x

عاصم حنفي إلا البابا تواضروس..! عاصم حنفي السبت 05-12-2015 21:27


فجأة وجدتنى فى عُرف الزملاء متخلفاً جاهلاً متعصباً.. لأننى قدرت أن زيارة البابا للقدس غير مناسبة.. زيارة القدس حاجة تانية.. هى من المحرمات وتعد خروجاً عن الإجماع الوطنى.. وحتى وإن كانت بغرض إنسانى كما قيل.. والمشكلة أن هناك قراراً واضحاً محدداً للمجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية بعدم زيارة المواطنين الأقباط للقدس إلا بصبحة إخوتهم المسلمين.. فلماذا يزورها البابا تواضروس إذن.. ولماذا يفتح الأبواب الخلفية أمام المتنطعين الضاغطين والراغبين فى زيارة القدس فى هذا التوقيت الغريب..؟!

البابا تواضروس ليس من آحاد الناس.. هو ليس قبطياً على باب الله.. هو فى الحقيقة رأس الكنيسة القبطية وهو رمزها المحترم.. وخطوته تقاس بالمسطرة وكلمته توزن بميزان الذهب.. وعندما يقرر زيارة القدس لسبب إنسانى.. فإنه يفتح المجال لزيارات أخرى غير إنسانية.. حتى وإن نهى عن ذلك فى خطبته وعظته الأسبوعية.. والدليل أن عدد الراغبين فى زيارة القدس ارتفع فجأة بنسبة 60 فى المائة بعد زيارته الإنسانية..!

يعلم البابا أننا نقاطع العلاقات الودية والسياحية والدينية مع إسرائيل.. والكنيسة تحديداً تمنع أبناءها من الزيارة وتعاقب من يخالفها وتتمسك فى مواجهة العدو الصهيونى باللاءات الثلاث.. لا صلح لا تفاوض لا اعتراف..!

ولأن البابا تواضروس من القامات الدينية الوطنية المشهود لها.. فقد اندفع عدد كبير من رموز الحركة الوطنية للدفاع عن الزيارة المشؤومة.. وفى غمرة الدفاع داس الكثيرون على مبادئ الكنيسة وقوانينها المستقرة.. وهناك من قال إن قرارات المقاطعة غير مُلزِمة.. وإنها قرارات متسرعة تتعارض مع قوانين الدولة وسياستها المشجعة للتطبيع.. ثم إنها قرارات تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان.. وعلى رأسها حقه فى السفر لأى مكان.

يتناسى الزملاء أن السماح بزيارة إسرائيل.. وحتى فى ظروف إنسانية.. يُسقط أحد أسس المقاطعة الوطنية التى توجع العدو الصهيونى.. ولو طبقنا ما يقوله الأصدقاء عن المبادئ الخاصة بحقوق الإنسان لسقطت مبررات الكنيسة فى المقاطعة.. وتهاوت حجج المنظمات الشعبية والنقابات المهنية فى رفض العدو الصهيونى.. لتتحول بالتالى العلاقات الباردة بيننا وبينهم إلى سداح مداح.. ومن هنا وجبت تقوية أسس ومبررات الرفض الشعبى العام.. حتى لو تعارضت مع حقوق الإنسان..!

وفى تقديرى أنه لو أصدر البابا تواضروس خطاباً للشعب المصرى.. يوضح المسألة ويعد بعدم تكرارها، لأمكن حصار النيران المشتعلة حول نيافته.. ولماذا تضعنا نيافة البابا فى موقف الدفاع عنك وأنت الشخصية الكاريزمية التى تحظى بحب واحترام وتقدير المصريين جميعاً.. المسيحى والمسلم.. وهل نسيتم أنه لولا المقاطعة التى يصفونها الآن بالساذجة.. لولاها لزار مئات الألوف من الأقباط الكيان الصهيونى فى رحلات دينية تتحول بعدها لرحلات سياحية تدعم إسرائيل واقتصادها؟!

سوف أحكى حكاية عابرة.. وعندما مات اليهودى المصرى الوطنى شحاتة هارون.. وطبقاً للتعاليم اليهودية لابد من إقامة الصلاة على جثمانه بحضور أحد الحاخامات.. ولم يكن فى مصر وقتها حاخام واحد لهجرة معظمهم لإسرائيل.. ولأن شحاتة هارون عاش حياته مُعادياً للدولة الصهيوينة.. فقد أوصى بعدم الصلاة عليه بحضور حاخام إسرائيل.. لم يشأ شحاتة هارون أن يخذل الحلم المصرى حتى وهو يموت.. فأوصى باستقدام حاخام فرنسى وعدم استيراده من إسرائيل القريبة.. شحاتة لم يتحجج بأن استقدام حاخام إسرائيلى سيكون أقل كُلفة من استقدامه من فرنسا.

ومات شحاتة هارون كما يليق بيهودى مناضل عاش حياته يحارب الكيان الصهيونى.

فى تقديرى ورغم عدم وجود وجه للمقارنة.. إلا أن البابا تواضروس ليس أقل وطنية من شحاتة هارون.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية