات الفنية، وتوقعاتنا أن يبدأ التوليد المبكر بـ 2 توربينة في موسم فيضان العام المقبل ويبدأ بعد ذلك باقى التخزين طبقا لتوصيات الدراسات الفنية التي تحدد حجم التخزين سواء 30 مليار متر مكعب أو 40 مليار متر مكعب، ينتهى بعدها التوليد النهائى أو التخزين النهائى وتوليد الكهرباء، وتوقعاتنا أن يبدأ ذلك عام 2019، فالسد العالى عندما اكتمل بناؤه لم يمتلئ في عام واحد، لكن خلال سنوات تتراوح بين 10 و11 سنة، حتى امتلأت بحيرة السد العالى مع سحب المياه اللازمة لتلبية كافة الاستخدامات، فكل الأنظار تتجه إلى هذه الدراسات لأنها المخرج الوحيد لهذا الملف وهو عدد سنوات وحجم وسيناريو التخزين حتى تعطينا الضوء الأخضر عن متى يكتمل ويخزن هذا السد.

■ ننتقل إلى ملف مشروع استصلاح 1.5 مليون فدان.. ألا ترى أننا في الوقت الذي نصدر فيه للعالم أن مصر في حاجة للمياه ننفذ مشروعا ضخما يحتاج لموارد مائية إضافية، وهل تراه من الناحية الفنية والسياسية صحيحا في هذا التوقيت؟

- المشروع يعتمد بنسبة 90% على المياه الجوفية، وعلى مياه النيل بنسبة 10%، وبالتالى فلا يمكن الربط بينه وبين سد النهضة وتأثيراته على النيل، أما المشروع فهو مصيرى لتأمين الغذاء لملايين المصريين.

■ وما هي مبررات تنفيذ المشروع؟

- هناك 6 أسباب، فعدد سكان مصر سيتجاوز أكثر من 150 مليون نسمة قبل عام 2050، والأراضى الزراعية في الدلتا ووادى النيل «تتآكل» وبنى عليها كتل سكنية رغم محاولات الدولة إيقاف هذه التعديات، لتقليلها، وربما ستظل هذه التعديات خلال السنوات المقبلة، بالإضافة إلى أن ارتفاع منسوب البحر وتملح بعض الأراضى المحيطة بالساحل ستنعكس على انخفاض إنتاجية الأراضى الزراعية، وتجعلنا نفقد المزيد من المساحات، وستقل تباعا لارتفاع منسوب البحر المتوسط، وهى ظاهرة يعرفها الجميع تجعلنا نعتمد على الاستيراد، الذي يحتاج إلى توفير العملة الصعبة لاستيراد القمح والذرة وغيرها من المحاصيل، وهو ما سيتضاعف في ظل الزيادة السكانية التي تتضخم قبل عام 2050، فهناك أجيال ستأتى لتواجه العجز والنقص الغذائى تفوق قدراتنا الحالية، ما يدفعنا إلى أن نزرع من اليوم حتى نحصد السنوات المقبلة.

■ وكيف ترى أسباب الهجوم على مشروع الـ 1.5 مليون فدان؟

- دائما ما تقابل المشروعات الكبرى بالهجوم في البداية، كما حدث عند إنشاء السد العالى، وأعتقد أنه أكثر المشروعات التي تعرضت لذلك، وهو الذي حمى مصر من الكوارث والفيضانات والجفاف في الوقت الذي تعرضت فيه دول لمجاعات بسبب عدم سقوط الأمطار، أو التي حدثت لها فيضانات مدمرة في بعض دول حوض النيل، وبعد اكتمال بنائه ذقنا حلاوة وطعم السد العالى، كما أن قناة السويس الجديدة تعرضت للهجوم من بعض الأقلام.

■ هل ترى أنه سيواجه مشكلة عدم استدامة الموارد المائية مستقبلا؟

- المهم هو حجم المياه المطلوبة لهذا المشروع، وقام خبراء وزارة الرى بعمل تقديرات واطمأنوا أن الحجم الموجود من المياه للمشروع ليس لمدة 100 عام فقط لكن لأضعاف هذه المدة، حيث يحتاج إلى نحو مليارى متر مكعب من المياه سنويا لمدة 100 عام، بينما تصل تقديراتنا للمخزون المتوفر سنويا إلى 8 مليارات متر مكعب لـ 100 عام، والمطلوب للمشروع هو الإدارة الرشيدة للمياه الجوفية لتحديد المسافة بين الآبار، وعمق الآبار وكمية المياه المسحوبة منها، تحت إشراف وزارة الرى، ما يجعل الدولة هي التي تحفر الآبار إضافة لاستخدام الطاقة الشمسية في تشغيلها.

■ وماذا عن ضوابط العمل في المشروع؟

- المشروع ليس للاستثمار الزراعى فقط لكنه استثمار في إدارة المياه من خلال كميات في حدود معاملات الأمان العالية التي تضمن استدامة الخزان الجوفى، عبر وضع آلية لتشغيل الآبار بحيث يتم الاستفادة من كميات ضئيلة من المياه تساوى المعدل الطبيعى لحركة المياه الجوفية، والدراسات التي أجراها المركز القومى لبحوث المياه توضح أهمية الضوابط لتشغيل الآبار والاستفادة من التكنولوجيا في مراقبة المناسيب المائية للخزان الجوفى، خاصة أنه ذو إمكانيات عالية في مناطق الداخلة والفرافرة، كما أن الوزارة تركز على أهمية الاستفادة من التجارب السابقة في استخدام المياه في الصحراء من خلال تطبيق نظم الرى الحديثة، والتحكم في عدد ساعات تشغيل الآبار عبر استخدام الطاقة الشمسية، وتحديد معدلات السحب من الآبار لتتناسب مع إمكانيات المياه الجوفية المتاحة بكل منطقة.

■ وكيف تضمن الالتزام بهذه الضوابط؟

- بوضع التشريعات الملزمة لتجريم الإضرار بالخزان الجوفى من قبل مستخدمى المياه، بالإضافة إلى تنفيذ آليات تضمن عدم استنزاف المياه الجوفية، وزيادة العائد من المياه وحظر زراعة المحاصيل الشرهة للمياه.

■ ما حقيقة مشروع ربط نهر الكونغو بنهر النيل؟

- نحن نرحب بأى مشروع يجلب الموارد المائية لمصر... لكن عندما تم تقديم المشروع إلينا فحصه خبراء وزارة الرى وتم تحديد مسار المرور والتى أكدت أنها مليئة بالمستنقعات وفى مناطق بها حروب، ولدينا مثال أننا إلى الآن لم نتمكن من الانتهاء من حفر قناة جونجلى منذ أكثر من 30 عاما لتوفير 4 مليارات متر مكعب من المياه.

■ وما صعوبات تنفيذه؟

- نتحدث عن مشروع نهر الكونغو لتوفير 100 مليار متر مكعب ولم ننجح في توفير 4 مليارات متر مكعب، وعدم استكمال تنفيذ قناة جونجلى في جنوب السودان، فهو يحتاج إلى مدة أطول خاصة أنه يمر في مناطق بها مستنقعات بالإضافة إلى أنه يقع في منطقة خارج حوض النيل ونقل المياه خارج الحوض سيفجر قنبلة في كل الأعراف الدولية، وهى نقل المياه من حوض إلى خارج الحوض، وستفتح أبواب لا يمكن إغلاقها بعد سنين، وأما السبب الثالث فهو أن المشروع من الناحية الفنية والهندسية يتحدث عن رفع مياه لأكثر من 120 مترا، ثم يمر في مجموعة من المواسير قدرها الخبراء بـ 500 ماسورة قطر الواحدة منها متران فهى تحتاج إلى طاقة ومن سيقوم بتوليد هذه الطاقة لدفع المياه إلى أعلى الربوة فلا توجد مصادر طاقة، ووجدنا أن هناك 22 سببا لرفض المشروع وأنه غير قابل للتطبيق فنيا وهندسيا، بالإضافة إلى العواقب السياسية واللوجستية في المناطق التي يمر بها، ويصعب الوصول إليها ونؤكد أنه لن ندخل مستنقع لا نستطيع أن نخرج منه.

■ وماذا عن قناة جونجلى؟

- نطمح أن نستكمل المشروع لسد العجز في تلبية الاحتياجات المائية المتزايدة سنويا، حيث يصل إجمالى العجز أكثر من 23 مليار متر مكعب من المياه، وذلك في إطار التعاون بين مصر وجنوب السودان، والأحداث السياسية يجب أن نعيها جيدا.

■ وكيف نربط النيل بعمق أفريقيا؟

- المشروع ليست وزارة الرى التي طرحته لكن منظمة الكوميسا هي التي قدمت حزمة من المشروعات، بحيث تشترك كل قارة أفريقيا فيه، فتم تكليف مصر بهذا المشروع ودراسته ضمن دراسات ما قبل الجدوى وتم الانتهاء منها بتمويل مصرى وتقديمها للمنظمة واعتمدتها، وقررت تشجيعها للفكرة ونقلها لمرحلة دراسة الجدوى قبل تصميمها وتم تخصيص 650 ألف دولار من بنك التنمية الأفريقى لجلب مكاتب استشارية دولية لبدء دراسة الجدوى، وهذا المشروع يتلخص في أن معظم بلدان حوض النيل دول «حبيسة» لا توجد لها منافذ على البحر، مقارنة بمصر والسودان وكينيا، ولكى نربطها لدينا شريان هو النيل كما أن دراسات ما قبل الجدوى أثبتت أنه سيمثل نقطة انطلاق عظيمة للدول المشاركة حيث يتمتع بالعديد من الفوائد والمميزات التي ستسهم بدون شك في ازدهار المنطقة ورفع معدلات التنمية وخفض نسب الفقر وهذه الفوائد والمميزات تتضاعف أهميتها في حالة الدول الحبيسة بالحوض، مثل جنوب السودان ورواندا وبوروندى وأوغندا، والتى ليس لها منافذ خارجية على العالم الخارجى سوى الطرق البرية، بما في هذه الطرق من تحديات ومشقة، ولدينا في مصر النقل النهرى من دمياط وحتى أسوان ثم تأتى السدود مثل السد العالى وسد مروى وغيرها من السدود على النيل وهى عقبات موجودة على النهر.

■ والحل؟

- في علم الهندسة لا يوجد «مستحيل»، ولدينا تجربة في نهر الدانوب، عندما توجد حواجز تقام أهوسة أو مجرى خاص ملاحى أو تنقل البضائع بريا عند الوصول إلى هذا الحاجز ثم تنقل وتكمل رحلتها لميناء آخر حتى الوصول إلى نهاية رحلتها ونحن درسنا الموضوع من ناحية دراسات ما قبل الجدوى ووجدنا أن تكلفة المشروع نحو 10 مليارات دولار، تقسم بين هذه الدول وليس من مواردها ولكنها تكون في صورة قروض من الجهات المانحة مثل البنك الدولى وبنك التنمية الأفريقى وهو مقتنع بالمشروع وقدم الدفعة الأولى لدراسات ما قبل الجدوى التي وصلت وزارة الرى، وربما يكون المشروع حلما لكن كثيرا من الأحلام تتحقق، ونأمل أن تنتهى الدراسات عام 2017.

■ وماذا عن التعديات على النيل؟

- حصاد عام 2015 هو الانتهاء من إزالة 7300 حالة من إجمالى 50 ألفا و399 حالة تعد، منها 30 ألف حالة تعد على النيل لها طابع اجتماعى، نظرا لعدم وجود بديل للفئات الاجتماعية لهذه الحالات، وتجرى مراجعتها حاليا.

■ هل هناك علاقة بين ذلك وما شهده فرع رشيد من حالات نفوق للأسماك الأسبوع الحالى؟

- مع استمرار حملات وزارة الرى لإزالة الأقفاص السمكية من فرع رشيد لجأ البعض إلى إخفاء بعض الأقفاص تحت الماء وساهم نقص منسوب المياه في النيل خلال فترة السدة الشتوية في حدوث نفوق للأسماك رغم قرار وزارتى الرى والبيئة بشن حملة لإزالة الأقفاص السمكية نهائيا من فرعى النيل بدمياط ورشيد.

■ لكن البعض يرى أن حملات الإزالة مازالت «بطيئة»؟

- بعد انتهاء الاحتفالات بأعياد ثورة 25 يناير سنبدأ في تنفيذ حملة مكبرة لإزالة التعديات على النيل بالقاهرة الكبرى، حيث ستتفرغ الشرطة لتنفيذها ويعقبها استكمال حملات الإزالة على امتداد النيل بالقاهرة والمحافظة.

■ وكيف يمكن الاستفادة من حملات الإزالة في تطوير كورنيش النيل؟

- يجرى حاليا الإعداد لتنفيذ مشروع «ممشى أهل مصر» في 6 مواقع بمحافظتى القاهرة والجيزة من خلال نموذج موحد لكل منطقة يسمح بالاستمتاع بنهر النيل والسير إلى جوار ضفتيه على أن يتم مراقبة الكورنيش بكاميرات مراقبة للحد من التحرشات والكشف عن المخالفات أولا بأول.

■ وماذا عن مستقبل «توشكى»؟

- لن نكرر أخطاء الماضى فيما يتعلق بإدارة المشروع التي انعكست على معدلات الأداء به بسبب غياب التنسيق الكامل بين الأجهزة المعنية، فهو كأنه بدون (رأس له) يدير ويوجه وينظم وينسق، كما أثبتت التجربة أن طرح مساحات واسعة مرة واحدة للاستثمار ليست هي الطريقة المثلى لاستصلاح تلك الأراضى؛ وهذا لا يعنى وصف توشكى بأى شكل بأنه «فاشل» أو يحمل خطايا، خصوصا وقد تم تدارك تلك الأخطاء في المشروع حاليا، كما أن منهجية التنفيذ تحتم تقديرنا لكل الشخصيات التي حملت المسؤولية وطرحت الفكرة ونفذتها منذ عام 1997 وحتى الآن.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية