وجدت نفسى جالساً بجوار رئيس الاتحاد الإنجليزى (للرجبى) وذلك فى دعوة رسمية للعشاء من الأمير فيليب زوج الملكة اليزابيث ملكة بريطانيا وذلك فى أفخم فنادق لندن حيث تتطلب المراسم أن ينادى مسؤول المراسم على كل ضيف قبل دخول القاعة باسم العائلة يسبقه اللقب،
كان من أجلس بجواره على المائدة هو الذى ينعم بلقب (السير) من الملكة وأظهر وداً بالغاً معى بالاهتمام والمحادثة عن مصر وعن الرياضة التى يعشقها وهى الرجبى التى يرأس اتحادها،
وقد اصطحبنى معه عدة مرات لمشاهدة نهائيات الرجبى، وأحسست بمدى ما يتمتع به (سير وليام رامسى) من مكانة اجتماعية ورياضية، وتابعت بشغف تلك الرياضة بما تحمله من عشق وإثارة وظللت على مدى سنوات عديدة أحرص على متابعتها عند سفرى للخارج، فهى مزيج من كرة اليد والقدم والمصارعة والملاكمة والجرى والوثب فى وقت واحد بكرة بيضاوية.
عدت بهذه الذاكرة الآن بمناسبة عدم وجود لعبة جماعية لنا فى مصر، فالألعاب التى نمارسها مستوانا فيها عالمياً متواضع، بداية من كرة القدم للكبار والناشئين والتى يبلغ آخر طموحات أى مدرب مصرى فيها هو وصول الفريق إلى منافسات كأس العالم فقط، ولم نسمع عن طموحات المنافسة على الأدوار النهائية لأن طموحاتنا محدودة ونكتسبها كشعب من تواضع طموحات المدربين، التى آخرها أن يفوز بالدورات الأفريقية والعربية ثم جاءت كرة اليد لتخيب آمال شعب يريد أن تكون له لعبة جماعية يهتف ويشجع ويغنى وينشد لها،
وكيف يأتى ذلك فى ظل إحباط بنتيجة المركز 14 فى بطولة العالم الأخيرة وقبلها بالمركز 17 وبينهما خيبة دورة بكين فى كرة اليد واتهام الاتحاد الجديد لمن سبقه بالمسؤولية، وإذا انتقلنا إلى لعبة جماعية أخرى فيا قلبى لا تحزن، أسوأ النتائج العالمية فى كرة الطائرة رجالاً ونساء،
يرتدون عمداً كل ما يعوق حركتهم لأعلى ولأسفل وللأمام والخلف لتأكيد قدراتهم على (محلك سر)، بالإضافة إلى أن مهارات كرة السلة ليست عندنا، وسيرة لعبة الهوكى أصلاً هو امتهان لذكائنا فى لعبة جماعية أخرى لا يتمكن فريقنا من التأهل بها للمنافسة فى الأوليمبياد ونتغنى بفريق الشرقية الذى فاز بالبطولة الأفريقية 20 مرة متتالية..
أين الهوكى أصلاً فى أفريقيا، وأين الهوكى فى الشرق الأقصى بعد تحويل أرضية الملاعب إلى ترتان وإلغاء النجيلة التى كانت الباكستانيون والهنود ينطلقون عليها كالحواة فى المراوغة وتم إبطال موهبتهم..
إن الأمل أن تكون لنا لعبة جماعية من هذه الألعاب تسعد الشعب وهذا أمل متواضع، فلا أمل لنا فى لعبة تلعب بالقدم وحدها أو باليد وحدها..
هتسألونى طيب نعمل إيه ياجلال؟.. وإجابتى أنه إذا كان لا يمكننا أن نتألق فى رياضة جماعية مما سبق ذكرها فأقترح رياضة (الرجبى) فهى تلعب باليد والرجل معاً،
بالإضافة إلى أن فيها ألعاب قوى يعنى «جرى وقفز» ولا تخلو من مصارعة كرم جابر، فهى مزيج من عدة رياضات فى رياضة جماعية واحدة. فكيف تاهت عنا هذه الرياضة التى يمكننا أن نتألق فيها عالمياً مادمنا فشلنا فى الفوز فى الرياضات الجماعية الأخرى؟
نحن نتميز بفن المراوغة وعدم الجرى أو المشى فى خط مستقيم للوصول إلى الهدف، فاللاعب يجرى ويجعل خصومه يترنحون أمام فن مراوغته، بالإضافة إلى أن الاستحواذ فى الرجبى قانونى، ولدينا رغبة كبيرة فى الاستحواذ، فنحن كمصريين نعشق الاستحواذ على كل شىء، فاللاعب يحتضن الكرة على قلبه ولا يتركها إلا بعلقة ساخنة..
وأرى أننا يمكن أن نكون مبدعين فى هذه الرياضة وسيجد الفتوات أنفسهم فى عشق وحب لممارسة الرجبى حيث يستهويهم عنف هذه الرياضة، وسيهتف الشعب وراءهم: إن لنا لعبة جماعية أخيراً نلعبها فأهلاً بنا فى لعبة الرجبى.. إيه رأيكم؟ والله فكرة ياجلال قول كمان وكمان.