x

داعش ينتزع أملاك المسيحيين في الموصل ويؤجر لهم منازلهم

الخميس 24-12-2015 20:24 | كتب: صفاء صالح |
قري العراق قري العراق تصوير : اخبار

على بعد 9 كيلو مترات من مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراقى، يقع مخيم بحاركة للنازحين من الأقليات الفارين من بطش تنظيم داعش بالموصل وباقى مدن محافظة نينوى، منذ يونيو 2014 بدأ نزوح أهل الموصل إلى أربيل ليعيش معظمهم بالمخيمات. فى هذا المخيم وحده يعيش الآن 830 عائلة، ويضم 4070 عراقيا، ومازال مستمرا فى استقبال النازحين، ويشمل كل الطوائف الدينية بالعراق «شبك وكاكائيين، وشيعة وسنة وأيزيديين، جميعهم يعيشون فى مخيم واحد، يتعايشون اليوم دون خلافات، جمعهم ذل الفرار من داعش، ترك كل منهم ما يملك وفر بحياته بعد أن رأى المذابح تقام أمام ناظريه بلا أسباب، فكل مقاتل من داعش هو قاض وجلاد، من حقه أن يحكم على أحدهم بالإعدام وينفذ الحكم بالحال لمجرد أنه مختلف معه بالعقيدة.

وفى كامب عنكاوة بمدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان، لإيواء المسيحيين النازحين من الموصل وأجوارها يعيش جرجس ذلك التاجر المسيحى الذى كان ميسور الحال مع زوجته وولده وابنته فى غرفة واحدة، بعد أن صادر تنظيم داعش منزله وكل أملاكه فى الموصل، يقول جرجس: «منذ سنة ونصف ونحن فى هذا الكامب، كامب عنكاوة باربيل، أنا من الموصل عندما خيرنا داعش بين أن ندفع الجزية أو نغير ديننا ونعتنق الإسلام، أو يقتلونا فرحلنا، من 2005 ونحن نهجر من الموصل، ونعود فقد ظهرت داعش منذ ذلك الحين ولكن ما كنا نعرف لها اسم».

ليس المسيحيون وباقى الأقليات فقط هم من يعانون فى الموصل بل المسلمون أيضا «فى عوائل مسلمة فى الموصل، إذا ما طلبوا حد يكون معاهم، ويرفض يقتلوه، لى صديق طبيب يجبرونه على العمل معهم، ولى شريك مسلم كل شهر يبعث لى نصيبى من المحل، حتى إنه عرض على أظل بالموصل ويدفع لى الجزية، فرفضت لأنه لو دفع لى مرة أو اثنتين فكيف سأسمح أن يستمر فى الدفع لى، ليس كل مسلمى الموصل دواعش».

منزل أخيه كتبوا عليه أملاك الدولة الإسلامية، وباتوا يأخذون من أخيه إيجارا مقابل تركه يعيش فيه.

وتقول ورقاء رمزى إلياس، ربة منزل، من الموصل «لما فاتوا داعش كنا أنا وابنتى بقرية كرملس، عندما رأوا ابنتى وهى الصف الثالث متوسط عمرها 15 سنة، وكانوا هددوا ابنتى بالمدرسة قبلها أنها غير محتشمة، فذهبت إلى منزل أخى فقد كان وزوجى وابنى فى الموصل، فى يوم دقوا الباب على بيت أخويا وأنا كنت معهم قالوا اطلعوا يا نصارى، اطلعوا يا نصارى، فخرج أخى وأخذنى معه وتقابلت مع زوجى وابنى بالطريق وأتينا على أربيل».

وتقول ابنتها ماريا 15 سنة «أتى واحد من داعش على بيتنا وقال لأمى، بنتك إذا ما بتتحشم بملابسها سوف آخذها لى، أمى وخالى خافوا على وقرروا نرحل عن كرملس، بعث لى رسالة أنه راح يخطفنى ويتزوجنى».

هى لا تشعر بالأمان فى أربيل فتقول «أخشى أن يأتوا غدا أو بعد غد هنا أيضا ويخرجونا من البلد، لم يعد هناك إحساس بالأمان ولا الاستقرار».

ابتسام بهنان، 43 سنة، من أهل الموصل المهجرين لأربيل: «ما حدث بنا مأساة تهجير وترك أموال ومنازل، وأطفال وحوامل على الطريق، شوفنا الجوع والمذلة والحقارة، لكن اتحملنا، من الساعة 3 الفجر للساعة 4 عصرا نصل إلى أربيل، خرجنا بليل خوفا من داعش خلفنا».

ومن الطائفة الكاكائية فى مخيم بحاكرة بأربيل يقول هاشم جاسم «أنا من العشيرة الكاكائية لكنى عراقى، فالعراق به كل الأديان والطوائف، نزحنا فجأة بعد أن دخلوا علينا ناس بالموصل بقضاء الحمدانية يسمون داعش ما يرحمون يقتلون بالذات الأقليات، المسيحيين والأيزيديين، خلصنا روحنا بملابسنا فقط، وتركنا كل شىء خلفنا».

أما محمد حمدى حسيب (64 سنة) من طائفة الشبك الشيعية: «عندما دخل علينا داعش بعد منتصف الليل تركت المنزل إلى أقارب لنا فى قرية مجاورة اسمها شنف، بقينا عند أقاربنا 4 أيام ثم قال الناس داعش لا يؤذون العالم، فرجعت على بيتى، ورحبوا بينا الدواعش أول ما فتنا على المنزل، وبقيت بالمنزل 5 أيام، وفى شهر رمضان الساعة 6 صباحا أتوا على المنزل وطلبوا هويتى وتليفونى، ثم أخذونى على المعتقل وحبسونى فى غرفة متر فى متر بلا مرافق، تركونى تانى يوم، ثم قبضوا على مرة أخرى وهكذا تكرر اعتقالى، واستجوبونى، لماذا تذهب الى النجف».

دفن حسيب كل الصور الدينية الخاصة به وبطائفته فى حوش المنزل، ورغم ذلك لم يتركه رجال «داعش» فيقول «طلبوا منى ورقة تثبت أننى لست رافضى، وعندما استطعت الحصول على الورقة التى طلبوها قالوا لى شهودك على الورقة مزورون، وقبل أن يأمروا بقتله استطاع الفرار بعائلته وأتى إلى المخيم بأربيل».

السنة ليسوا بعيدين عن سيف داعش فها هو مخيم بحاركة يمتلئ بعوائل ضباط الشرطة أو الجيش الذين لا يرحمهم داعش، طارق عبدالرزاق على عيسى، عربى سنى من الموصل، ولكنه فر من الموصل لأنه من عائلة بها ضباط قتلوا خاله ثم أباه يقول طارق «فقط طلبوا من أبى هويتى وعندما علموا أنه ضابط، قتلوه أمام عينى، وخالى قتلوه وهو بسيارته أمام زوجته وأبنائه».

فادى عبدالوهاب، من مدينة الموصل، عراقى سنى منتسب للشرطة فر بعائلته من الموصل، يقول «أنا فررت إلى أربيل لأنى منتسب للشرطة وهم أكثر ما يكرهون المنتسبين للشرطة أو الجيش، وبعد أن وصلت هنا بشهرين، أخذوا إخوتى الاثنين اتهموهما بأنهما منتسبان للحشد الشعبى، ذهبت قوات داعش إلى المنزل وقبضت عليهم وفى اليوم التالى وجدت أمى جثتهم مذبوحة بالشارع».

أما تامر إبراهيم محمود فإنه من أبناء لاجئى 48 بالعراق، وهم أكثر من يستغلهم داعش ويضمونهم إليهم بالقوة لأنهم أقلية بلا حماية أو حقوق، كما يقول تامر، حيث يصف وضعهم فيقول «الأمور كانت صعبة فى ظل الحياة مع داعش، فى البداية كانوا يعاملوننا بشكل طيب ولكنهم طلبوا مننا الانضمام والمحاربة معهم فرفضنا، ولكنهم يعلمون أننا منذ 65 سنة لاجئون بلا هوية، فنحن فى نظرهم ليس لنا من يدافع عنا فوقفوا ضد رحيلنا أو مغادرتنا للموصل».

وبأسى شديد يقول تامر «نحن أكثر الأقليات التى تعانى من انعدام حقوقها، نريد وطنا، يكفينا 65 سنة بلا وطن، لا أريد لأبنائى أن ياتى داعشى ويضمهم إليه عنوة، أريد أن أربيهم وأعلمهم».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية