x

مدير مكتب شكاوى «القومى لحقوق الإنسان»: «الأمم المتحدة» اعتمدت 13 حالة اختفاء قسرى بـ«25 يناير»

الإثنين 28-12-2015 19:45 | كتب: وائل علي |
ناصر أمين يتحدث للمصري اليوم ناصر أمين يتحدث للمصري اليوم تصوير : تحسين بكر

قال ناصر أمين، مدير مكتب الشكاوى، بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، إن مصر قبل 25 يناير 2011، لم تكن ضمن قائمة الدول التي ترتكب جريمة الاختفاء القسرى، باستثناء حالتين شهدهما نظام مبارك على مدار 30 عاما.

وأضاف «أمين»، الذي يتولى رئاسة المركز العربى لاستقلال القضاة والمحاماة، في حوار لـ«المصرى اليوم» أن المركز رصد بعد ثورة 25 يناير شكاوى بشأن الاختفاء القسرى، بلغت 35 حالة، خلال الـ 18 يوما التي سبقت تنحى مبارك، وما تبعها من أحداث لاحقة في العباسية، وماسبيرو، ومحمد محمود، ومجلس الوزراء، لافتا إلى أن المجموعة العاملة بالأمم المتحدة، المعنية بالاختفاء القسرى، اعتمدت نحو 13 حالة انطبقت عليهم معايير الاختفاء القسرى.

وأرجع أسباب انتشار الجدل بشأن تعدد ادعاءات شكاوى الاختفاء القسرى في مصر إلى ممارسات جهاز الأمن الوطنى، وإلقائه القبض على أشخاص يتم إيداعهم في أماكن غير معلومة، لفترة تتراوح ما بين أسبوع و10 أيام، دون علم ذويهم وما يترتب على ذلك من ممارسات غير مسبوقة وإلقاء القبض على الأشخاص دون الالتزام بقانون الإجراءات الجنائية لفترات متفاوتة- على حد قوله- مشيرا إلى أن تلك الوقائع تشكل حالات للقبض خارج نطاق القانون، وأن المجلس القومى لحقوق الإنسان انتهى من إعداد قائمة بنحو 101 شخص جارٍ فحص شكاواهم، محذرا من أن «الداخلية» سوف تعرض البلاد إلى خطورة وأزمات كبيرة. وإلى نص الحوار:

■ ماذا عن وضع مصر في قائمة الدول التي ترتكب فيها جريمة الاختفاء القسرى؟

- مصر لم تكن مدرجة ضمن الدول التي ترتكب جريمة الاختفاء القسرى، حتى في عهد مبارك الممتد على مدار 30 عاما.

■ لكن.. هناك قضيتان شهدهما نظام مبارك اعتبرهما البعض تقعان ضمن نطاق جريمة الاختفاء القسرى؟

- بالفعل، والقضيتان: الأولى تخص رضا هلال الكاتب الصحفى بالأهرام، والثانية منصور الكيخيا وزير الخارجية الليبى في عهد القذافى، الذي تم اختطافه عن طريق أجهزة مخابراتية من مصر في التسعينيات خلال مشاركته في مؤتمر بالقاهرة وتصفيته في ليبيا.

■ ماذا عن الوضع بعد مبارك وما نتج من أحداث شهدتها البلاد عقب ثورة 25 يناير؟

- بعد ثورة 25 يناير قام المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة، الذي أتولى رئاسته، بمبادرة بعد رصد شكاوى بشأن الاختفاء القسرى، وقمنا بالتحقيق في الشكاوى والجرائم التي ترتبت عليها الثورة وكانت المفاجأة اكتشاف 35 حالة اختفاء قسرى من يوم 25 يناير وخلال 18 يوما ما قبل التنحى، وما تبعها من أحداث لاحقة في العباسية وماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء.

■ ما هي آلية التحقيق التي تم التوصل فيها إلى هذا العدد؟

- تتبعنا الحالات وأرسلنا بعثات تقصى حقائق إلى القرى والنجوع في المحافظات والتقينا ذوى وأهالى هؤلاء الضحايا، وبدأنا في ملء استمارة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسرى حتى يمكن إدراجهم كحالات وفقا للمعايير الدولية.

■ ماذا عن الخطوة التي تلت ذلك؟

- أرسلنا للمجموعة العاملة بالأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسرى ما توصلنا إليه وقائمة الأسماء التي ضمت 35 شخصا، واعتمدت المجموعة نحو13 حالة منهم انطبقت عليهم المعايير كحالات اختفاء قسرى.

■ ماذا عن باقى الحالات الأخرى؟

- بدأنا نسأل عنها في الجهات المعنية ومنها الطب الشرعى، والسؤال في أكثر من مكان، وأماكن الاحتجاز والمستشفيات المحيطة ومشارح الطب الشرعى القريبة والمحتمل تواجد تلك الحالات فيها، إضافة إلى تتبع حالات الغرق والحوادث، والبحث عن طريق الإدارات المركزية للسجون، خاصة أن حركة الترحيلات بين السجون قد تقع بها أخطاء بنسيان وعدم تسجيل حالات.

■ أثير في الآونة الأخيرة جدل بشأن حالات الاختفاء القسرى.. كيف ترى تلك الأزمة؟

- ما حدث نتيجة تعدد الشكوى من جهاز الأمن الوطنى دون غيره من الأجهزة التابعة لوزارة الداخلية، تحديدا السنة الماضية، بحيث تم رصد شكاوى بشأن وقائع وادعاءات إلقاء القبض على أشخاص يتم إيداعهم في أماكن غير معلومة لفترة كانت تتراوح ما بين أسبوع و10 أيام دون علم ذويهم وما يترتب على ذلك من ممارسات غير مسبوقة وإلقاء القبض على الأشخاص دون الالتزام بقانون الإجراءات الجنائية لفترات متفاوتة، وقد تتبعها خطوات بإحالتهم إلى نيابة أمن الدولة دون علم ذويهم.

■ ما مدى قانونية هذا الإجراء؟

- الإجراء غير قانونى، وظل هذا الأمر منتشرا في ربوع الجمهورية، الخطورة الأكبر التي تم رصدها أنه يتم احتجاز هؤلاء الضحايا في أماكن غير معلومة، وقد تظهر بعد فترات طويلة أمام جهات تحقيق أو محاكم أو لا تظهر على الإطلاق، وتصبح مجهولا، ما يصعب على ذويهم استجلاء مصيرهم مثل بعض الحالات الواردة لنا، ويشكل هذا الإجراء مخالفة صريحة لنص الدستور وقانون الإجراءات الجنائية.

■ من وجهة نظرك كيف ترى أخطر الحالات التي وقعت في إطار تلك الجرائم؟

- قضية مقتل الطالب إسلام صلاح الدين عطيتو، الطالب بكلية الهندسة جامعة عين شمس على يد الداخلية، الذي تم أخذه من لجنة الامتحانات أمام زملائه من الطلاب، وأعلنت وزارة الداخلية في يوم 20 مايو الماضى عن تصفيتها جسديا للطالب بعد تبادل إطلاق الرصاص في إحدى البؤر الإجرامية بالتجمع الخامس، لاتهامه بقتل العقيد وائل طاحون، مفتش مباحث الأمن العام بشرق القاهرة، بحسب بيان الداخلية، والخطورة الأكبر في تلك القضية كان موقف النيابة بعدم التحرك والتحقيق في تلك القضية، ما خلق حالة من الفزع بين الناس.

■ القومى لحقوق الإنسان قرر تشكيل لجنة برئاستك لتولى فحص شكاوى الاختفاء والمتغيبين منذ مايو الماضى.. ماذا عن آخر نتائجها؟

- قررنا اعتماد استمارة مجموعة اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسرى كمرجعية لفحص الشكاوى وتصنيفها وفقا لما تشمله الاستمارة من بيانات، وتشمل 11 صفحة تحتوى على جميع الاستفسارات عن المختفى، وحتى الأسبوع الماضى أعددنا قائمة أولية بأسماء نحو 101 شكوى بادعاءات حول الاختفاء والقبض خارج نطاق القانون قابلة للزيادة نظرا لإعلان اللجنة عن تعاونها مع الأهالى والمنظمات العاملة في هذا الشأن وتلقى ما لديها من معلومات بشأن الشكاوى وبالفعل قامت بعضها بالتواصل معنا وأرسلت ما لديها.

■ عقب تلقى الشكوى من قبل الباحثين ماذا يحدث؟

- نقوم بمراجعة المعلومات والاستمارات بدقة ونتواصل مع الجهات المعنية ممثلة في وزارة الداخلية ومساعدين الوزير لحقوق الإنسان، والعلاقات العامة، ووزارة العدل والنائب العام إضافة إلى جهات أخرى ومنها وزارة الصحة والطب الشرعى، نظرا لأن معظم الشكاوى الواردة بها ادعاءات للداخلية بأن الحالات تم إلقاء القبض عليها من قبل أجهزة الأمن.

■ ثارت أزمة كبيرة بين الداخلية والمجلس وكنت أنت أحد أطرافها بعد نفى الداخلية تلقى مخاطبات من المجلس؟

- الأزمة بدأت منذ التوسع في حالات القبض خارج نطاق القانون والاختفاء، حيث توافد على المجلس أهالى المتغيبين وقرر المجلس تشكيل اللجنة لفحص تلك الشكاوى، ورأينا أنه من أجل سرعة إنهاء تلك الأزمة مخاطبة وزارة الداخلية بما لدينا من شكاوى، وكانت أول تلك المخاطبات في يونيو الماضى واستمرت طوال الفترة السابقة، إلا أننى فوجئت بتصريحات للواء أبوبكر عبدالكريم مساعد الوزير لقطاع حقوق الإنسان، ينفى تلقيه أي من تلك المخاطبات بالمجلس، بل ونفى علمهم بالحالات المحتجزة لديهم وتضمنتها الشكاوى بشأن المتغيبين.

■ كيف ترى هذا الموقف وخطورته؟

- الإنكار آثار حفيظة أعضاء المجلس والعاملين به، وأعتبره من وجهة نظرى بأنه خارج من أشخاص غير مسؤولة، وبالتالى كانت التصريحات مخيفة بالنسبة لى، مما يشير إلى أن هناك مخاوف من تعرض حياة هؤلاء الأشخاص للخطر، فضلا عن أنه إجراء يخالف الإجراء الطبيعى، وكان يمكن أن تكتفى التصريحات بالإشارة إلى أنه جارٍ فحص الشكاوى أو التحقق من البيانات والمعلومات بشأن هؤلاء.

■ حركة التغييرات الأخيرة بوزارة الداخلية طالت قيادات كبيرة من مساعدى الوزير هل يساعد ذلك في تجاوز الأزمة؟

- أنا طالبت.. ومازلت أطالب بالتحقيق مع هؤلاء الأشخاص والمسؤولين في الداخلية، ويجب أن يسألوا عن أسباب ومغزى إنكارهم رغم توافر دلائل على وجودهم، ومؤخرا شهدت العلاقة انفراجة إلى حد ما، بعد تلقينا من الداخلية 24 ردا بكشف مصيرهم من أصل قائمة ضمت 51 شخصا مبلغا عنهم بالاختفاء، بينما تمكنّا من كشف مصير اثنين آخرين من قبل الأهالى، ليصبح مجموع ما تم التوصل لهم 26 شخصا.

■ المفوضية المصرية للحقوق والحريات أصدرت تقريرا الأسبوع الماضى وذكرت فيه أن هناك نحو 340 حالة اختفاء قسرى بين أغسطس ونوفمبر 2015 أي بمعدل 3 حالات يوميا؟ كيف تقيم هذا؟

- أتصور أنه وفقا لمعايير لجنة الأمم المتحدة فإن هذا الرقم بحاجة إلى تدقيق، والأصدقاء الذين أعدوا التقرير بحاجة إلى مطابقة المعايير الدولية من حيث الفترة الزمنية للمبلغ عنهم ودوافع الاختفاء متوافرة من قبل الجهات أم لا.

■ كيف تقيم حالة حقوق الإنسان بعد ثورة «30 يونيو»؟

- سيئة للغاية الآن، ووصلت لدرجة أنها أخطر من السنوات الـ30 الماضية من حكم الرئيس الأسبق مبارك، والواقع أن المسؤول عن هذا التراجع المناخ والظروف التي مرت بها البلاد خلال السنوات التي أعقبت ثورة 25 يناير، التي لم تشهد أي إجراءات إصلاحية إدارية أو تنفيذية أو تطهيرية في مؤسسة الشرطة المكلفة بمواجهة الظواهر التي مرت بها البلاد خلال الفترة الماضية، وللأسف أن ذلك تسبب في كوارث محققة في ملف حقوق الإنسان.

■ لكن البعض يبرر تلك الممارسات باعتبارها استثناءات فرضتها ظروف الإرهاب والتحديات التي صاحبت نظام 30 يونيو؟

- المشكلة الأساسية أنه في ظل تلك الأوضاع المضطربة يكون الجهاز الشرطى مكلفا بالتأمين ويمارس انتهاكات منذ عقود بذات القيم والموروثات التي اعتاد عليها، والخطورة أن يبرر ذلك التوسع بالدفاع عن الوطن، والغريب في الأمر أن تلك الحالة تعاظمت مع اتساع نطاق الانتهاكات على نطاق واسع، ولا أكون مبالغا لو قلت إن هذا الاتساع وما ينتج عنه من ممارسات يحول التعذيب إلى أمر ممنهج.

■ لكن الدولة تبرر تلك الحالات بأنها فردية ولا ترتقى إلى العمل الممنهج؟

- التعذيب وفق اتفاقية روما المنظم للمحكمة الجنائية الدولية هو تكرار الظاهرة الذي يتحول إلى سياق نمطى، وبالتالى تكرار للظاهرة والاتساع الجغرافى لها، وإذا حدثت وقائع مماثلة في شمال البلاد وجنوبها، فبالتالى يتحول الأمر إلى منهجية، ويترتب عليه جريمة محلية تحولها إلى جريمة دولية.

وأرى أن التعذيب في مصر ليس حالة فردية لأنه يرتكب من جهات التحقيق داخل أقسام الشرطة والسجون بذات الآليات وعلى نطاق واسع داخل الجمهورية دون محاسبة المتورطين في تلك الجرائم.

■ يرى البعض أن إقرار قانون لمكافحة التعذيب يشكل أحد الحلول لإنهاء تلك الإشكالية؟

- مصر صدقت على الاتفاقية الدولية لمواجهة التعذيب، وأرى قراءة موضوعية لنصوص الاتفاقية التي تتحدث عن حرمة المساس البدنى والمادى والمعنوى للمواطنين، وبالتالى يستوجب قيام رئيس الجمهورية بتطهير جهاز الداخلية وجميع الأجهزة بما فيها المؤسسة القضائية في حال تورط مسؤولين فيها بارتكاب تلك الجرائم.

■ البعض رأى أن حركة التغييرات الأخيرة التي أطاحت بقيادات بوزارة الداخلية تأتى في سياق حملة تطهير وتصحيح؟

- أعمال معايير العدالة الانتقالية بما يتصل من المساءلة عن الجرائم في مصر، وإعادة تطهير المؤسسات خاصة الشرطية والقضائية والإعلامية والاعتراف بذات الجرائم هي متطلبات المرحلة التي تمر بها مصر، ولكن للأسف لا شىء يذكر بشأن إصلاح المنظومة، لدرجة أصبحت فيها المعالجة مؤقتة لبعض المشكلات، وهو ما يتطلب تغيير رؤية وفلسفة الجهاز الشرطى، بما يضمن الالتزامات الدولية وتعهدات مصر.

■ مصر التزمت أمام الأمم المتحدة خلال جلسة المراجعة الدورية الشاملة في مارس الماضى بتعهدات بلغت نحو 300 توصية في مجال حقوق الإنسان؟ كيف ترى تلك الالتزامات على أرض الواقع؟

- المراجعة الدورية الشاملة تلتزم فيها الدولة بتعهدات والتزامات موسمية ثم يخفت الحديث عن تلك التعهدات حتى تتلاشى وتظهر مجددا بعد 4 سنوات مع قرب الجلسة المخصصة لمصر والتى يناقشها المجلس الدولى التابع لحقوق الإنسان في جنيف، ويجب أن يكون هناك تطور نوعى في تعامل الدولة وأجهزتها، خاصة وزارة الخارجية وأن تأخذ الأمر بمحمل الجد وليس الشو الإعلامى، والمفارقة أنه في الوقت الذي تعلن فيه الدولة التزامها بالتوصيات ترتكب جرائم تعذيب تؤدى إلى حالات وفاة في غضون أشهر قليلة من تعهدات الحكومة أمام الأمم المتحدة.

■ من خلال رئاستك لمكتب الشكاوى بالمجلس كيف ترى حجم الشكاوى ونوعها وهل مازالت شكاوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تشكل النسبة الأكبر من حيث الانتهاكات؟

- يمكن التأكيد على أنها مازالت الأعلى خاصة الشكاوى المرتبطة بالصحة والعمل إضافة إلى الشكاوى المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية والتعذيب واستعمال القسوة والجرائم المتعلقة بالاختفاء والقبض خارج نطاق القانون والحبس الاحتياطى الذي تحول إلى جريمة بسبب طول فترة الاحتجاز، واللافت للنظر في هذا الشأن أن مقولة «أنت مش عارف بتكلم مين» عادت تتردد بقوة بعد أن اختفت فترة طويلة عقب الثورة.

■ هل نجحت المنظمات الحقوقية المحسوبة على الإخوان في مخطط تشويه مصر؟

- هذه الحماقة التي مارستها أجهزة الأمن مع منظمات حقوق الإنسان على مدار العقود الماضية، والتضييق عليها والتعامل معها بتعنت وبشكل غير لائق ومقبول، ساعد بدرجة كبيرة في نجاح تلك المنظمات المحسوبة على الإخوان بخلط العمل السياسى بالحقوقى، وأن الحل من وجهة نظرى أن يترك للمنظمات المصرية حرية العمل ورفع القيود عنها، خاصة أن لها مصداقية في الداخل والخارج، وبالتالى تكون أداة ووسيلة للكشف عن حقيقة الأوضاع بكل حيادية وبدون تحيز، وفى النهاية ذلك يكون لصالح الدولة.

■ بعيدا عن ملف حقوق الإنسان.. هل سينجح البرلمان المنتخب تشريعيا؟

- أعتبر البرلمان الحالى أسوأ برلمان شهدته مصر، وربما سيكون أسوأ من برلمان 2010، وأرى أن الوضع مخيف، وفى الوقت الذي يتم فيه التأسيس لدولة بعد إنجاز خارطة الطريق بمراحلها الثلاثة الدستورية والرئاسية والبرلمانية، وإذا كنت مقبلا على وضع أسس لتأسيس دولة القانون، وبناء نظام ديمقراطى جيد، عبر برلمان يشرع لهذه الحقوق والضمانات الواردة في الدستور، فإنه ليس لدى ثقة ولو 1% بأن هذا البرلمان يمكن أن يحدث أي تغيير تشريعى يضمن بناء دولة ديمقراطية جديدة، وذلك بالطريقة التي تم تشكيل هذا البرلمان بها، هذا وضع مأساوى غير مسؤول.

■ كيف ترى دعاوى الخروج في 25 يناير؟

- إن كان الخروج بمعنى ثورة مثل 25 يناير، فأرى ومن وجهة نظرى أن تلك الثورة لن تتكرر مجددا على الأقل خلال الفترة المقبلة، ويناير ثورة فريدة، الذي يتصور أن 25 يناير ستتكرر لم يشارك في الثورة، وبتقديرى لا يعلم نتيجة ما حدث، لأن ما حدث هو نتيجة نضال أمة على مدار 100 سنة، وكفاح حركات سياسية وثورية اكتملت بتعاظم دور الشباب الذي استخدم التطور التكنولوجى وساعدته عوامل أخرى على نجاح تلك الثورة.

وثورة يناير مستمرة، ومن يتحدثون عن ثورة جديدة يعنى أن 25 يناير انتهت وهو غير صحيح، وما حدث يمكن اختصاره في أن الثورة شهدت موجات استخدم بعضها المجلس العسكرى وبعضها الآخر استخدمه الإخوان وآخرون من قبل مؤسسات الدولة والنظام القديم والخاسرون في المعارك السابقة، ويبقى السؤال إلى متى تنتهى تلك الموجات؟ وأرى الاجابة الله أعلم.

■ لماذا يتجدد الحديث عن ثورة على مدار السنوات الخمس منذ 25 يناير؟

- 25 يناير مازال شبحا مرعبا للجميع، وهناك من يحاول أن ينكرها ومنهم الفلول وأنصار النظام السابق، والبعض الآخر يعظم من ثورة 25 يناير من قبل مجموعات بشكل لا يلاقى له واقعا أو بمحاولة الاستخدام لأغراض سياسية، وفى كل الحالات أرى أن يناير مستمرة. يناير رفعت شعار العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وقد تصل إلى انتكاسات في بعض المجالات، ولكن قطعا سوف تجد لها طريقا عبر عاملين أساسيين، أولهما تعاظم الموجات وهو أمر مرشح جدا في ظل هذه الحماقة، وعدم إدراك أي تعديل في بنية الدولة، وثانيهما أن يدرك من هو قائم على الأمر بأن نجاته في الاحتماء بـ25 يناير، والسعى إلى مطالبها والعمل على تحقيقها، وهذا يتطلب تفعيل كل ما طالبنا به منذ مارس 2011، بتطبيق العدالة الانتقالية وغلق ملف الماضى، وتطهير مؤسسات الدولة، وكشف الحقيقة، وضمان عدم تكرار الانتهاكات ومحاسبة المتورطين في الجرائم في كل الأحداث التي شهدتها البلاد منذ 25 يناير.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية