هل يشهد برلمان مصر خناقة شبيهة بما جرى فى برلمان أوكرانيا؟.. هل يطرد أحد النواب رئيس الوزراء، بحمله خارج المجلس؟.. هل يفعلها أحد، ويتكرر المشهد عندنا؟.. أستبعد هذا تماماً ولا أتصوره بالمرة.. فليس عندنا فتوات، ولا تكتلات عيونها خارج الوطن.. فما جرى شىء من العبث والجنون.. وإذا كانت هذه هى الديمقراطية، فلتذهب إلى الجحيم.. ربما كان هذا المشهد إفرازاً لـ«برلمانات الثورات»!
جائز عندنا «حنجورية» لكن ليسوا «بلطجية».. وجائز عندنا «مشاغبون» لكن ليسوا «فتوات».. فمن المستبعد أن يتكرر المشهد هنا.. سواء بين النواب والوزراء، أو النواب وبعضهم البعض.. مهما اختلفت مشاربهم وانتماءاتهم الحزبية.. صحيح أن الفضائيات اهتمت بحادثة أوكرانيا، من قبيل الإسقاط، أو التحذير، لكن يبقى كل ذلك مرفوضاً.. وأظنه كان «مرفوضاً» هناك، فالنواب غير «فتوات الحوارى»!
لا يعنى أننا إزاء برلمان ثورة، أن نشهد حالة من الزعيق، والشوشرة، واستعراض العضلات.. بالعكس.. معناه أننا أمام نواب يتّسمون بالجدية فى الطرح والنقاش، وعرض المشكلات.. نحن أمام نواب لا زعماء.. نحن أمام نواب يمثلون مصر.. والأحرى بهم أن يقدموا صورة مضيئة للخارج.. والأحرى بهم أن يقولوا إن الحرية لا تعنى الانفلات، ولكن تعنى المسؤولية، كما تعنى أن الثورة تصنع رجالاً لا فتوات!
ما علينا من الثورة البرتقالية، أو ثورات الربيع العربى، أريد أن أقول إن برلمان مصر، له ظروف مختلفة، ونواب مصر أيضاً مختلفون، فى التأييد أو الرفض.. فلا يمكن أن يحدث ما حدث فى أوكرانيا.. ولا يمكن أن يصل الاختلاف حول الرئيس المنتظر للبرلمان، إلى شقاق أو تناحر.. لا أتوقع شيئاً يجعلنا نندم.. عندنا قضايا الحرب على الإرهاب والتنمية أولى بأى جهد أو نقاش.. هذا ما أتصوره بالفعل!
ولو أن نواب مصر نظروا إلى «الغرب»، سوف يجدون الرايات السوداء لداعش، ترتفع فوق صبراتة الليبية لتعلنها إمارة إسلامية.. فهل هذا المشهد يستحق أن يستعد له برلمان مصر؟.. وهل يعرف البرلمان خطورة الدور الذى ينبغى أن يضطلع به؟.. هل يعرف يعنى إيه «إمارة إسلامية»، و«رايات سوداء» على الحدود؟.. مهم أن نُوقف الحملات الإعلامية بشأن رئيس البرلمان: هل هو معين؟ أم منتخب؟!
لا أشعر بأى قلق من جانب النواب.. ولا أتوقع أى انقسام أو مشادات أو خناقات.. فلا يوجد نائب لا يعرف خطورة اللحظة التاريخية التى جاء فيها.. أقول لا يوجد.. كلهم «وطنيون» يعبرون عن طموحات وآمال الشعب.. خاضوا معارك انتخابية نزيهة ليخدموا الوطن.. هكذا أتصور.. وهكذا أنتظر منهم مشاركات تنهض بمصر، وتُغيّر الصورة القديمة فى عيون رجل الشارع، فربما تعود طوابير الناخبين من جديد!
وبغض النظر عن سخونة البداية لبعض النواب، لا أظن أن المشهد الأوكرانى، قد يتكرر عندنا.. فلا برلمان مصر مثل برلمان أوكرانيا، ولا يوجد هذا الانقسام أصلاً.. البرلمانات ليست مكاناً للخناقات والفتونة.. وقد يضبط كل هذا رئيس المجلس، خاصة إذا كان يحظى بتوافق عام، أو مكانة دولية مرموقة!