خاض الأهلي تحت قيادة المدير الفني البرتغالي جوزيه بيسيرو بعض المباريات الودية متدرجة المستوى، بداية من وديتين في القاهرة على ملعب التتش، ثم السفر لإقامة معسكر في الإمارات ومواجهة فريق دبي وأخيرًا المواجهة القوية ذات الصبغة الرسمية بين الأهلي والصفاقسي التونسي.
هل يمكن اعتبار مباراة الصفاقسي مقياسًا للحكم على أداء الفريق؟. بالطبع هي مباراة ستوضح لك بعض التحركات التكتيكية داخل أرضية الملعب والتي سينتهجها المدير الفني البرتغالي مع الفريق، لا يهم أين يلعب حسام غالي، وماذا عن عبدالله السعيد ومؤمن زكريا؟، ولكن الأهم كيف يتحرك الفريق.
بيسيرو مع الأهلي يبحث عن الضغط العالي وتضييق المساحات على الخصم والدفاع المتقدم لتقارب الخطوط في فريقه والاستحواذ بأقصى قدر ممكن على الكرة.
في الدفاع، إذا كانت الكرة في الجبهة اليمنى يقوم الفريق ككل بعملية الترحيل «shifting» جهة الجبهة التي بها الكرة، لعمل زيادة عددية مع غلق المساحات على لاعبي الخصم، وهنا يسهل الاستخلاص.
هنا أخطأ الدفاع حيث كانت الكرة في عمق الملعب فتقدم قلبي الدفاع نجيب وشريف حازم، ولكن تمركزا سيئا من باسم على وصبري رحيل بسبب عدم التفاهم بين الرباعي كاد يفسد كل شىء.
حينما تكون الكرة في اليسار، يتقدم صبري رحيل لمجابهة لاعب الخصم، وينضم إليه «السعيد» لاعب الجناح أمامه، ويقوم بالترحيل ثنائي الارتكاز حسام عاشور وأحمد حمدي، وثنائي قلب الدفاع شريف حازم ومحمد نجيب، ليصبح تواجد سداسي من الأهلي في منطقة لا تتجاوز 20 مترًا، أما الظهير العكسي باسم على يقوم بالتغطية ويرتد الجناح العكسي أيضًا للدفاع وهو مؤمن زكريا.
إذا لم تقتنع ولديك بعض الشكوك، فانظر إلى الكرة هذه المرة في الجبهة اليمنى، وشاهد عملية الترحيل للفريق بشكل حاد حيث يتواجد 8 لاعبين من الأهلي في مساحة ضئيلة للغاية، ويبقى الجناح العكسي عبدالله السعيد في الجانب الآخر لتغطية رحيل الذي ضم للداخل للتغطية العكسية.
لاحظ كذلك المسافة الطولية بين عمرو جمال، أول مهاجمي الفريق، وصبري رحيل آخر مدافعي الفريق، والتي تؤكد رغبة بيسيرو أيضًا في تقارب خطوط فريقه.
أما في الهجوم فلا يهاجم الفريق مكسور الجناح بأحد الظهيرين، ويبقى الآخر في الدفاع، هنا ترى باسم على وصبري رحيل الثنائي في حالة هجوم والغريب هو تواجد حسام عاشور أيضًا هنا ولكن لم ينجح استلام تمريرة غالي القصيرة لترتد الكرة بانفراد على معلول، وهنا التهور من بيسيرو ولاعبي الأهلي فعليك أن تعمل حساب للخطأ لأي من لاعبيك.
بعد تقدم عاشور، تقدم شريف حازم لتغطية وسط الملعب وبقي محمد نجيب في الخلف مع المهاجم إيزيكال فقط.
وكان من الممكن تدارك كل شىء بانضمام حسام غالي سريعًا للعمق بدلًا من وقوفه غير المبرر لتغطية مكان حسام عاشور، ومنع اللاعب من التمرير.
هنا أيضًا توضيح أكبر للتهور الهجومي لبيسيرو، بتواجد الظهيرين باسم على وصبري رحيل، بل والأغرب أن لاعبي الأهلي في حالة هجومية أكثر من لاعبي الصفاقسي «8 من الأهلي ضد 7 من الصفاقسي».
بالطبع لكل شىء مزايا وعيوب، الميزة في الترحيل هي الزيادة العددية في مكان صغير بجوار الخطوط لغلق المساحة واستخلاص الكرة، ولكن إن تم ضرب هذا الضغط ستستقبل هدف بكل تأكيد، شاهد هنا 7 لاعبين في اليمين والسعيد مازال متأخرًا لو قام اللاعب بالترير في اليسار سينفرد زميله.
أما التهور الآخر، فهو الإفراط في الضغط والزيادة العددية ضد لاعبي الخصم في جميع المواقف، فهنا سترى الفريق بأكمله 10 لاعبين يقومون بمساندة دفاعية في مساحة 20 مترًا.
ولن ننسى الضغط الأمامي بشكل جماعي منظم، فهنا بعد لم يضغط بثلاثي أو رباعي بل بشكل خماسي، ونجح حسام عاشور في استخلاص هذه الكرة.
أخيرًا تحدثنا عن الترحيل لليمين واليسار، ولكن ماذا لو كانت الهجمة من العمق؟، هنا سيتواجد عاشور وحمدي ثنائي الارتكاز كحائط صد أمام المدافعين، ثم ينضم رحيل وباسم الثنائي للعمق لغلق المساحات بين كل منهما، وقلب الدفاع الذي يجاوره التي تُسمى «أنصاف المساحات» ثم يتقدم رباعي الدفاعي ومن أمامهم لاعبي الوسط ككتلة واحدة للضغط على حامل الكرة وكشف التسلل.
فلسفة بيسيرو هذه بالطبع أصبحت جزء من الكرة الحديثة، ولكن مع هذا الكم من التهور وإذا لم يحفظ كل لاعب أدواره جيدًا ويؤديها، سنرى أهدافًا بالجملة في شباك الأهلي، أما على صعيد الهجوم فالأزمة مازالت قائمة وهي إضاعة الفرص السهلة منذ تواجد جاريدو مع الفريق.