x

مديرة شؤون المرأة بصندوق الأمم المتحدة للسكان- مصر: ملف الختان تراجع بسبب التغيرات السياسية

الثلاثاء 08-12-2015 10:32 | كتب: أميرة طلعت |
جيرمان حداد تتحدث للمصري اليوم جيرمان حداد تتحدث للمصري اليوم تصوير : أحمد طرانة

تؤكد جيرمان حداد، مديرة برامج شؤون المرأة والنوع الاجتماعى بصندوق السكان للأمم المتحدة- مصر، أن مصر من بين أعلى الدول فى ممارسة ختان الإناث، رغم انخفاض المعدلات عن ذى قبل، مشيرة إلى أن مصر أعطت هذه القضية أهمية كبيرة منذ عام 2007، ومع ذلك تواجه مناهضة الختان «تطبيب» العملية وارتفاع نسب إجرائها على أيدى العاملين فى المجال الصحى، وتصل النسبة إلى 82%.

وترى حداد أن التليفزيون مقصر فى رسالته حول هذه القضية، رغم أهميته كوسيلة، مشيرة إلى تركيزه على برامج مثل التجميل والتخسيس والإنجاب وإغفال الختان.

وأوضحت أن الدراما التليفزيونية مقصرة، باستثناء مسلسل وحيد، تناول الموضوع بطريقة جيدة مؤخرا، وهو مسلسل «بنت اسمها ذات».

وتحدثت حداد عن أهمية دور رجال الدين والأطباء الذين لا يدرسون فى الجامعة مخاطر « الختان».

وإلى نص الحوار:

■ ما الدور المنوط بـ«الصندوق» فى ملف الختان؟

ـ «الصندوق» يعمل على المناهضة فى محاور مختلفة، فالختان عادة اجتماعية لها جذور، لذلك يكون العمل على المستوى المجتعمى ومع كل من له صلة بتلك العملية، ومحاربتها، سواء الجمعيات التى تعمل مع المدارس والأهالى ورجال الدين فى المنطقة أو القرية، والأزهر والكنيسة، من خلال تزويدهم بالمعلومات الطبية، ومن ناحية أخرى توعية الأطباء والممرضات، حيث أصبحت نسبة ضلوعهم فى إجراء العمليات أكبر بكثير من «القابلات أو الدايات»، وعلى المستوى القانونى ننسق مع النيابة والطب الشرعى والقضاة.

■ منذ متى بدأتم العمل فى الملف؟

ـ من 2007 أصبح هناك برنامج لمناهضة ختان الإناث.

■ هل السبب وفاة طفلة المنيا التى أثارت ضجة وقتها وكانت المحرك لعدد من القرارات بعد ذلك؟

ـ الختان من الموضوعات التى اهتم بها الصندوق بشكل عام فى إطار القضايا التى تخص المرأة، وقضايا الصحة الإنجابية، منذ التسعينيات، لكن كبرنامج خاص بدأ بعد ذلك، فلم يكن موضوعا ذا نقاش أوسع إلا فى 2007، وقتما أصبح هناك حراك قومى على مستوى الدولة ومؤسساتها، ونحن لا نستطيع أن نعمل فى موضوع ونركز عليه وهو ليس فى أولويات الدولة، لأننا نحتاج لتضافر الجهود.

الأهالي لجأوا إلى الطبيب ظنا أنه حماية للفتاة.. ودخول العاملين بالمجال الصحي منح مشروعية للعملية

■ ما هى أهم المعوقات التى تقابلكم فى عملكم على تلك القضية؟

ـ الصندوق يعمل على برنامج معين، نحن لا ننزل بأنفسنا ميدانيا لكن من خلال المشاركين المناهضين معنا للختان، وأكيد فى مشكلات تقابلنا، فهناك فكر مسيطر بأن الختان يحافظ على البنت ويقلل الشهوة الجنسية، لكننا نحاول من خلال التوعية أن يكون هناك فصل تام بين الختان والشهوة، فالشهوة تنشأ من العقل، وليس لها علاقة بالختان، فالختان لا يضمن العفة، لكن التربية.

■ من 2007 إلى 2015.. سنوات طويلة ورغم ذلك ما زالت الأرقام مرتفعة ومعدلات الانخفاض بطيئة؟

ـ أكيد، فهناك بعض المناطق أو القرى التى لا نستطيع الوصول لها، والعادات والتقاليد هناك أقوى من أن يسمعون، وأوقات الدخول لبعض الأماكن لا يكون سهلا، لذا نسعى لاستغلال طرق بسيطة لمخاطبتهم مثل الدراما، وعملنا مشروع «حارة تى» من خلال مجموعة من الشباب ينزل يقدم اسكتشات مسرحية نضمن من خلالها توصيل الرسالة بشكل غير مباشر، بحيث نغير ونؤثر، ونلفت الانتباه، ثم نبدأ فى توصيل الرسالة بشكل أوسع، لنقول: «بأنه مؤذٍ نفسيا وجسديا للفتاة»، والدليل أننا كل ما نتكلم مع البنات تقول إن الختان أول صدمة نفسية تأتى من أشخاص قريبين وهم الأهل. وبالنسبة إلى شريحة السيدات من (15- 49 سنة) سيظل الانخفاض فيها متحجرا إلى حد ما إلى أن يخرجن من الدائرة تماما، لكن ما نحتاج التركيز معها أكثر هى الشريحة من (0- 19 سنة).

■ أين توجد مصر فى مؤشرات الختان دوليا؟

ـ من بين أعلى الدول، لا شك، ومن خلال مقارنة نتائج المسوح وفقاً للمسح الديموجرافى الصحى لعام 2008، الترتيب الدولى كالآتى: الصومال: 97.9، جيبوتى: 93.1، مصر: 91.1 والمصدر فى ذلك منظمة الصحة العالمية.

■ وما السبب؟

ـ أولا تطبيب العملية فيه تحدٍ كبير. ثانيا التواصل مع رجال الدين فى القرى يجب أن يكون أكبر، لأن رجل الدين مصدر مهم للمعلومة هناك، وربما لا تكون عنده تلك المعلومة. ثالثا يجب أنا كمتلقٍ أحصل على معلومة مؤكدة من أكثر من جهة، بمعنى توحيد الجهود بشكل أكبر، لذلك وجدنا ضرورة وجود استراتيجية تحدد دور كل جهة. مناهضة الختان لازم تندرج ضمن أجندة عمل الهيئات والوزارات لذلك أطلقت الاستراتيجية القومية لمناهضة ختان الإناث 2016- 2020.

■ هل تغطون فى عملكم المحافظات كلها؟

ـ نحاول أن نركز على المحافظات التى ترتفع فيها النسب، مثل محافظات الصعيد.

■ وهل هناك أرقام رسمية على ارتفاع المعدلات فى الصعيد؟

ـ نعم، وفقا للمسح السكانى فالصعيد الأعلى.

■ هل تعتقدين أن القانون المجرّم ختان الإناث رادع.. أم أن العقوبات تحتاج لتكون أكثر غلظة؟

ـ المشكلة أن المادة المجرّمة ختان الإناث تعتبره «جنحة»، فالجنحة لا تعاقب على الشروع، لكن عندما تكون جناية سيختلف الأمر، عندما يأتى بلاغ إذا لم يوجد أدلة أو تلبس، فلن تستطيع إثبات الواقعة أو معاقبة الشخص، لذا يجب أن تكون هناك محاسبة على الشروع، ومن النتائج الإيجابية التى وصلنا لها من التدريب مع القضاة أنهم بدأوا يفكرون معنا، وقالوا لا بد أن يوضع الختان تحت «إحداث عاهة مستديمة» ويعاقب القائم به تحت تلك التهمة، لأن هذا الجزء من الجسد له فوائده، ويعد الختان تعديا ويجب أن يجرم كعاهة مستديمة.

عامل مهم أيضا يجعل من الصعب السيطرة على الأشخاص الذين يقومون بالعملية، وهو أن الفتاة إذا بلّغت معناه أنها تبلّغ عن أهلها أيضا، وبالطبع تتراجع خوفا عليهم.

رفع رواتب الأطباء مطروح كألية للمواجهة ولكنه مرتبط بموازنة الدولة

■ هل شرط للإبلاغ أن يكون حدث للفتاة أذى أم مجرد إجراء العملية؟

ـ بناء على القانون إجراء العملية، حتى لو لم تحدث مضاعفات، هى تأثرت نفسيا وجسديا، وفى حياتها الزوجية بعد ذلك، وهذا ضرر ليس شرطا أن يكون الضرر نزيفا وتلوثا ووفاة، ومن أكثر الشهادات الحقيقية التى رصدناها مع سيدات تعرضن للختان تأثير ذلك على حياتهن الزوجية.

■ كيف تتحققون من صدق الشهادة التى تروى؟

ـ تحرى الصدق من أكبر المشكلات التى نواجهها، لأننا نعمل كثيرا من خلال جمعيات وأنشطة مختلفة، ولا نستطيع أن نعرف نتيجة شغلنا على الأرض لأن الموضوع حساس، لذلك نعتمد على المسح الديموجرافى، لأن السؤال عن الختان يأتى ضمن أسئلة أعم عن الصحة الإنجابية بشكل غير مباشر.

■ هل يمكن أن يأتى يوم والبنت تتكلم فى القضية دون خجل؟

ـ رغم ارتفاع النسب، خاصة الصعيد وحساسية الموضوع، لكن نفاجأ بنماذج رائعة مبهرة، «تلاقى بنتا وقفت تقول أنا اتختنت، لكن وقفت أمام أهلى حتى لا يختنوا أختى الصغيرة.. أنا وقفت قصاد عيلتى عشان بنتى» هذه النوعية هى الأمل.

■ هناك مطالبات بضرورة تدريس الصحة الإنجابية.. هل أنت مع هذا الاتجاه؟

ـ طبعا، لكى تتمكن البنت من أن تقف وتتصدى للأفكار المغلوطة لازم يكون عندها وعى علمى ودينى، والطريقة المضبوطة هى التدريس فى المدرسة، وهنا لكى يكون كلامى واضحا نتحدث عن الصحة الإنجابية، وليس «الجنس»، والمعلومات ستكون متدرجة وفقا للسن.

■ من خلال عملكم ودراستكم للمجتمع.. ما هى أكثر الوسائل تأثيرا؟

ـ الإعلانات التليفزيونية لها تأثيرها لكن لا تأتى بنتيجة فورية، هى تحرك تساؤلات فى ذهن الأسرة، لكن المسرحيات والاسكتشات فى القرى مهمة جدا، كذلك كلمة رجل الدين لها تأثير عالى. وفى المسح الديموجرافى السيدات ذكرن أن أكثر وسيلة يعتمدن عليها فى الحصول على المعلومات هى التليفزيون، لذا نسعى لتكون المعلومات من خلال التليفزيون، لكن لأنه مكلف لا نستطيع المواصلة باستمرار.

■ هل ترين أن التليفزيون يغطى الملف فى برامجه؟

ـ التليفزيون واسع الانتشار، ويستطيع توصيل الرسالة، لكننا نرى أن البرامج تركز على التجميل والتخسيس والإنجاب وتغفل قضية الختان، نفكر فى الإنجاب ونتناسى الصحة النفسية والجسدية للفتاة التى ستكون يوما زوجة وأما.

■ وبالنسبة للدراما؟

ـ مقصرة، ولكن مؤخرا فيه مسلسل مثل «بنت اسمها ذات» تناول الموضوع بطريقة جيدة، وجاء فى إطار طبيعى وبسيط، وأوضح الصورة وعكسها فى أسرتين مصريتين، ورأيى أن الدراما لها دور مؤثر جدا ولها تأثير أكبر من الرسالة المباشرة.

■ هل الظروف السياسية التى مررنا بها منذ ثورة 25 ينايرأثرت على العمل فى ملف الختان؟

ـ بالطبع، تلك التغيرات أحدثت تباطؤا، كذلك فى بعض الأحيان كانت الأصوات الأكثر تشددا تظهر على السطح، وكان لها صوت مسموع خاصة فى القرى والنجوع، بالاضافة إلى المشكلة الأمنية فى فترة من الفترات، والتى أعاقت النزول إلى المجتمع فحدث تراجع.

■ هل تقصدين بحديثك فترة حكم الإخوان؟

ـ نعم فى الفترة ما بين 2012 و2013 كان فى تراجع.

■ وما هو مرجعكم فى ذلك؟

ـ لا يوجد رصد أو مسح ملم ولكن كان هناك شكاوى وبلاغات على الخط الساخن للبرنامج القومى لمناهضة الختان، عن وجود حالات حدثت فى تلك الفترة أو أن فى كرفانات بدأت تنزل وتجرى العملية فى بعض الأماكن.

