ولد الفليسوف الوجودي والكاتب المسرحي والروائي الفرنسي، ألبير كامو، في 7 نوفمبر 1913 بقرية موندوفي من أعمال قسنطينة بالجزائر لأب فرنسي وأم إسبانية، ومن أشهر مقولاته «أنا أتمرّد إذن أنا موجَودُ».
تعلم بجامعة الجزائر وانخرط في المقاومة الفرنسية أثناء الاحتلال الألماني، وأصدر مع رفاقه في خلية الكفاح نشرة باسمها تحولت بعد تحرير باريس إلى صحيفة «الكفاح» اليومية التي تتحدث باسم المقاومة الشعبية.
اشترك في تحريرها جان بول سارتر، ورغم أنه كان روائيًا وكاتبًا مسرحيًا في المقام الأول، لكنه كان فيلسوفًا وكانت مسرحياته ورواياته عرضًا أمينًا لفلسفته في الوجود والحب والموت والثورة، والمقاومة والحرية، وكانت فلسفته تعايش عصرها، وأهلته لجائزة نوبل فكان ثاني أصغر من نالها من الأدباء.
ورغم أن «كامو» أعلن ولاءه لفرنسيته، لكنه لم يخفِ الجزء الجزائري في هويته، بل إنّه في خضم الثورة الجزائرية، أعلن أمام الأكاديمية السويدية وملك السويد نفسه، أثناء تسلّمه جائزة نوبل للآداب عام 1957، أنّ أكثر ما يُميّزه هو أنه «فرنسيّ من الجزائر».
لم يتوانَ «كامو» أبدًا عن دعم بعض المناضلين الجزائريين الذين حاكمتهم العدالة الفرنسية على أساس أنّهم من المخربين والإرهابيين، فهو كان يرفض القمع الفرنسي بقدر رفضه لعنف الثورة، إذ كان يرفع دومًا شعار الأخلاق ضدّ العنف، مهما كانت دوافعه وهذا ما جعله خائنًا في نظر الطرفين وتقوم فلسفته على كتابين هما «أسطورة سيزيف» 1942، و«المتمرد» 1951 أو فكرتين رئيسيتين هما «العبثية» و«التمرد».
ويتخذ «كامو» من أسطورة سيزيف رمزًا لوضع الإنسان في الوجود، و«سيزيف» هو هذا الفتى الإغريقي الأسطوري الذي قدّر عليه أن يصعد بصخرة إلى قمة جبل، ولكنها ما تلبث أن تسقط متدحرجة إلى السفح، فيضطر إلى إصعادها من جديد وهكذا يري «كامو» فيه الإنسان الذي قدر عليه الشقاء بلا جدوى، وقُدّرت عليه الحياة بلا طائل، فيلجأ إلى الفرار إما إلى موقف «شوبنهاور»، فطالما أن الحياة بلا معنى فلنقض عليها بالموت الإرادي أو بالانتحار، وإما إلى موقف «التمرد على اللامعقول في الحياة» مع بقائنا فيها غائصين في الأعماق ومعانقين للعدم فإذا متنا متنا متمردين لا مستسلمين وهذا التمرد هو الذي يضفي على الحياة قيمتها، وليس أجمل من منظر الإنسان المعتز بكبريائه المرهف الوعي بحياته وحريته وثورته والذي يعيش زمانه في هذا الزمان.
توفي كامو «زي النهارده» في 4 يناير 1960 ومن رواياته «السقوط» و«الغريب» و«الطاعون» ومن مسرحياته «كاليجولا» و«سوء تفاهم».
ويقول الدكتور زكريا عناني ـستاذ الأدب والنقد بجامعة الإسكندرية والحاصل على دكتوراه الدولة من السوربون والدكتوراه من جامعة باريس أن كامو واحد من أبرز الأدباء والنقاد بين الحربين العالميتين الأولي والثانية بل يمكن القول أن الحرب أثرت في أدبه تأثيرا عميقا هو وبقية الوجوديين مثل سارتر وسيمون دي بوفوار وتمثل التأثر بالحربين في تزعزع القيم الإنسانية وفقدان الثقة في المطلقات التي كانت شائعة قبل الحربين بل وفي القيم والمعتقدات والماركسية ذاتها ورأوا أن الواقع الذي تم تقديمه هو واقع مزيف ورأوا أن يعيدوا تشكيل الذهنية الإنسانية من خلال أدبهم حتي يضعوا الإنسان في مواجهة الواقع الجديد المرير وأنه صار مفروضا عليه أن يحمل عبء الواقع والحياة لمنتهاها دون أن يصلوا إلى شئ مثلما في عمله «أسطورة سيزيف» وفي «الطاعون» وكاليجولا والعادلون أبضا أبرز كامو عبثية ولا إنسانية العالم والحياة ولعل هذه العبثية يترجمها مصرعه في حادث سير إثر حصوله على نوبل.