x

عبدالرحمن الراشد يكتب: لا نتمنى فوز خاتمى بالرئاسة

الأربعاء 11-02-2009 00:00 |

هناك شعور بالحماس والفرح القلق منذ أن أعلن الرئيس الإيرانى السابق محمد خاتمى رغبته فى خوض الانتخابات الإيرانية. فى نظر الكثيرين يمثل خاتمى نموذج السياسى الإيرانى المعتدل المحب للسلام، بعد سلسلة طويلة من القيادات الإيرانية الراغبة فى المواجهات. وهو تصور صحيح، رغم هذا فالرهان على خاتمى فى حد ذاته أمر خاطئ، ليس بسبب الزعيم الإصلاحى نفسه، بل بسبب النظام الإيرانى.

فالنظام مركب بطريقة لا تسمح للرئيس المنتخب، مثل خاتمى الذى ينتمى إلى تيار سياسى شعبى كبير، لكنه ضعيف السلطات، أن يدير السياسة الإيرانية العليا بما يراه مناسبا، والدليل تجربته الرئاسية الماضية التى منيت بتراجعات خطيرة إلى درجة الإهانة من قبل الأطراف المتطرفة فى داخل النظام، فقد بلغت بها الأمور درجة إغلاق صحف ومجلات محسوبة عليه، ومنعت مرشحين من تياره، ولاحقت موظفين محسوبين عليه، حتى همش وخرج من الرئاسة دون أن يحقق شيئا مهمّا مما وعد به الشعب الإيرانى، والتى على أساسها انتخبه.

بالنسبة لشخصية مثل الرئيس الحالى أحمدى نجاد، فإنه ينتمى فعليا إلى النظام الحاكم، ينتمى إلى الحرس الثورى الذى صار أكثر قوة من أى وقت مضى، وأكثر تدخلا فى الشأن الداخلى والخارجى، كما أنه أقرب إلى الرئيس الحقيقى الذى يملك صلاحيات مطلقة، أى المرشد الأعلى السيد على خامنئى، وبالتالى فبقاء نجاد رئيسا أفضل من انتظار مقدم رئيس مثل خاتمى.

والانتخابات الإيرانية فى حد ذاتها ليست كما يحمل عنوانها، انتخابات حقيقية، بل مطرزة وفق حاجات النظام الأصولى، الذى يمنع من هم خارجه من الترشح، وبلغ من التشدد أنه ضيق دوائر المرشحين فمنع ألفَى مرشح للانتخابات المقبلة، المتنافسين على مقاعد البرلمان رغم أنهم إسلاميون، منعهم لأنهم إصلاحيون مشابهون لخاتمى. وهى انتخابات محاصرة، حيث لا يسمح للمرشحين بالدخول فى محاورات، ويمنع عليهم الإعلان التلفزيونى، وهكذا.

ومع أننا نقدر مواقف وآراء الاصلاحيين، مثل خاتمى، بروحهم الليبرالية التى يمكن التفاهم معها بواقعية حول كل القضايا، بما فيها الصعبة مثل الملف النووى والوجود الأجنبى والعلاقات الدبلوماسية المتوترة، وحتى عند الخلاف فإن التعايش مع نظام يرأسه خاتمى ممكن بأقل درجات الشك، بخلاف غيره من القيادات المتشددة.

 والثقة هى محل الإشكال الرئيسى بيننا وبين الإيرانيين، فهم يتحدثون عن تطوير الطاقة النووية بدعوى أنها للاستخدام السلمى، فى حين أن كل المؤشرات تؤكد أنها صناعة لأغراض عسكرية. وعندما نرى ما تفعله إيران سياسيا وعسكريا فى منطقتنا لا نملك سوى صورة قاتمة.

ومع أن الخيار الأفضل هو الإسلاميون الإصلاحيون، إلا أن وصولهم إلى سدة الرئاسة فى انتخابات الربيع المقبل - لو حدث - لن يفرحنا كثيرا، لأنهم حمائم بلا أجنحة. وإذا كان لا بد أن يتم اتفاق، أو لا يتم، فليكن مع أصحاب الحكم الحقيقيين.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية