مع نهاية كل عام، تسارع وسائل الإعلام المختلفة فى إعداد قوائم الأهم والأفضل والأسوأ.. أهم شخصية، أهم حدث، أهم فيلم، أهم... و....
جلست أفكر فى العام الموشك على الرحيل، كيف كان بالنسبة لى؟
لم أهتم بالأسئلة النمطية المتكررة، وسألت نفسى عن التوقعات التى خابت، والآمال التى تحققت؟
كنت أحتاج لكشف حساب شخصى بعيد عن صرعة القوائم التنافسية والمعلومات الأرشيفية. مقتل شيماء الصباغ مع بداية العام أصابنى بالتشاؤم من 2015، مشهد موتها نفسه تحول إلى أيقونة للوردة فى مواجهة البندقية.
سألت نفسى: هل يمكن أن يكون 2015 هو عام التصالح بين البندقية والوردة.. بين الشرطة والشعب؟
كانت الاجابة مخيبة للأمل الذى تمنيته، فقد تصاعد عنف الشرطة فى التعامل مع المتهمين، وشهدت الأقسام حالات وفاة عدة، سجلت نقاطا سوداء فى سجل انتهاك حقوق المواطنين، وبالرغم من محاكمة عدد من الضباط المتورطين فى التعذيب حتى القتل، إلا أن هذه الأمل الخائب يظل الأكثر إيلاما للضمير، والأكثر بشاعة فى دولة تطمح لتحقيق مفهوم سيادة القانون والدستور.
هذا المشهد يقابله مشهد آخر، هو اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات فى عملية إرهابية خطيرة.
الدولة عليها أن تحقق التوازن العادل، بين كفتين: الأولى هى محاربة الإرهاب بكل مايستلزمه ذلك من قوة وإرادة، والثانية هى حماية رجالها ومؤسساتها، وتأمين الشعب كله.
الأمنية الثانية التى خابت هى إقدام الدولة على محاربة الفساد، فكثيرا ماتحدث الرئيس عن الفساد الذى طفح فى مؤسسات الدولة، كان يتحدث بصيغة الماضى، لكن الأيام أثبتت أن الفساد مازال يعيش فى دولة السيسى كما كان فى عهد مبارك.
لقد استبشرت خيرا عندما ظهرت على السطح قضية وزير الزراعة الدكتور صلاح هلال، فقد عشنا لنرى وزيرا فى المنصب تتم إقالته ومحاكمته بتهمة الفساد، لكن القضية التى تحدثت عنها الصحف كثيرا، وانشغل بها الناس، تم تحجيمها، وبدأت تنسحب من اهتمام الجميع، ومنذ سبتمبر الماضى، حين تم الإعلان عن قضية الرشوة وحبس الوزير، وحتى الآن، لم نعرف ماذا حدث فى التحقيقات مع وزير الزراعة، ولا الإعلامى المدعو محمد فودة. الغموض يبدو وكأنه لصالح المتهمين وليس ضدهم، خاصة أن الأيام الأخيرة من العام شهدت تصريحات مرعبة للمستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات قال فيها إن تكلفة الفساد داخل المؤسسات المصرية، منذ عام 2012 حتى الآن تجاوزت 600 مليار جنيه!
لقد صرح الرئيس السيسى بأن الرئيس مبارك كان يجب عليه أن يرحل قبل 15 سنة من ثورة يناير، حيث وصل الحال بمصر إلى الحضيض، وأعتقد أن آفة مبارك الكبرى كانت فى العشر سنوات الأخيرة من حكمه، حيث ترك الناس تتحدث بما تريد وكان يفعل هو مايريد بغض النظر عن مطالبهم وطموحاتهم، غرور مبارك وصل به لمرحلة الاطمئنان الكامل بأن البلاد والعباد تحت سيطرة نظامه، هذه الفجوة بين الشعب والرئيس، بين الأحاديث الدائرة فى الشارع وصناع القرار هى التى وصلت بنا إلى ذروة الغضب الشعبى فى يناير 2011.
الرئيس السيسى يبدو أنه يفعل الأمر ذاته، ولكن دوافعه مختلفة، كان مبارك يحمى مصالح رجاله، لكن السيسى يحمى مصر واستقرارها وأمنها القومى، دون الأخذ فى الاعتبار أن هذا يصل للناس بأنه انفراد بالسلطة، وعدم تقدير لوعى الشعب المصرى الذى أثبت أنه صبور وحمول لكنه أيضا جسور.
كان أملى أن يكون عام 2015، عام محاربة الفساد وهو مالم يحدث، ولكن مازال لدىّ أمل فى أن يكون 2016 عام إعلان الرئيس عن رؤيته الاستراتيجية وانحيازاته السياسية، فمن المؤسف أن يترك الرئيس السيسى هذه المهمة لعدد من الإعلاميين الذين فقدوا مصداقيتهم عند الفئات الواعية من الجمهور.
كل أملى فى 2016 أن تتحق آمال الشعب، وأن يعفينا الله من خيبة الأمل.