■ وكيف أثرت المشكلة الأمنية؟

ـ فى أعقاب الثورة كان من الصعوبة النزول إلى الشارع وممارسة العمل الميدانى.

■ هل تواجهون صعوبات مع الجهات الرسمية المعنية بالقضية؟

ـ مؤخرا التغيرات الوزارية المتكررة تبطئ العمل، وأغلبية الوزارات ترى أن الموضوع ليس أولوية وأن لديهم مشكلات وضغوطا أخرى أكبر تستحق أن توضع فى الأولوية، فدرجة الإحساس بكبر المشكلة أحد العوائق التى تواجهنا.

■ ذكرتِ أنكم معنيون بالتعاون مع كل أطراف القضية.. فهل لديكم خطة توعية للقابلات؟

ـ القابلات أو الدايات فى تلك العملية أصبحوا قلة، ومشكلتنا الكبرى مع الأطباء، لأن أى طبيب يجرى العملية يعطى مشروعية لها، خاصة والدكتور شخص ذو ثقة فى الأوساط البسيطة، فلما نجد الدكتور هو الذى يجرى الختان فهذا أكبر تحدٍ نواجهه.

■ ما الأسباب التى تجعله يقوم بإجراء العملية؟

ـ بعض هؤلاء الأطباء يكون آتيا من بيئة مؤمنة بختان الإناث، ويكون لديه قناعة، وممكن تطرف دينى، بالإضافة لأن الدكتور أيضا فى دراسته لم يدرس الختان، ولم يتلقَّ معلومات فى هذا الشأن، ونحن نسعى وراء تلك النقطة حاليا لإدراج مخاطر ختان الإناث فى منهج كليات الطب، رابعا أن لها مردودا ماديا، خامسا إنفاذ القانون غير قوى.

■ وهل وضعتم تلك الشريحة من الأطباء فى خطة تدريبكم؟

ـ من ضمن الأنشطة تدريب الأطباء وتوعيتهم بمخاطر الختان، لكن من الصعب أن نغطى هذا العدد الكبير من الأطباء، فهناك كل سنة دفعة جديدة، فتركيزنا أكبر مع المجلس الأعلى للجامعات لإدراج أضرار الختان داخل المنهج الطبى.

■ الطبيب فى القرى والنجوع ربما يجرى العملية نظرا لضعف راتبه.. هل ناقشتم زيادة الأجور كألية للمواجهة؟

ـ الكوادر الطبية إذا حدث لها تحسين فى الرواتب من المفترض أن تؤثر على النتيجة التى نبحث عنها، هو من الأمور المطروحة للنقاش مع الوزارة لكن هناك تحديات أكبر منا ومرتبطة بميزانية دولة فى النهاية.

■ ذكرتِ أن قيام الأطباء أصبحوا أكثر من الدايات فى الصعيد.. فهل يسيطر الطبيب على تلك العمليات؟

ـ نسبة إجراء العاملين فى المجال الصحى للختان هى الأعلى فى البنات، ونسبتهم تصل 82% وفقا للمسح الديموجرافى منهم 74% أطباء.

وأرى أن هناك مشكلة حدثت فى التسيعينيات أدت إلى ارتفاع نسبة العمليات على يد الطبيب، وهى أن حملات التوعية التى تمت وقتها كانت تركز على مخاطر النزيف وانتقال الأمراض، فالناس بشكل تلقائى بحثوا عن الشكل الأنسب لحماية بناتهم، فاتجهوا إلى الأطباء، وتغير الفاعل، وبقيت العادة.

■ لماذا يغيب استطلاع رأى الرجل عن عادة ختان الأنثى فى المسوح؟

ـ الصحة الإنجابية مرتبطة أكثر بالمرأة، لذلك كان التركيز عليها، لكن الحقيقة أى موضوع يتعلق بالمرأة لا ينفصل على الرجل ولن يتم التطور فيه دون إدماج للرجل، بعض من عملنا يكون مع الشباب، وهم يدربون أقرانا مثلهم، ولاحظنا أن المردود هو أن الشباب لا يريد الزواج من بنات مختتنة, لأنهم يخشون أن يكونوا أسرة غير سعيدة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية