قالت الدكتورة هدى عبدالناصر، أستاذة العلوم السياسية، كريمة الرئيس جمال عبدالناصر، إن تحويل منزل والدها بمنشية البكرى إلى متحف يعد توثيقا للتاريخ الحديث وفترة حكم والدها، مضيفة أن البرلمان هو صاحب تلك المبادرة، التي أحياها الرئيس الليبى معمر القذافى خلال زيارته ذات مرة للمنزل في ذكرى ناصر. وأوضحت، في حوارها لـ«المصرى اليوم»، أن والدها كان مهتما بأفلام الكاوبوى الأمريكية وأفلام عبدالحليم حافظ. وإلى نص الحوار:
■ من صاحب فكرة تحويل منزل منشية البكرى إلى متحف؟
- البرلمان المصرى عقب وفاة الرئيس عبدالناصر، هو صاحب مبادرة التحويل إلى متحف يضم مقتنياته ويكون شاهدا على العصر خلال فترة حكمه، على أن يتم التحويل عقب وفاة أفراد الأسرة جميعهم، إلا أنه عقب وفاة والدتى «تحية» قرر جميع إخوتى إخلاء المنزل نظرا لمعيشتهم مع أسرهم الصغيرة في أماكن مختلفة، ورحبوا جميعا بإقامة المتحف، وفى إحدى مرات إحياء الذكرى في الضريح، أبدى الرئيس الليبى السابق معمر القذافى رغبته في زيارة المنزل، فذهبت شقيقتى منى معه وأصيب بالذهول بسبب غلقه والأتربة التي كانت تملأ المكان، فقام بدفع عدة ملايين من الجنيهات لتحويل المنزل إلى متحف، ومنذ ذلك الحين لم نعلم إلى أين ذهبت تلك الأموال.
■ هل احتفظتم بأى شىء من متعلقات الرئيس لديكم؟
- لم نحتفظ بأى شىء إيمانا منا بأن عبدالناصر ليس ملكا لأسرته وإنما لمصر والعالم العربى، وقد قمنا بتسليم بدلته العسكرية وأحجار من القمر كانت أمريكا أرسلتها لجميع رؤساء الدول بعد أول زيارة أمريكية للفضاء، وكنت قد احتفظت بالنياشين والمقتنيات التي لا تقدر بثمن في البنك العربى قبل ثورة 25 يناير وخفت عليها لفترة ثم أرسلتها لدار الوثائق القومية.
■ كيف كانت معيشة الرئيس عبدالناصر مع أسرته الصغيرة؟
- كان الوالد حريصا على أن يكون أبناؤه في مستوى تعليمى واقتصادى واحد، وفى يوم الجمعة، العطلة الرسمية، كان يتناول الإفطار ويعلمنا عدة ألعاب منها تنس الطاولة وكرة القدم والشطرنج في حديقة المنزل في أوقات قليلة فقط، حيث كان دائما مشغولا بالقراءة، وأذكر أنه قال لى مرة إن عمته منحته أموالا وهو صغير فاشترى بها كتبا فقالت له «اشترى حاجة تاكلها أحسن»، وكانت معيشتنا «عادية» وكان جدى يزورنا ويجلس معنا أشهرا عديدة، بينما كان اثنان من أعمامى وأحدهما ضابط بحرى والآخر طيران دائمى التردد علينا.
■ هل كان يسمح لكم بدخول مكتبه أثناء عمله؟
- نادرا ما حدث ذلك وأذكر أن شقيقى عبدالحكيم دخل عليه مرة واحدة وكان عمره سنة ونصف وحمله همرشولد، الأمين العام للأمم المتحدة والتقط صورة معه، لكن كان يسمح لنا عقب مغادرة الضيوف، وعندما كنا نرى ضابط المراسم غير موجود كنا ندخل عليه ويستفسر منا عن أحوال الدراسة، ومن يحصل على أعلى الدرجات كان يدخل عليه بعد تناول الغداء ومن يحصل على درجات ضعيفة كان يضعها على مكتبه قبل النوم لاعتمادها، وكانت نظرات عينيه أقصى عقاب.
■ أعلم أن ناصر كان عاشقا للسينما، هل كنتم تشاهدون الأفلام معه؟
- نعم، كان مولعا بالأفلام الكاوبوى الأمريكية وكان حريصا أيضا على مشاهدة السينما الروسية والفرنسية واليابانية وكانت أفلام عبدالحليم حافظ من الأفلام المفضلة لديه، لدرجة أننى عندما أشاهدها هذه الأيام أتذكر الحالة التي كان عليها وقت المشاهدة وكان ذلك من خلال شاشة عرض في غرفة السفرة وكان لدينا تليفزيون في غرفة المعيشة نلتف جميعا حوله، بالإضافة إلى أنه كان لديه تليفزيون في مكتبه وغرفة نومه.
■ هل كنتم تلجأون لمخبأ المنزل وقت العدوان الثلاثى؟
- إطلاقا لأنه كان دائما يرفض النزول لمخبأ الحرس الجمهورى ويخرج على السطح لمشاهدة حركة الطيران حيث كنا نرى معه مظلات «البراشوت» تنزل قريبا منا وكنا قريبين من مطار ألماظة، وأبلغه العاملون بمؤسسة الرئاسة أن المنزل غير آمن فتم نقلنا لمكان ما بالزمالك، وأعلن أنه لن يخرج من القاهرة، كما رفض أن يترك منزل المنشية.
■ وماذا عن دور والدتك في المنزل خاصة أنها لم تهتم بالعمل الاجتماعى؟
- والدتى مثل كثير من الأمهات المصريات تهتم فقط بأسرتها وأولادها وزوجها، كما كانت تقوم بدور المعلمة في الفترات الدراسية الأولى، حتى تم الإتيان بمعلمة خصوصية، إلا أن والدتى أيضا كانت تستقبل زوجات الوفود الدبلوماسية وزوجات الدبلوماسيين المصريين، وكانت أشبه بزوجة الرئيس الفرنسى شارل ديجول.