جاء تأكيد الرئيس الأمريكى باراك أوباما على رغبته فى إقامة علاقات مع الدول الإسلامية تقوم على الشراكة والتعاون ليعكس نزعة التحول عن سياسة سلفه جورج بوش، الذى قسّم العالم فى حربه على الإرهاب إلى إما معنا وإما علينا، ولكن تلك السياسة التى ينادى بها أوباما لا شك أنها ستصطدم بالعديد من العقبات لتغيير صورة أمريكا فى أذهان المسلمين، بحسب ما تناوله العديد من الصحف.
أفردت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تحليلا تساءلت فيه عن السبب الذى يمنع المسلمين من عدم سماع أوباما، رغم أنه يسعى للتعامل مع العالم الإسلامى، وإدلائه بأول حديث مع قناة العربية الفضائية، ولكن تبدو الصورة مختلفة وبخاصة فى الشارع المصرى الذى دعم بغالبية طوائفه السياسية أوباما إبان حملته حتى وصل إلى البيت الأبيض، كونهم ينشدون فيه رئيسا سيكون عادلا ومنصفا، واعتبروه نتاجا للنظام الديمقراطى العادل.
من جانبها، أكدت صحيفة بوسطن جلوب الأمريكية أن انتخاب أوباما يفرض ضغوطا وتحديات على الأعداء الأصليين «التقليديين» للولايات المتحدة، وهم الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد ونظيره الفنزويلى هوجو شافيز والكورى الشمالى كيم جونج إيل والنظام السورى، كما يفرض تحديات على الحركات المتطرفة المناوئة لأمريكا، مثل حماس وتنظيم القاعدة، والتى ستحاول اختبار استراتيجيتها الخاصة للتعامل مع أوباما لقناعتها بعدم اختلافه عن سلفه بوش، وأن السياسة الأمريكية تجاهها لن تتغير.
وأوضحت الصحيفة أن أوباما حاول اتباع سياسة أكثر تعاونا مع العالم، وهو ما يفرض بدوره عقبات على المشاعر والاتجاهات المعادية للولايات المتحدة فى العالم الإسلامى رغم الدعم الذى تمتع به أوباما فى تلك المنطقة.
ومن أهم العقبات التى تعترض سياسة أوباما الجديدة تجاه العالم الإسلامى هى السلام فى الشرق الأوسط، وأشار الكاتب علاء الأسوانى فى نيويورك تايمز إلى أن المصريين رحبوا بأوباما حتى فشل فى أول اختبار له تعليقا على مجزرة غزة، التى راح ضحيتها أكثر من 1350 شهيدا ومئات الجرحى، معربين عن إحباطهم لسكوت الرئيس الأمريكى عن الجرائم التى ترتكبها قوات الاحتلال، إلا أنه يحدوهم الأمل فى أنه سيتخذ موقفا ضد إسرائيل وجرائمها ضد الإنسانية، ولا يزال المصريون يعتقدون أن أوباما بإمكانه القيام بالعديد من الأمور الجيدة رغم إحباطهم المتكرر من سياسة الولايات المتحدة الخارجية.
وبينما انتهت حقبة السياسة الأحادية التى مثلت شعار سياسة بوش الأحادية، ينتظر العالم بشغف التغيير الذى وعد به أوباما، فالمسلمون المضطهدون يعقدون آمالا كبرى على إدارة أوباما لتغيير سياسة أمريكا نحو الأحسن لكن تلك الرؤية والآمال تضع أوباما فى موقف لا يحسد عليه،
فهو وإن كان يريد إحداث تغييرات جذرية داخل وخارج بلاده لتتوافق مع التوقعات المطلوبة من حكومته فإنه يدرك أن أزمة الشرق الأوسط وأزمات العالم الإسلامى المتمثلة فى احتلال العراق وأفغانستان، والوضع فى كشمير، تثير إحباط المسلمين وأدت إلى تحول العديد منهم إلى إرهابيين للقتال ضد الأمريكيين وإن لم يتمكن أوباما من صياغة استراتيجية لمواجهة تلك المعضلات فستتردى مكانة أمريكا ومصداقيتها، بحسب ما رأت صحيفة «آسيان تربيون» الباكستانية التى لخصت الموقف فى عدم قدرة أوباما على تغيير كلى لسياسة بلاده الخارجية.
ومع تأكيد أوباما أن الحرب فى أفغانستان لتصبح دولة ديمقراطية آمنة وليس مجرد ملاذ آمن للقاعدة التى تحالفت مع حركة طالبان لطرد القوات الأمريكية والدولية، تشير صحيفة «بوسطن جلوب» إلى أن شعبية أوباما تتحدى استراتيجية المنظمات المتطرفة التى تحاول تجنيد المقاتلين ضد الولايات المتحدة،
فبعد أن استغلت القاعدة سياسة بوش الأحادية لتجنيد العملاء ضد أمريكا وزيادة نزعة العداء تجاهها، إلا أن تأكيد أوباما على أنه لن يكون مثل بوش، ومع تعهده بإغلاق معتقل جوانتانامو وسحب القوات الأمريكية من العراق وأن يتدخل فى الصراع العربى -الإسرائيلى يمثل ميزة لتغيير سياسته إلا أن تلك التطورات لم تنل استحسان حماس.