قال أحمد بان، الباحث فى شؤون الحركات الإسلامية، إن جماعة الإخوان تعانى من حالة انهيار تنظيمى وأخلاقى، وإن الخلاف يدور بين طرفين أحدهما يريد تسوية مع النظام، والآخر يسعى لتكوين ذراع مسلحة للثورة.
وأضاف «بان»، فى حوار لـ«المصرى اليوم»، أن الإدارة الأمريكية تتواصل مع طرفى الأزمة، وتنتظر مَنْ سيحسم المعركة لصالحه لتتعامل معه كممثل للتنظيم.
وشدد على أن استمرار سياسة السمع والطاعة لفترات طويلة داخل الجماعة هى سبب وصول الخلاف إلى هذه الحدة.. وإلى نص الحوار:
■ متى بدأت الأزمة داخل الجماعة، ولماذا تصاعدت لهذه الدرجة؟
- تاريخياً، كان هناك صراع خفىٌّ لفترات طويلة، وظهر على السطح بعد ذلك بين المحافظين، التيار المسيطر على التنظيم، والإصلاحيين، وبعد الأداء العقيم للتيار المسيطر خرجت مجموعات ليست بالقليلة من الشخصيات الإصلاحية، ولم يتبق سوى قواعد تسمع وتطيع، تتلقى الأمر والتكليف فتنفذ دونما تفكير، رأينا حشوداً غفيرة تؤيد إعلاناً دستورياً فى عهد محمد مرسى، الرئيس الأسبق، لا تعى ما الذى يحويه هذا الإعلان.
وظلت الأمور على هذا النحو حتى اعتصام رابعة العدوية، وظلت المجموعة المتحكمة توهم قواعدها بأن مرسى سيعود، وأنه لا بديل عن الشرعية، وبعدها التحريض على الثأر والانتقام، هنا تحديداً بدأ الصراع داخل الجماعة.
■ كيف؟
- الشباب بدأ يرى أن قادته يسلكون مسالك خاطئة، ويتخذون قرارات تورطهم، ولم يصدقوا فى أى شىء تحدثوا عنه، وظن بعضهم أن قادتهم يتلاعبون بهم، ويدفعون بأفراد الجماعة فى معارك خاسرة وهم بعيدون عن الحرب الحاصلة على الأرض.
■ ماذا حدث بعد ذلك؟
- بدأت حملات التمرد والرفض داخل التنظيم التى أفرزت قيادة جديدة توافق عليها من هم خارج السجون ومتاح لهم التحرك، وشكلوا لجنة إدارية لقيادة الجماعة من داخل مصر، برئاسة محمد كمال، وعينت محمد منتصر متحدثاً إعلامياً باسم الجماعة، لتسحب القيادة من يد الحرس القديم، واتخذت تلك القيادة الجديدة مساراً غير الذى يتبعه قادتهم القدامى، ودعوا للعنف والعمليات النوعية التى استهدفت رجال الشرطة، وغزت أفكارهم الشارع بل دخلت الجامعات.
وهذا المسار تصاعد مع الوقت، وبدأ اتجاه كبير داخل التنظيم يؤمن بأن التصعيد لابد أن يأخذ مجراه، والتحقت هذه المجموعات الإخوانية بتنظيمات أكثر تطرفاً ومرتبطة فكرياً بتنظيم داعش، واتخذ هذا الشباب من داعش مصدراً له.
■ كيف تعمقت الأزمة داخل التنظيم؟
- القيادة الجديدة رأت أنه لا بد أن يكون للثورة ذراع مسلحة لمواجهة الدولة العميقة، وأن الثورة لن تنتصر بتلك الرؤى المتمسكة بالسلمية، ومع تصاعد وتيرة أعمالها بدأت الدولة فى تحديد تلك الشخصيات وتحركاتهم وألقت القبض عليهم، وهو الأمر الذى منح محمود عزت فرصة جديدة للعودة إلى المشهد وإعلان سيطرته على التنظيم، والتحذير من أفكار الشباب، والتأكيد على ضرورة استمرار العقيدة السلمية.
■ هل نحن أمام جماعتين حالياً؟
- نعم، طرف يؤمن بالسلمية ويطالب بالصبر والمعارضة الهادئة والابتعاد عن العنف، وهو التيار القديم، وتيار آخر لا يرى سوى السلاح والعنف سبيلاً لمواجهة الدولة وتحقيق أهدافهم المرجوة.
■ كيف تقرأ مستقبل الإخوان؟
- ستنشق مجموعات كبيرة، وستظل القيادة القديمة متمسكة بأدبياتها الفكرية، بينما ستسلك مجموعات جديدة أدبيات وأفكاراً جهادية وأكثر تطرفاً، وستحاول خلق قاعدة عريضة تؤيد الجهاد المسلح فى وجه الدولة، وستظهر مجموعة أخرى غير الطرفين الحاليين تطلب إجراء مراجعات فكرية وترفض توجهات كل من الطرفين المتصارعين على الحكم، وتسعى لتحقيق تقارب فى وجهات النظر والالتفاف حول مرجعيات أدبية جديدة تعيد إلى التنظيم مكانته.
■ هل من الممكن إجراء انتخابات مكتب إرشاد جديد؟
- مستحيل، الأمن لن يسمح بذلك، وهذا فرض وهمى غير واقعى.
■ لكن محمود حسين الأمين العام للجماعة قال إن ثلثى مجلس الشورى خارج مصر وبإمكانهم إجراء انتخابات؟
- كاذب.
■ هل نحن بصدد انهيار تنظيمى للإخوان.. وهل للجماعة القدرة على العودة كما كانت؟
- نعم نحن نعيش انهياراً على المستوى التنظيمى للإخوان، والجماعة لن تعود كما كانت فى الماضى، والأخطر أنها انهارت أخلاقياً.