فور موافقة البرلمان البريطانى على توجيه ضربات عسكرية لتنظيم «داعش» فى سوريا، شنت مقاتلات «تورنيدو» البريطانية، الخميس، أولى غاراتها على حقول نفط يسيطر عليه تنظيم «داعش» شرق البلاد، فيما رحبت كل من فرنسا والولايات المتحدة وروسيا بانضمام لندن للتحالف الدولى فى سوريا.
وصدرت موافقة البرلمان البريطانى، فى وقت متأخر مساء الاربعاء، بعد نقاش ساخن دام لأكثر من 10 ساعات انتهى بموافقة أغلبية أعضاء مجلس العموم بـ397 صوتاً مقابل223.
وفى أعقاب الموافقة، غادرت 4 مقاتلات بريطانية قاعدة «أكروتيرى» التابعة لسلاح الجو الملكى البريطانى بقبرص، والتى تُستخدم كنقطة انطلاق لشن هجمات على أهداف لـ«داعش» فى العراق منذ 2014، لتنفيذ أولى الضربات الجوية على «داعش» فى سوريا.
وقال وزير الدفاع البريطانى مايكل فالون إن الضربات استهدفت حقولا نفطية خاضعة لسيطرة «داعش» شرق سوريا، بما فيها مضخات النفط.
وأضاف أن مقاتلات «تورنادو جى آر 4» نجحت فى «استهداف 6 مواقع فى حقل العمر النفطى، بمحافظة دير الزور، والذى يسيطر عليه التنظيم منذ العام الماضى».
وتابع: هذا الحقل «يدر جزءاً كبيراً من الدخل»، الذى يستخدمه «داعش» لتمويل أنشطته الإرهابية.
وأعلن فالون إرسال بلاده 8 مقاتلات حربية أخرى إلى قاعدتها فى قبرص، للمشاركة فى ضربات جوية تستهدف «داعش» فى سوريا.
واستطرد: «نضاعف قوة الضربات، فالطائرات الثمانى الإضافية الجارى إرسالها إلى (أكروتيرى) تحلق الآن فى طريقها للقاعدة». وواصل أن «الطائرات الثمانى هى 6 مقاتلات (تايفون) وطائرتان (تورنادو)».
ومن المرتقب أن ترتكز غالبية الضربات الجوية البريطانية فى مدينة الرقة، المعقل الرئيسى لـ«داعش»، وفى المنطقة الشرقية من سوريا قرب الحدود مع العراق.
وتباينت ردود الفعل المحلية على قرار البرلمان، إذ اعتبر رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر»، أن «النواب اتخذوا القرار الصحيح للحفاظ على سلامة بريطانيا، وأن العمل العسكرى فى سوريا جزء من استراتيجية أوسع نطاقا». كما رحب وزير الخارجية البريطانى فيليب هاموند بنتيجة التصويت، قائلا إن بلاده أصبحت «أكثر أمنا بسبب الإجراءات التى اتخذها النواب».
فى المقابل، حذر زعيم الحزب العمالى جيريمى كوربين من خطورة «اندفاع بلاده إلى الحرب دون التفكير جيداً».
ورأى أن «توسيع الضربات الجوية البريطانية لن يُحدث فرقا على الأرجح».
وعارض الحزب «الوطنى الأسكتلندى»، الممثل بـ 54 مقعداً فى البرلمان، مشاركة بلاده فى العمليات العسكرية للتحالف الدولى.
وتراجعت نسبة تأييد الرأى العام البريطانى للضربات إلى 48% فقط مقابل 59%، الأسبوع الماضى، وفق استطلاع للرأى أجراه معهد «يوجوف».
وبالتزامن مع تصويت البرلمان، نظم تحالف «أوقفوا الحرب» مظاهرات أمام البرلمان البريطانى، ورفع المشاركون لافتات: «لا تقصفوا سوريا»، و«لا نريد حرباً أخرى»، فيما نام آخرون على الأرض، رابطين أنفسهم بالسلاسل أمام المدخل الرئيسى.
فى المقابل، أشادت الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا بالضربات البريطانية على «داعش»، وأثنى الرئيس الأمريكى باراك أوباما على قرار البرلمان، فيما اعتبره نظيره الفرنسى فرنسوا هولاند «رداً جديداً على الدعوة إلى تضامن الأوروبيين»، ورحب الكرملين بأى تحركات لمحاربة «داعش».
وقالت صحيفة «جارديان» البريطانية إن المقاتلات البريطانية تحمل حزمة من الأسلحة، بما فيها قنابل موجهة من طراز «Paveway IV» وصواريخ «بريمستون Brimstone» فائقة الدقة الموجهة بالليزر.
وأفادت صحيفة «تليجراف» البريطانية بأن «الجبهة الجنوبية السورية»، التى أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستدعمها بالغارات الجوية فى سوريا، أرسلت عدة رسائل وأدلة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس العموم البريطانى، تؤكد فيها أن الغارات الجوية التى تشنها مقاتلات التحالف، بما فيه الدول الغربية، ضد مواقع تنظيم «داعش»، ليست مجدية.
وانتقدت صحيفة «تايمز» البريطانية تبرير التحرك العسكرى فى سوريا، لمجرد أن «بريطانيا يجب ألا تبقى جانباً» دون استخلاص العبر من العراق وليبيا، حيث أعقبت الانتصار العسكرى حالة من الفوضى، ناجمة عن عدم التحضير بشكل جيد لمرحلة ما بعد التدخل.