x

شوقي السيد كارثة أمام قضايا الضرائب.. فمن ينقذها؟! شوقي السيد الأربعاء 06-01-2016 21:29


■ نتحدث دوماً عن تيسير إجراءات التقاضى، وعن الإصلاح التشريعى، ونرفع الشعارات، ونعقد المؤتمرات، ونشكل اللجان العليا للإصلاح، لكن ما يحدث فى الواقع يسير فى الاتجاه المعاكس تماماً، فإجراءات التقاضى تعود لتبدأ من جديد بعد سنوات طوال، حتى ولو كانت قد وصلت إلى أعلى محكمة فى البلاد، واجتازت مراحل التقاضى لعشرات السنين، والتشريعات تتوالى فى التكاثر والانفجار، وتظل باقية بغير إصلاح، وفى النهاية تظل العدالة تشكو حالها.. والناس تضطرب مراكزها وحقوقها ثم تضرب كفاً بكف.. والحكاية مدهشة.. ومثيرة!!

■ فقضايا الضرائب تبلغ خمسة ملايين قضية تظل منظورة لسنوات، لأنها تبدأ بلجان الطعون.. ثم المحاكم الابتدائية، ثم محاكم الاستئناف.. وأخيراً محكمة النقض العليا.. وتتخلل كل مرحلة من هذه المراحل ندب الخبراء.. والإعادة إلى الخبراء من ثلاثة، والخصوم فيها مصلحة الضرائب والممولون المتقاضون من الأفراد والشركات، حتى يصل إلى آخر مراحل التقاضى، سواء كانت الأحكام قد صدرت لمصلحة الضرائب أو ضدها.. وإلى هذا يبدو الأمر عادياً، مع بطء إجراءات التقاضى لسنوات.

■ لكن الأخطر من هذا وأشد، أننا نكتشف بعد 44 عاماً على صدور قانون مجلس الدولة رقم 47/1972، فى ظل قوانين الضرائب المتعاقبة خلال أعوام 39، 81، 2005 حتى الآن.. أن المحاكم العادية تنظر القضايا وتصدر الأحكام.. وتتوالى الطعون وتصدر الأحكام أمامها بعيداً عن مجلس الدولة.. لأن قانون مجلس الدولة منذ عام 1972 كان قد علق اختصاصه بنظرها على صدور قانون ينظم إجراءاتها ولم يصدر بعد منذ عام 1972 حتى الآن!!

■ وظلت المحاكم العادية تنظر قضايا الضرائب، وتصدر الأحكام، وتنظر الطعون.. على مدى أربعين عاماً.. إلى أن أصدرت المحكمة الدستورية العليا فى أغسطس 2015، أى بعد 43 عاماً على صدور قانون مجلس الدولة الصادر عام 1972، حكماً بعدم الدستورية.. وأن الاختصاص ينعقد لمجلس الدولة باعتبارها منازعة إدارية.. ولم تحدد لنا المحكمة الدستورية العليا.. بعد طول الزمن.. ماذا عن القضايا التى حُكم فيها بأحكام نهائية.. واستقرت بها المراكز القانونية حتى ولو كانت الطعون متداولة أمام محكمة النقض.. وقد استغرقت سنوات طوالاً منذ عام 1972 حتى الآن.

■ ترتب على الحكم بعدم الدستورية اعتبار النص معدوماً منذ ولادته عام 1972، فجأة أصبحت المحاكم العادية.. الابتدائية.. والاستئنافية.. والنقض تنقض الأحكام.. وتلغى الأحكام.. وتحكم بعدم الاختصاص وتحيل إلى محاكم مجلس الدولة لتنظرها من جديد!!

بعد مضى أكثر من أربعين عاماً.. وقد أحيلت هذه القضايا التى بلغت خمسة ملايين قضية إلى أروقة مجلس الدولة بالجملة.. ومازالت بأربطتها من جديد، وكأن الزمن الذى فات، ومضى عليه قرابة نصف قرن من الزمان كأنه لم يكن.. وانهارت الحقوق.. والمراكز القانونية الضريبية فجأة.. سواء كان أصحابها أحياء أو أمواتاً.. وسواء فى مواجهة الضرائب إذا كانت كاسبة للأحكام.. أو كانت الأفراد والشركات هى الكاسبة.. لكن الكل خاسر بمضى الزمن.. وحدوث الانقلاب.. فلا يعلم أحد ماذا سيكون عليه الحال سواء فى أموال الضرائب.. أو أموال الناس.

حضرات السادة..

■ حقاً إنها قضية خطيرة هزت أركان المراكز المالية للأشخاص.. شركات أو أفراداً، وأيضاً أموال الضرائب، فماذا نحن فاعلون كذلك بالنسبة لساحة القضاء التى تبحث عن العدالة.. والاستقرار.. وتيسير الإجراءات وإصلاح التشريعات؟

كل ذلك صار فى خبر كان، فالكل يغسل يديه ويقول لنا هذا ذنب النصوص.. انتبهوا أيها السادة فى مواجهة ذلك البركان!! فمن يصدق ما جرى.. ومن يحاول الإنقاذ؟.

انتبهوا أيها السادة حتى ولو بعد فوات الأوان، ثم ماذا يفعل مجلس الدولة فى هذا الطوفان من القضايا الضريبية الجديدة التى انهالت عليه فجأة بعد أربعين عاماً، لتضيف إلى كاهله هذا الكم الهائل، الذى ينضم إلى التراث من القضايا التى مازالت تنتظر الأحكام فى الطابور، متطلعة إلى كلمة العدل والحق والميزان.. يا سبحان الله!!

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية