بدون شك إن ما تمر به مصر على الصعيد الداخلى والخارجى يرسل رسالة واضحة لصناع القرار بأن الوقت قد حان لتحديث الدولة المصرية، إن غياب الحلم المصرى أو بمعنى أكثر دقة غياب الرؤية التي يمكن من خلالها تحديد أهداف وبناء أستراتيجيات وتحديث أجهزة الدولة للوصول بمصر إلى الدولة التي يريدها المصريين، إن وضع مصر الأن ليس فريداً بل هناك العديد من الدول عانت نفس ما نعانيه الأن فمثلاً مرت الولايات المتحدة الأمريكية بفترة عصيبة سميت بالكساد العظيم بدأت مع انهيار سوق الأسهم الأمريكية في 29 أكتوبر 1929 والمسمى بالثلاثاء الأسود وكان تأثير الأزمة مدمراً حيث أنخفض متوسط الدخل الفرد وعائدات الضرائب والأسعار والأرباح كما توقفت أعمال البناء تقريباً وتأثر المزارعون بهبوط أسعار المحاصيل بحوالي 60% من قيمتها، إلا أن كل هذا لم يمنع جيمس تراسلو أدامز عام 1931 من إطلاق الحلم الأمريكى والذى نص على توفير أمريكا لحياة أفضل وأكثر ثراء وسعادة وان هناك فرص متساوية للجميع للترقى .
أما سنغافورة والتى تعد من الدول الصناعية الكبرى رغم انها كانت إحدى المستعمرات البريطانية حتى عام 1960 فلديها حلم بتسخير التكنولوجيا لتحسين حياة المواطنين، وخلق المزيد من الفرص، وبناء مجتمع أقوى مع توفير بيئة لجذب الصناعات الجديثة والمواهب للانضمام للمجتمع في سنغافورة في رحلته، والمشاركة في خلق أمة ذكية من خلال نظام حكم الرشيد وبنية تحتية حديثة والمساهمة بالأفكار والحلول المبتكرة وتشكيل أجهزة حكومية أكثر أستباقية تستخدم التكنولوجيا لتقديم خدمة أفضل الخدمات للمواطنين .
بينما صنفت كوريا الجنوبية في عام 1953 كواحدة من أفقر دول العالم حيث كان متوسط دخل الفرد بها 50 دولار سنوياً أما الأن فقد أنتقلت إلى مصاف الدول الصناعية الكبرى بسبب أتفاق الجميع في كوريا أن الوطن فوق الجميع مهما أختلفوا سياسياً، وأصبح حلم كوريا بأن تصبح دولة من الدول الصناعية الأكثر تقدماً من خلال تشجيع القدرة على الابتكار في قطاع المعلومات والاتصالات والأستثمار في صناعات متقدمة مثل التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا تصنيع الروبوتات والطيران وأن تتحول كوريا لدولة رائدة في مجالات المعرفة والفن والحياة الحضرية مع التركيز على تحقيق التنمية المستدامة .
أما الهند والتى تتشابه مع مصر في كثير من الأوجه مثل الفقر والأمية والفساد وهجرة العقول المتميزة والبنية التحتية المتدهورة إلا أن لديها حلم بأن تصبح دولة عظمى بحلول عام 2030 من خلال نقل التكنولوجيا والتعليم المتقدم الذي يحصل عليه كل شرائح الشعب بنفس المستوى وتنمية روح الأبتكار والأبداع والبحث العلمى .
في مصر نحتاج أن نبدأ وفوراً في إطلاق مشروع الحلم مصرى، نحتاج لرؤية مصرية حقيقية وعصرية تحدد لنا المسار إلى المستقبل، نحتاج لخطط وأستراتيجيات قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى تحدد لنا قطاعات التنمية المستهدفة حتى عام 2050، كما نحتاج لخطط تقشف تبدأ الدولة فيها بنفسها قبل أن تطالب يها المواطن، مصر في حاجة لبدأ حوار مجتمعى للوصول لعقد أجتماعى جديد، مصر تحتاج لأجهزة تنفيذية للحكومة أكثر حداثة تمتلك الأدوات التكنولوجية المناسبة لتحسين حياة الشعب وتقديم خدمات يحتاجها الناس بأعلى مستوى من الجودة، نحتاج في مصر لأمل جديد لشبابنا في حياة ومستقبل افضل يساعد على أطلاق طاقاتهم والأستفادة من إبداعاتهم في تحقيق التنمية المستدامة، نحتاج لأن تحيا مصر بالعدل والعمل وليس بترديد الشعارات والأغانى .