x

أنيسة عصام حسونة نسمع جعجعة.. فهل سنرى طحناً؟ أنيسة عصام حسونة الثلاثاء 15-12-2015 21:28


تحفل جميع وسائل الإعلام حاليا سواء المسموعة أو المقروءة أو المرئية بمساجلات ومجادلات وملاسنات زاعقة النبرة حامية الوطيس قاسية العبارات بين الجميع ضد الجميع بشأن المواقف المتوقعة داخل البرلمان الجديد لتحديد من سيقف مع من وضد من فى الحرب المعلنة من قبل كل تكتل أو تحالف ضد التكتلات أو التحالفات المخالفة، وبالتالى أصبح الشعب المصرى فى حيرة بالغة بين «دوكهّما» و«دولهّما» بالرغم من أن جميعهم من المفترض وقوفهم، على الأقل فيما يتعلق بالخطوط العريضة للقضايا، فى نفس الجانب أو هكذا كنا نعتقد بتحليلنا الساذج لنتائج الانتخابات النيابية، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن فالجعجعة تتصاعد حتى أصبحت تصم الآذان وتحطم الأعصاب وتعطى إشارات سلبية وتطلق أجراس الإنذار بشأن الأساليب التى سيمارس من خلالها نواب الشعب المحترمون مسؤولياتهم الجسيمة، فللمرة الأولى نجد أعضاء التحالفات الانتخابية يبدأون مبكرا جدا وقبل حتى عقد الجلسة الأولى للمجلس المأمول فيما يبدو وكأنه تصفية مسبقة للحسابات وتسديد فواتير الوعود الانتخابية قبل حلول مواعيد استحقاقها المفترض تسديدها بالمناقشات الموضوعية والجادة تحت قبة البرلمان الموقّر.

والمثير للقلق هنا هو أن معظم هؤلاء الأعضاء المنتخبين، وبالرغم من أنهم لم يدخلوا قاعة المجلس رسميا بعد، إلا أنهم قد بدأوا، فى خلال هذه الفترة القصيرة، فى الإعراب عن خلافاتهم المحتدمة المتمحورة جميعها حول مواقفهم الفردية بشأن تحالفاتهم وانحيازاتهم ليس لخدمة القضايا الحياتية للمواطن كما هو مفترض، ولكن للتكتلات والتحالفات المرتقبة على أسس فردية أو حزبية، ومن سيكون له الصوت الأعلى والدور الأكبر، وهنا يبدأ غموض الرؤية بالنسبة للمشاهد والمراقب، ناهيك عن المواطن البسيط الذى لا يفهم لماذا بدأت هذه الصراعات مبكرا قبل حتى أن يبدأ المجلس عمله، وإلى ماذا تهدف هذه الخلافات المعلنة يا ترى؟ وهل هذه الجعجعة التى ملأت الفضائيات ووصلت إلى عنان السماء ستهدأ نبرتها الحادة عندما يبدأ العمل الجاد؟ بمعنى آخر: هل سنرى طحنا متمثلا فى تشمير الأكمام ودخول ميدان التشريع ومناقشة وتحديد أولويات الدولة المصرية لخدمة المواطن المصرى وتحسين ظروف حياته وحل مشاكله وتحقيق آماله فى مستقبل أفضل لأبنائه وللأجيال القادمة؟ وهل سينحّى النواب جانبا، فى سبيل هذا المسعى، خلافاتهم الفردية وتنافسهم على الظهور ومزايداتهم الإعلامية؟

نأمل هذا بإخلاص وننتظره بفارغ الصبر، فالمهمة لم تنته بدخولهم من باب البرلمان ولكنها ستبدأ بعد دخول هذا الباب، حيث ستصبح عيون الملايين عليهم فى أدائهم لوظائفهم التشريعية والرقابية على حد سواء، وبالرغم من كل ما أحاط بالعملية الانتخابية من هواجس وإحباطات فالآن كما يقال حانت لحظة الحقيقة فالجعجعة تأثيرها وقتى ومحدود ولا تثمر إلّا فى تعبئة شرائط البرامج الحوارية، ولكن ما يحتاجه المصريون الآن هو «الطحين» الذى سينتجه نائب جاد يدرس أوراقه بعناية ليؤدى واجبه البرلمانى على أكمل وجه ويستخدم أدوات رقابته بكفاءة، يذاكر الميزانية ويفهم بنودها، يؤمن بأن ولاءه الأول والأخير للمواطن المصرى، سواء من صوّت له أم من اختار غيره وهذه مسؤولية لو تعلمون ثقيلة، ولكنها فى ذات الوقت شرف كبير وفرصة ثمينة لإحداث تغيير إيجابى فى حال مارس نائب الشعب على أرض الواقع كل ما كان يدعو له ويتشدق به فى حملاته الانتخابية وغزواته الفضائية، لينتقل بذلك من ميدان القتال دفاعا عن التحالفات والتكتلات المتصارعة إلى معترك النضال، دفاعا عن الاستحقاقات الاجتماعية المنصفة والسياسات الاقتصادية العادلة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية