فى البدء كان الكلمة والكلمة صار جسداً وحل بيننا، ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً.. يسوع المسيح المولود غير المخلوق هذا الذى من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء تأنس وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطى وتألم وقبر وقام من بين الأموات فى اليوم الثالث كما فى الكتب وصعد إلى السموات وجلس على يمين أبيه وأوصانا قائلاً:
«اقتربوا أيها الأمم لتسمعوا وأيها الشعوب اصغوا.. لتسمع الأرض وملؤها والمسكونة وكل نتائجها.. الرب يميت ويُحيى يُهبط إلى الهاوية ويُصعد.. الرب يفقر ويُغنى.. يضع ويرفع يقيم المسكين من التراب ويرفع الفقير من المزبلة للجلوس مع الشرفاء ويل للذين ينزلون إلى مصر للمعونة ويستندون على الخيل ويتوكلون على المركبات لأنها كثيرة وعلى الفرسان لأنهم أقوياء جداً ولا يطلبون الرب، ويل للمتكلمين على غير الرب، ويل لك أيها المُخِرَّب وأنت لم تُخَرب وأيها الناهب ولم ينهبوك.. حين تنتهى من التخريب تُخرَب وحين تفرُغ من النهب ينهبوك.
اتقوا الرب.. قفوا على الطريق الصالح وسيروا فيه فتجدوا راحة لنفوسكم.. كفوا عن فعل الشر تعلموا فعل الخير اطلبوا الحق أنصفوا المظلوم اقضوا لليتيم حاموا عن الأرملة.. ارجعوا كل واحد عن طريقه الردىء وعن شر أعمالكم وأسكنوا فى الأرض التى أعطاكم الرب إياها وآباءكم منذ الأزل إلى الأبد.
اتبعوا البر والتقوى والإيمان والمحبة والصبر والوداعة، واشكروا فى كل شىء لأن هذه هى مشيئة الله، مجدوا الله فى أجسادكم وفى أرواحكم التى هى لله.. اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد لأن الجسد يشتهى ضد الروح والروح ضد الجسد.. لا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هى إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة ولا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها بل خافوا من الذى يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما فى جهنم.. تواضعوا تحت يد الله القوية لكى يرفعكم فى حينه ولا تطرحوا ثقتكم التى لها مجازاة عظيمة فنحن لسنا من الارتداد للهلاك بل من الإيمان لاقتناء النفس.. الإيمان هو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا تُرى وبالرجوع والسكون تخلصون وبالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم إذ هو عادل.. عند الله أن الذين يضايقونكم يجازيهم ضيقاً وإياكم (الذين تتضايقون) راحة معنا.. فلا تتذكروا الأوليات والقديمات لا تتأملوا بها هأنذا صانع أمراً جديداً الآن ينبت.. ألا تعرفونه.. أجعل فى البرية طريقاً وفى القفر أنهاراً.. اسمعوا كلام هذا العهد واصغوا ولا تتعظموا فإن الجبال تزول والآكام تتزعزع أما إحسانى فلا يزول عنكم وعهد سلامى لا يتزعزع.. ولا تسلكوا وراء آلهة أخرى لتعبدوها وتسجدوا لها.. احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من الداخل ذئاب خاطفة.. لا يغلبنكم الشر بل اغلبوا الشر بالخير وأحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم وصلوا إلى الذين يسيئون إليكم.. ومتى صنعتم صدقة فلا تعرفوا شمالكم ما تفعل يمينكم.. ومتى صليتم فلا تكونوا كالمرائين فإنهم يحبون أن يصلوا قائمين فى المجامع وفى زوايا الشوارع لكى يظهروا للناس.. والحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم أما أنتم فمتى صليتم فادخلوا إلى مخدعكم وأغلقوا بابكم وصلوا إلى أبيكم الذى فى الخفاء وهو يجازيكم علانية. وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلاً كالأمم فإنهم يظنون أنه بكثرة كلامهم يستجاب لهم فلا تتشبهوا بهم لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه.. ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين فإنهم يغيرون وجههم لكى يظهروا للناس صائمين وقد استوفوا أجرهم أما أنتم فمتى صمتم فادهنوا رؤوسكم واغسلوا وجوهكم لكى لا تظهروا للناس صائمين بل لأبيكم الذى يرى فى الخفاء ويجازيكم علانية، ولا تكثروا لكم كنوزاً على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ، وحيث ينقب السارقون يسرقون.. بل اكنزوا لكم كنوزاً فى السماء لأنه حيث يكون كنزكم يكون قلبكم أيضاً. ولا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسون فإن هذه كلها تطلبها الأمم، بل اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزداد لكم.. فلا تهتموا للغد لأن الغد يهتم بما لنفسه يكفى اليوم شره ولا تدينوا لكى لا تدانوا لأنكم بالدينونة التى تدينون بها تدانون وبالكيل الذى تكيلون به يكال لكم ويزداد.. اسألوا تعطوا، اطلبوا تجدوا، اقرعوا يفتح لكم والله قادر أن يزيدكم كل نعمة لكى تكونوا ولكم كل اكتفاء كل حين فى كل شىء تزدادون فى كل عمل صالح.. وأخيراً افرحوا وعيشوا بالسلام وإله المحبة والسلام سيكون معكم.. آمين».
«هذه كانت وصايا ووعود يسوع من لحظة ميلاده حتى صعوده، ومراحمه لا تزول، هى جديدة فى كل صباح، فقد آتى لتكون لنا حياة ويكون لنا أفضل، واليوم إن سمعتم صوته فلا تقسو قلوبكم، هو ذا الآن وقت مقبول.. هو ذا الآن يوم خلاص، والذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج، لأن الرب قال فكان وهو أمر، فصار على الأرض السلام وبالناس المسرة».