x

إندونيسيا .. جمال يتهادى على شاطئ المحيط الهندي

الخميس 14-01-2016 16:56 | كتب: فادي فرنسيس |

جزرمتجاورة تكسوها مساحات خضراء شاسعة وجبال عملاقة، يحتضنها المحيط الهندي من جميع الجهات، تلك هي اللوحة الأولى التي تشاهدها من نافذة الطائرة قبل هبوطها للأراضي الإندونيسية.

مشهداً يتفاعل السائحون معه كل منهم بطريقته، فمنهم من يتأمل باندهاش في إبداع الخالق، والآخر يسجل بكاميرته اللوحة المرسومة، متناسين عناء الرحلة التي استغرقت أكثر من 10 ساعات.

تتوقف الطائرة تماما ويبدأ الجميع في تدارك الفجوة الزمنية الناتجة عن فروق التوقيت، والتحولات الطقسية المتسببة بارتفاع حرارة الجو لتواجد إندونيسيا على خط الاستواء.

رحلة طويلة بدأت بتلك المشاهد الساحرة من جزيرة «سومطرة الغربية»، والتى تعتبر من أكبر جزر إندونيسيا، والشاهدة على حضارة المنينكباويين، سكان الجزيرة الأصليين.

«سومطرة» لها طابع خاص، فالمعروف عنها طبيعتها الريفية، فشوارعها تعيدك إلى الحياة البسيطة الأولية، بجانب تلك الشلالات التي تتواجد على امتداد الطرق وسط الجبال الخضراء، هنا يداعبك قرد البارواك- قرد سومطرة الغربية- كلما تجولت في المزارع وشواطئ المحيط الجميلة، وتتميز مبانيها بالجمال والبساطة على الطراز المينينكباوي المشهور بشكل قرون البقرة، ويعد قصر باجارنيون أشهر قصور إندونيسيا والشاهد على هذا التراث.

لم تختلف عادات شعبها كثيراً عن جمال الطبيعة التي تحيطهم، فالملابس الشعبية التراثية جزء لا ينفصل عن حياتهم بالرغم من التطور الاقتصادي الكبير الذي حققوه في الآونة الأخيرة، ووصلوهم للمرتبة الـ15 على مستوى العالم، ولكن الشعب يحرص على ارتداء الملابس التراثية والقبعة الإندونيسية الشهيرة مهما اختلفت الطبقات الاجتماعية.

يتجمع الأهالي في حلقات لتناول وجبة الساتو أشهر وجبات إندونيسيا وتتميز سومطرة بأكلة الريندام، والتي وصفتها الصحف الأمريكية من أشهي أكلات العالم، كل هذه المشاهد كانت دافعاً للحكومة الإندونيسية لاستغلال الطبيعة في تنشيط السياحة في بلادهم.

ويقول هيروتا أكمل، ويعمل لدى شركة سياحية إندونيسية، إن إندونيسيا تستهدف تضاعف عدد السياح في الأعوام القادمة، لافتاً إلى أن عدد السياح الذين زاروا إندونيسيا العام الماضي بلغ 9 ونصف مليون سائح، ولكن الحكومة تستهدف تجاوز هذا الرقم لحاجز الـ 20 مليون سائح هذا العام.

«احذر.. إن عقوبة تجارة المخدرات في إندونيسيا هي الإعدام»، عبارة تسمعها في الطائرة لحظة هبوطها على الأراضي الإندونيسية، فبفضل فرض هذه العقوبة استطاعت الحكومة الإندونيسية التخلص من نسبة 80% من الإدمان في البلاد.

كوبري نورزين دبلوماسي إندونيسي، يقول إن بلاده استطاعت أن تتخلص من هذه الظاهرة في وقت قياسي، لافتاً إلى أن فرض هذه العقوبة جاء للحفاظ على الشباب الإندونيسي من الانغماس في العادات الخاطئة المنتشرة في أنحاء العالم، والتي ظهرت مطلع القرن العشرين؛ منها تنامي ظاهرة الإدمان.

بعيداً عن السياسات المتبعة هناك فبمجرد النزول إلى الأراضي الإندونيسة، تجد قدرا كبيرا من الحريات، خاصة حرية المرأة فالجميع متعايش فستجد المنتقبات والمحجبات يقودن الدراجات البخارية في الشوارع، ويعلق نورزين على ذلك قائلاً: «الإسلام كرم المرأة ونحن في مجتمعنا نركز على إعطاء المرأة كامل حقوقها، فركوبها الدراجات البخارية لا يتناقض مع طبيعتها كفتاة».

إندونيسيا.. جمال يتهادى على شاطئ المحيط الهندي، 2016.

ويضيف: «ثقافة ركوب الدراجات البخارية منتشرة في كافة أرجاء إندونيسيا لتوفير الوقود، وكذلك تخضع لمعايير بيئية لعدم إحداث التلوث».

المحطة القادمة كانت جزيرة جاوة الغربية، فهي لا تقل جمالا عن مثيلتها سومطرة وتضم الجزيرة جاكرتا عاصمة إندونيسيا، والتي تعد من أجمل عواصم آسيا.

تتحول الطبيعة الريفية إلى المدنية، والتي تتجلى في المباني الضخمة والكباري ومظاهر الحداثة، وتتميز جاوة بزراعة الشاي، والذي يتم تصديره للشركات الكبري على مستوى العالم.

وتحوي «جاوة» العديد من جبال البركان، أشهرها سلسلة جبال تانكوهان باراهو في باندونج، والتي يتوافد إليها الجميع للاستجمام وللعلاج في الفتحات الصغيرة الجبلية التي تحوي المياه الدافئة، وينصح أطباء إندونيسا العديد من المرضى بآلام المفاصل والقدمين بالاستجمام في هذه الفتحات.

خلال الرحلة ستجد آلة الانكولونج المصنوعة من خشب البابمبو منتشرة في جميع أنحاء جاوة الغربية، فهذه الآلة ساهمت في القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع، حيث نظمت الجمعيات الإندونيسية فرق الانكولونج في جميع أنحاء جاوة لتنمية مواهب الأطفال، ولتغير مسار حياتهم بالفن.

إندونيسيا.. جمال يتهادى على شاطئ المحيط الهندي، 2016.

يتميز المجتمع الإندونيسي بتنوع الأعراق واللغات الداخلية التي تصل إلى 300 لغة، فيما تعد أكبر دولة إسلامية في العالم، حيث تبلغ نسبة المسلمين بها 87% من نسبة الشعب والذي يصل إلى 250 مليون نسمة، وبالرغم من وجود النسبة الأكبر من المسلمين، إلا أن الدولة معترفة رسميا بـ 6 ديانات أخرى.

وقالت إحدى الراهبات التابعة لرهبنة الفرنسيسكان في مدينة باندونج، والتي تدعي فرانشيسكا إن الأقليات الدينية تنعم بحياة كريمة في إندونيسيا فلا يوجد أي تمييز داخل البلاد بالرغم من تنوع واختلافات الأيدولوجيات الفكرية.

وأضافت لــ«المصري اليوم» أن المسيحيين ينعمون بحياة مثالية في إندونيسيا ولا يشعرون بأي شكل من أشكال التمييز بل على العكس يشارك الجميع في الاحتفالات الوطنية، والجميع يرقص على أوتار الانكولونج- الآلة الشعبية في باندونج بجاوة الغربية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية