قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن الرئيس الأمريكي أوباما تخيل أن باستطاعته تكليل فترته الثانية بانفراجة على صعيد الحدّ من التسلح مع إيران، على غرار ما فعل الرئيس الأمريكي الأسبق، رونالد ريجان، مع الاتحاد السوفييتي.
وأضافت، على موقعها الإلكتروني، أن الاتفاق النووي بدلا من ذلك يبدو أنه أوحى إلى إيران بالدفع صوب عدوان عسكري جديد ومعاداة أكبر لأمريكا، وتقول كل من أمريكا والأمم المتحدة إن إيران تخترق بالفعل قرارات الأمم المتحدة التي تحظر عليها اختبار صواريخ باليستية.
وقد أجرت إيران اختبارَين لصواريخ باليستية منذ توقيع الاتفاق النووي في يوليو، أحدثهما تم في نوفمبر، وكان البيت الأبيض في بداية الأمر يقلل من شأن الاختبارات الصاروخية، لكنه أثار هذا الأسبوع مسألة فرض عقوبات جديدة ردًا على تلك الاختبارات.
وفي يوم الأربعاء الماضي أخبر البيت الأبيض الكونجرس عن أنه قد يستهدف حفنة من شركات وأشخاص إيرانيين مسؤولين عن برنامج الصواريخ الباليستية، ثم أفاد البيت الأبيض بعد ذلك بأنه قد يؤجل الإعلان عن العقوبات، التي لن تخرج عن كونها شجبًا دبلوماسيًا على أي حال، أكثر من كونها ردًا جادًا على انتهاك لاتفاق الحد من التسلح. وبموجب الاتفاق النووي، ستتلقى إيران 100 مليار دولار في صورة أصول مُفرَج عنها، بالإضافة إلى القدرة على اجتذاب المستثمرين المتقاطرين بالفعل صوب طهران.
وفي خضم ذلك يعتبر فرض عقوبات على بضعة أسماء عملا غير مؤثر، على أن إيران ستشجب هذا الإجراء الهزيل بدعوى أنه يمثل انتهاكاً أمريكياً للاتفاق النووي، ورصدت «وول ستريت جورنال» ردّ الرئيس الإيراني على تقارير تلك العقوبات، الخميس، بأن أعطى تعليمات لوزير دفاعه بتسريع وتيرة برنامج صورايخ إيران.
وقالت الصحيفة «لقد حان دورك يا مستر أوباما»، ولفتت إلى أن المعارضين للاتفاق النووي كانوا قد حذروا من كل ذلك، بينما يقول الرئيس أوباما إن الاتفاق يقيد الحركة الإيرانية، فالواقع يقول إنه يقيد أكثر قدرة أمريكا على الرد على العدوان الإيراني؛ فلو اتخذت أمريكا خطوة حازمة رداً على اختبارات إيران للصواريخ أو غيرها من الاستفزازات العسكرية، عندئذ تستطيع إيران الكفّ عن الالتزام ببنود الاتفاق النووي، وستفعل ذلك وهي تعلم جيدا أن العالم لا يستسيغ فكرة استعادة فرض عقوبات جادة عليها مرة أخرى.
وأكدت الصحيفة أن الرئيس أوباما لن يقرّ أبدا بفشل اتفاقه، قائلة «إن ملالي إيران ينظرون إلى الاتفاق النووي باعتباره رخصة لكي يكونوا أكثر عدوانية على الصعيد العسكري»، وساقت الصحيفة ما اعتبرته دليلا آخر، مشيرة إلى تصريح القيادة المركزية الأمريكية، الأربعاء، بأن سفنا تابعة للحرس الثورري الإيراني أطلقت، الأسبوع الماضي، عدة صواريخ سقطت على بعد 1500 ياردة من حاملة الطائرات الأمريكية «هاري ترومان».
بينما قال متحدث باسم الحرس الثوري، إن وكالة أنباء «تابناك» شبه الرسمية كانت نقلت قبل ذلك بيوم واحد عن مسؤولين إيرانيين لم تُسّمهم القول إن الصواريخ تم إطلاقها لتحذير الأسطول الأمريكي للابتعاد عن «منطقة محظورة» في مياه الخليج.
وعلقت الصحيفة بأن «مضيق هرمز هو أحد أنشط الممرات الملاحية حركة في العالم، وأن حاملة الطائرات الأمريكية لها كل الحق في الإبحار هنالك.. بأي معيار من المعايير، كان إطلاق الصاروخ عملا عدائيا كان يمكن أن يسفر عن خسائر أمريكية».
وتُحمّل الأذرع الإعلامية الموالية للبيت الأبيض اللوم في ذلك على «المتشددين» في إيران بدعوى أن هؤلاء هم من يحاولون تقويض الرئيس روحاني بعد أن تفاوض بشأن الاتفاق النووي.
وأكدت الصحيفة أن المستر روحاني ما كان ليُنجز الاتفاق النووي لولا تقرير القائد الأعلى خامنئي والحرس الثوري أن بنوده تصب صالحهم؛ لقد فازوا برفع العقوبات الجادة وربحوا مغنما اقتصاديا فوريا دونما جهد، مع الاحتفاظ ببنيتهم التحتية النووية التي يمكنهم استكمالها بابنتهاء مدة الاتفاق بعد عقد من الزمان، ما لم يجدوا عذرا لعمل ذلك قبل هذا الميقات.
وقالت «وول ستريت جورنال» إن الحكماء الذين يلومون المتشددين الآن على وقاحة إيران هم أنفسهم من أخبرونا بأن الاتفاق النووي كفيل بتمكين المعتدلين في إيران عبر إظهار نوايا أمريكا السلمية«، وتساءلت الصحيفة»متى يدرك هؤلاء أن حكام إيران لا ينشدون تحسين العلاقات مع أمريكا؟ وإنهم إنما يريدون أن يصبحوا القوة المسيطرة في الشرق الأوسط مقابل إبعاد أمريكا عن المنطقة«.
وخلصت الصحيفة إلى القول بأن «طموح أوباما محاكاة ريجان في نجاحه لم يكن واقعيا أبدا لأنه تبنى الاستراتيجية المضادة لاستراتيجية ريجان الذي تصدى للعدوان السوفييتي وأعاد بناء الدفاعات الأمريكية ثم انطلق إلى التفاوض من قاعدة القوة فأذعن السوفييت لشروطه.. أما أوباما، فمنذ أيامه الأولى في منصبه وهو يستجدي إيران لتتفاوض ويقدم التنازل تلو الآخر حتى اضطر نظام»خامنئي«للقبول.. ليس ثمة إذن ما يدعو إلى الدهشة إذا ما رأت إيران أن بإمكانها الآن المضيّ قدما على صعيد تحقيق طموحاتها العسكرية دونما عقاب».