فى صباح يوم الأربعاء الموافق 9 ديسمبر الجارى، ذهب محررا التحقيق إلى مبنى هندسة حماية النيل بقنا، لاستكمال باقى المعلومات والاطلاع على ما لدى المسؤولين من محاضر أو أوراق رسمية تثبت قيام مصنع الورق بإلقاء مخلفاته فى نهر النيل. ورغم رفض المسؤولين الإدلاء بأى تصريحات بشكل رسمى، إلا أن المهندس على حسن على، فنى هندسة نيل قنا، أكد أنه سيذهب للمصنع بصحبة طبيب الوحدة الصحية بقوص فى اليوم التالى لأخذ عينة جديدة من صرف المصنع. وجدناها فرصة لمرافقة اللجنة، وهو ما وافق عليه، شريطة أن يرافقهم المحرر، دون المحررة، وبرر ذلك بإمكانية تعرضهم لإطلاق النار من قبل خفراء المصنع، مثلما حدث للجنة فى المرة السابقة، على حد قوله.
لكننا حاولنا معه مرة أخرى وأقنعناه بأنها ليست المرة الأولى التى نتعرض فيها لمخاطر أثناء تأدية عملنا، وبعد إلحاح منا اقتنع باصطحابنا مع التنبيه علينا بضرورة الالتزام بجميع تنبيهاته والتحرك وفق توجيهاته، لأن المصنع لا يقوم بالصرف إلا فى الليل، مما قد يعرضنا للخطورة فى حالة عدم التزامنا بكلامه.
بدأنا فى الاستعداد منذ الخامسة بطباعة جواب رسمى من الجورنال يفيد بأننا فى مهمة عمل، وتجهيز كشاف يدوى وشحن الموبايلات والكاميرات لأننا لم نعرف على وجه الدقة المدة التى من المفترض أن تستغرقها المهمة.
كذلك قررنا عدم التقيد بحمل أى أشياء باستثناء الأدوات السابقة وكارنيهات النقابة وأموال للتنقل، وكل ذلك فى جيوب السترات الخاصة بنا دون حمل أى حقائب فى أيدينا.
السابعة مساءً:
لقاء المهندس على أمام مكتب هندسة نيل قنا والتحرك مباشرة إلى مدينة قوص على بعد 35 كم حيث يقع مصنع الورق.
السابعة وخمس وأربعون دقيقة:
الوصول إلى نقطة التجمع المتفق عليها وهى قهوة على النيل مباشرة، المهندس يجرى اتصالاته، لإبلاغ مسؤول الصحة بوصولنا إلى المكان المطلوب.
الثامنة:
يصل حسين عبدالغنى، مراقب صحى بمكتب صحة قوص، ومعه الأدوات اللازمة لأخذ العينة (كولمان به ثلج وأوعية معقمة - جوانتيات طبية- عدد من شريط لاصق طبى).
الثامنة و25 دقيقة:
يصل المراكبى لاصطحابنا إلى المكان المتفق عليه فى رحلة تستغرق 12 دقيقة فى النيل بمركب سريع يعمل بالموتور.
الثامنة وثلاثون دقيقة:
بدأ المركب فى التحرك فى اتجاه الهدف المنشود ورغم الظلام والبرودة الشديدة فى هذه الليلة إلا أن الخوف من أى مفاجآت قد تقابلنا أو نتعرض لإطلاق النار كما حذرنا المهندس على قد طغى على أى إحساس آخر.
طوال الطريق ظل مراقب الصحة متخوفا من ألا يكون المصنع قد بدأ الصرف لهذه الليلة بعد، وبالتالى يذهب كل هذا المجهود هدرًا، على حد قوله.
الثامنة وأربعون دقيقة:
هبت علينا رائحة كريهة تزكم الأنوف، بدأ الجميع فى وضع مناديل ورقية لتغطية أنفه، فيما يرتفع صوت هطول مياه من مكان عال.
الثامنة واثنتان وأربعون دقيقة:
وجدنا أنفسنا فى مواجهة ماسورة الصرف الخاصة بمصنع الورق مباشرة، بدأنا فى أخذ العينات كل بطريقته، فبينما ذهب المهندس على وبصحبته المراقب الصحى إلى محبس الصرف الرئيسى الذى يقع أعلى ماسورة الصرف، قمنا بأخذ العينة الخاصة بنا من مصب المياه الذى كان مرتفعا بسبب حالة الجزر التى تنتاب نهر النيل فى هذه الفترة من العام.
ثم ظللنا لمدة تزيد على 20 دقيقة نأخذ العينات من مياه الصرف التى صبغت باللون الأسود والرائحة الكريهة.
التاسعة وخمس دقائق:
بدأنا فى رحلة العودة، وقام المهندس حسن بإغلاق العينة الخاصة بـ«المصرى اليوم» بالبلاستر الطبى.
التاسعة وعشرون دقيقة:
عدنا إلى المقهى مرة أخرى ومنها إلى الطريق، وبينما ذهب أعضاء الحملة لاستكمال أوراقهم بمبنى صحة قوص، واصل المحرران العودة إلى مدينة قنا ومعهما عينة من مياه كريهة الرائحة سوداء اللون مليئة بالشوائب.
قامت اللجنة بتحليل العينة الخاصة بها فى معامل وزارة الصحة بالأقصر، فيما أرسلت «المصرى اليوم» عينتها إلى المعامل المركزية بالمركز القومى لبحوث المياه التابع لوزارة الرى والموارد المائية وكانت النتيجة غير مطابقة للمواصفات.